395
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله : (أذلّ قلبك بالخشية) .
قيل : أمر بالخشية؛ لأنّها تابعة للعلم باللّه ، وأنّها إذا حصلت لأحدٍ تبعثه على القيام بالعبوديّة ورعاية الأدب ، فهي أصل لقبول النصائح . ۱
(وانظر إلى من أسفل منك) ؛ يعني بحبّ الدنيا؛ فإنّ ذلك يوجب سهولة الصبر على الفائت منها وشرائدها، ويورث الرضا بما أُعطي منها، وهو أصلٌ عظيم للرضا بالمقدّر، والزُّهد في زخارف الدُّنيا ، كما أنّ النظر إلى من هو أعلى منه بحسبها يوجب خلاف ذلك ، ولذا قال : (ولا تنظر إلى من [هو] فوقك) .
وقوله : (كلّ خطيئة أو ذنب) ۲ .
الخطيئة: الذنب، أو ما يتعمّد منه، كالخِطأ ـ بالكسر ـ والخَطَأ: ما لم يتعمّد. أو الخطيئة أعمّ من الذنب؛ لأنّ ترك الأولى وخلاف المروّة خطيئة، وليس بذنب. أو الخطيئة كبائر الذنوب، والذنب صغائرها، أو بالعكس .
واحتمال كون الترديد من الراوي بعيد .
وقوله : (أطِبْ لي قلبك) أي اجعل قلبك طاهرة من الأخلاق الذميمة، والعقائد الباطلة، ومن حبّ الدُّنيا، وما يتعلّق بها لمحبّتي واستعداد معرفتي .
أو افعل ذلك خالصا لوجهي، ولا ترد به غيري .
وفي الأمالي : «أطب بي قلبك» . يُقال : طِبتُ به نفسا، أي طابت نفسي به، ورضيت عنه، وأحببته ؛ أي اجعل قلبك محبّا بي راضيا عنّي .
وقيل : أي كُن بي محبّا راضيا عنّي. وفيه ما فيه .
(وأكثر ذكري في الخلوات) ؛ لبُعده عن شائبة الرياء، وفراغ الحواسّ من التفرّق، والاشتغال بعلائق الدُّنيا ؛ ولأنّ الشيطان أكثر ما يهمّ الإنسان إذا كان وحده ، فذكره تعالى في هذه الحالة أهمّ .
(واعلم أنّ سروري أن تُبَصْبِصَ إليّ).
نسبة السرور إليه سبحانه باعتبار لازمه الذي هو الرضا والإحسان والإكرام . قال

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۳۲ .

2.في المتن الذي ضبطه الشارح رحمه الله سابقا : «وذنب» .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
394

(وكلّ قولي) أي مقولي، وإخباري .
(لك حقّ) مطابقٌ للواقع، لا يحوم حوله الشكّ والرَّيب .
وفيه تحريض بقبوله، والأخذ بموجبه .
(وأنا الحقّ المبين) .
قال صاحب العدّة : «الحقّ: المتحقّق كونه ووجوده، وكلّ شيء يصحّ وجوده وكونه فهو حقّ، كما يُقال : الجنّة حقّ كائنة، والنار حقّ كائنة» . ۱
وقال: «المبين: الظاهر البيّن بآثار قدرته وآياته، المُظهِرُ حكمته بما أبان من تدبيره، وأوضح من بيانه» . ۲
وقال الجوهري : «بانَ الشيء بيانا: اتّضح، فهو بَيِّنٌ. وكذلك أبانَ الشيء، فهو مبين. وأبَنْتُهُ أنا؛ أي أوضحته» . ۳
ويظهر منه أنّ المبين لازم متعدّ، فالتعريف الأوّل ناظر إلى الأوّل، والثاني إلى الثاني.
وفيه أيضا ترغيب باتّباع قوله، والأخذ بنُصحه .
(فحقّا أقول) ؛ يحتمل نصب «حقّا» بما بعده؛ أي أقول قولاً حقّا . ويحتمل نصبه على المصدريّة بتقدير الناصب له ؛ أي حقّ حقّا، أي ثبت، ووجب، ووقع بلا شكّ. أو من حقّه ـ كمدّه ـ إذا غلبه على الحقّ . أو من حقّ الطريق، إذا ركب حاقَّه؛ أي وسطه. أو من حَقَقتُ الأمر، إذا تحقّقته، وتيقّنته . أو من حققت فلانا؛ أي أتيته .
وعلى الأخير يحتمل نصبه على المفعوليّة . وعلى بعض الاحتمالات يحتمل أن يكون «أقول» صفة، أو جملة حاليّة، أو مستأنفة .
وقوله : (أنبأتك) أي أخبرتك، وأعلمتك .
وقوله : (وليّ) أي من يتولّى أمرك ويكفيك .
(ولا نصير) أي من ينصرك ويعاضدك .
وفي هذا الكلام وعيدٌ للعالم العامل بغير علمه بأنّ عقوبته أشدّ وأقوى من الجاهل .

1.عدّة الداعي ، ص ۳۰۲ .

2.عدّة الداعي ، ص ۳۱۰ .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۸۳ (بين) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181354
صفحه از 624
پرینت  ارسال به