وقال : «البَرهة، وتضمّ: الزمان الطويل، أو أعمّ» . ۱
(عمّا يُراد به) .
قيل : يعني أنّه فارغ غير مشتغل، ولا مشتهر في حين من زمان عمره، وهو ما قبل البعثة ، بما يُراد به بعد البعثة من إجراء أحكام دينه وحدوده، والاشتغال بهداية الناس، والجهاد مع الكفّار، وغير ذلك.
وهو مع كونه بيانا للواقع، تنبيه على عظم نعمائه تعالى عليه، حيث إنّه ربّاه من هذه الحالة إلى حالة خضعت له بها قلوب الخلائق وأعناق الجبابرة . انتهى . ۲
وأقول : لعلّ المراد ب «عمّا يُراد به» الوحي، والبعثة، وما يتعلّق بهما، نظير قوله تعالى : «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْاءِيمَانُ» الآية . ۳
وروى الصدوق بإسناده عن الحسن بن الجهم، عن الرِّضا عليه السلام ، قال : «قال اللّه ـ عزّ وجلّ ـ لنبيّه محمّد صلى الله عليه و آله : «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فَآوى»۴ ؛ يقول : ألم يجدك وحيدا، فآوى إليك الناس . «وَوَجَدَكَ ضَالّاً» ؛ يعني عند قومك، «فَهَدى»۵ أي هداهم إلى معرفتك . «وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنى»۶ ؛ يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا» . ۷
وروى في العلل بإسناده عن ابن عبّاس، قال : سُئل عن قول اللّه : «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فَآوى» ، قال : «إنّما سمّي يتيما؛ لأنّه لم يكن له نظير على وجه الأرض من الأوّلين والآخرين ، فقال ـ عزّ وجلّ ـ ممتنّا عليه: «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما» أي وحيدا، لا نظير لك، «فَآوى» إليك الناس، وعرّفهم فضلك حتّى عرفوك، «وَوَجَدَكَ ضَالّاً» ؛ يقول : منسوبا عند قومك إلى الضلالة، فهداهم بمعرفتك، «وَوَجَدَكَ عَائِلاً» ؛ يقول : فقيرا عند قومك، يقولون: لا مال لك ، فأغناك اللّه بمال خديجة ، ثمّ زادك من فضله، فجعل دعاءك مستجابا حتّى لو دعوتَ على حجرٍ أن يجعله اللّه لك ذهبا، لنقل عينه إلى مرادك، وآتاك بالطعام حيث لا طعام، وآتاك بالماء حيث لا ماء، وأغاثك بالملائكة حيث لا مُغيث، فأظفرك بهم
1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۸۱ (بره) .
2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۳۰ .
3.الشورى (۴۲) : ۵۲ .
4.الضحى (۹۳) : ۶ .
5.الضحى (۹۳) : ۷ .
6.الضحى (۹۳) : ۸ .
7.عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۲۰۰ ، ح ۱ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۱ ، ص ۷۸ ، ح ۸ .