عليها بحبّ الدُّنيا. أو بالنصب؛ أي لا تجعل أنت نفسك كذلك .
ويحتمل أن يكون بالتشديد؛ أي لا تجعل نفسك في اُمور الدُّنيا بحيث يغبطها الناس، ولا تجعل نفسك بحيث تغبط الناس على ما في أيديهم وتحسدهم عليها . أو لا تجعل نفسك مسرورة متبهّجة بمتاع الدنيا .
(فإنّ الدُّنيا كفيء زائل) .
الفَيء: ما كان شمسا، فنسخه الظلّ . وتشبيه الدُّنيا به إمّا في سرعة الزوال والفناء، أو في أنّه ليس بشيء ثابت حقيقة ، أو في الاستظلال به قليلاً، ثمّ الارتحال عنه كالمسافر ، أو في أنّه يزول بالتدريج آنا فآنا، ويرى ساكنا.
وعلى التقادير الغرض منه التنفير عن الدنيا .
وكذا قوله : (وما أقبل منها كما أدبر) أي المستقبل منها كالماضي، زمانا كان أو زمانيّا، في عدم البقاء وسرعة الفناء، أو في عدم وجودك فيه .
(فنافس في الصالحات) .
الفاء فصيحة؛ أي إذا عرفت حال الدُّنيا في سرعة الزوال، وعدم إمكان التمتّع بها، فاغتنم زمانك الذي أنت فيه، وارغب في الأعمال الصالحة لدار البقاء .
(جُهدك) أي بقدر وسعك وطاقتك .
وقوله : (وإن قطعت) ؛ على صيغة المخاطب المجهول، من التقطيع، أو القطع . والأوّل أنسب بالمقام؛ لإفادته التأكيد والمبالغة .
وقوله : (ولا تكن مع الجاهلين) ۱ الذين ركنوا إلى الدُّنيا وزخارفها الفانية، وأعرضوا عن العلم وأهله، وعن الآخرة ونعيمها الباقية .
وفي أكثر النسخ : «ولا تكوننّ من الجاهلين» ، والأوّل أليق بقوله: (فإنّ الشيء يكون مع الشيء) ؛ لعلّ المراد أنّ كلّ جنس يكون مع مجانسه، ويُعدّ منه ، فجليس الفاسق يُعدّ فاسقا، وإن كان صالحا، وبالعكس ، على أنّ الصحبة مُسرية .
وقيل : المراد أنّ لكلّ عمل جزاء . ۲