389
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقال : «البَرهة، وتضمّ: الزمان الطويل، أو أعمّ» . ۱
(عمّا يُراد به) .
قيل : يعني أنّه فارغ غير مشتغل، ولا مشتهر في حين من زمان عمره، وهو ما قبل البعثة ، بما يُراد به بعد البعثة من إجراء أحكام دينه وحدوده، والاشتغال بهداية الناس، والجهاد مع الكفّار، وغير ذلك.
وهو مع كونه بيانا للواقع، تنبيه على عظم نعمائه تعالى عليه، حيث إنّه ربّاه من هذه الحالة إلى حالة خضعت له بها قلوب الخلائق وأعناق الجبابرة . انتهى . ۲
وأقول : لعلّ المراد ب «عمّا يُراد به» الوحي، والبعثة، وما يتعلّق بهما، نظير قوله تعالى : «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْاءِيمَانُ» الآية . ۳
وروى الصدوق بإسناده عن الحسن بن الجهم، عن الرِّضا عليه السلام ، قال : «قال اللّه ـ عزّ وجلّ ـ لنبيّه محمّد صلى الله عليه و آله : «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فَآوى»۴ ؛ يقول : ألم يجدك وحيدا، فآوى إليك الناس . «وَوَجَدَكَ ضَالّاً» ؛ يعني عند قومك، «فَهَدى»۵ أي هداهم إلى معرفتك . «وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنى»۶ ؛ يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا» . ۷
وروى في العلل بإسناده عن ابن عبّاس، قال : سُئل عن قول اللّه : «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فَآوى» ، قال : «إنّما سمّي يتيما؛ لأنّه لم يكن له نظير على وجه الأرض من الأوّلين والآخرين ، فقال ـ عزّ وجلّ ـ ممتنّا عليه: «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما» أي وحيدا، لا نظير لك، «فَآوى» إليك الناس، وعرّفهم فضلك حتّى عرفوك، «وَوَجَدَكَ ضَالّاً» ؛ يقول : منسوبا عند قومك إلى الضلالة، فهداهم بمعرفتك، «وَوَجَدَكَ عَائِلاً» ؛ يقول : فقيرا عند قومك، يقولون: لا مال لك ، فأغناك اللّه بمال خديجة ، ثمّ زادك من فضله، فجعل دعاءك مستجابا حتّى لو دعوتَ على حجرٍ أن يجعله اللّه لك ذهبا، لنقل عينه إلى مرادك، وآتاك بالطعام حيث لا طعام، وآتاك بالماء حيث لا ماء، وأغاثك بالملائكة حيث لا مُغيث، فأظفرك بهم

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۸۱ (بره) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۳۰ .

3.الشورى (۴۲) : ۵۲ .

4.الضحى (۹۳) : ۶ .

5.الضحى (۹۳) : ۷ .

6.الضحى (۹۳) : ۸ .

7.عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۲۰۰ ، ح ۱ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۱ ، ص ۷۸ ، ح ۸ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
388

وفي المغرب: «الشِّعار: نداء في الحرب يُعرف أهلها به . ومنه أنّه صلى الله عليه و آله جعل شِعارهم يوم بَدر : يا نصر اللّه ، اقترب اقترب . ويوم اُحد : يا نصر اللّه ، اقترب» انتهى .
والظاهر أنّ التشبيه باعتبار أصل النداء الذي يُعرف ويمتاز صاحبه وأهلُه عن الغير .
وقيل : إنّما شبّه الأذان بالشعار؛ لأنّه أيضا شعار لمحاربة النفس والشيطان، وهي الجهاد الأكبر . ۱
وقوله : (ويصفّ قدميه في الصلاة) .
يفهم من بعض الأخبار أنّ صفّ القدمين وضع إحداهما جنب الاُخرى، بحيث يكون البُعد بينهما قدر شبر، أو أربع أصابع مضمومة ، أو فِترٍ، وهو بالكسر: ما بين طرف الإبهام والسبّابة إذا فتحهما، ويكون رؤوس أصابعهما نحو القبلة .
(كما تصفّ الملائكة) ؛ بيان للواقع، وترغيب فيه .
(ويخشع لي قلبه ورأسه) ؛ كأنّ المراد بخشوع القلب ـ كما قيل ـ دوام ذكره، وانقياده، والاعتقاد بعجزه وحاجته . وبخشوع رأسه تطأمنه، أو خشوع لسانه، ودوام اشتغاله بالدعاء والذكر، أو خضوع قواه الباطنة؛ لأنّها في الرأس . ۲ وفي الأخيرين بُعد .
(النور في صدره) نور الإيقان، والعلم، والإيمان .
وقوله : (أصله يتيم) أي بلا أب، أو بلا نظير ، أو منفرد عن الخلق .
في القاموس: «اليُتم، بالضمّ: الانفراد، أو فقدان الأب ، ويُحرّك . وفي البهائم: فقدان الاُمّ . واليتيم: الفرد، وكلّ شيء يعزّ نظيره. وقد يتم ـ كضرب وعلم ـ يُتما، ويفتح، وهو يتيم» . ۳
(ضالّ برهة من زمانه) .
قال الفيروزآبادي : «الضلال: ضدّ الهدى . والضَّلول: الضالّ، وكلّ شيء لا يهتدى له. وضلّ هو عنّي . وضلّ يَضِلّ ـ وتفتح الضاد ـ ضَلالاً: ضاع، وخفي، وغاب. وفلانا: أنسيه. وضلّني: ذهب عنّي» . ۴

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۳۶ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۲۹ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۹۳ (يتم) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۵ (ضلل) مع التلخيص .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181422
صفحه از 624
پرینت  ارسال به