وقوله : (أذلّ قلبك بالخشية) .
قيل : أمر بالخشية؛ لأنّها تابعة للعلم باللّه ، وأنّها إذا حصلت لأحدٍ تبعثه على القيام بالعبوديّة ورعاية الأدب ، فهي أصل لقبول النصائح . ۱
(وانظر إلى من أسفل منك) ؛ يعني بحبّ الدنيا؛ فإنّ ذلك يوجب سهولة الصبر على الفائت منها وشرائدها، ويورث الرضا بما أُعطي منها، وهو أصلٌ عظيم للرضا بالمقدّر، والزُّهد في زخارف الدُّنيا ، كما أنّ النظر إلى من هو أعلى منه بحسبها يوجب خلاف ذلك ، ولذا قال : (ولا تنظر إلى من [هو] فوقك) .
وقوله : (كلّ خطيئة أو ذنب) ۲ .
الخطيئة: الذنب، أو ما يتعمّد منه، كالخِطأ ـ بالكسر ـ والخَطَأ: ما لم يتعمّد. أو الخطيئة أعمّ من الذنب؛ لأنّ ترك الأولى وخلاف المروّة خطيئة، وليس بذنب. أو الخطيئة كبائر الذنوب، والذنب صغائرها، أو بالعكس .
واحتمال كون الترديد من الراوي بعيد .
وقوله : (أطِبْ لي قلبك) أي اجعل قلبك طاهرة من الأخلاق الذميمة، والعقائد الباطلة، ومن حبّ الدُّنيا، وما يتعلّق بها لمحبّتي واستعداد معرفتي .
أو افعل ذلك خالصا لوجهي، ولا ترد به غيري .
وفي الأمالي : «أطب بي قلبك» . يُقال : طِبتُ به نفسا، أي طابت نفسي به، ورضيت عنه، وأحببته ؛ أي اجعل قلبك محبّا بي راضيا عنّي .
وقيل : أي كُن بي محبّا راضيا عنّي. وفيه ما فيه .
(وأكثر ذكري في الخلوات) ؛ لبُعده عن شائبة الرياء، وفراغ الحواسّ من التفرّق، والاشتغال بعلائق الدُّنيا ؛ ولأنّ الشيطان أكثر ما يهمّ الإنسان إذا كان وحده ، فذكره تعالى في هذه الحالة أهمّ .
(واعلم أنّ سروري أن تُبَصْبِصَ إليّ).
نسبة السرور إليه سبحانه باعتبار لازمه الذي هو الرضا والإحسان والإكرام . قال