397
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

عليها بحبّ الدُّنيا. أو بالنصب؛ أي لا تجعل أنت نفسك كذلك .
ويحتمل أن يكون بالتشديد؛ أي لا تجعل نفسك في اُمور الدُّنيا بحيث يغبطها الناس، ولا تجعل نفسك بحيث تغبط الناس على ما في أيديهم وتحسدهم عليها . أو لا تجعل نفسك مسرورة متبهّجة بمتاع الدنيا .
(فإنّ الدُّنيا كفيء زائل) .
الفَيء: ما كان شمسا، فنسخه الظلّ . وتشبيه الدُّنيا به إمّا في سرعة الزوال والفناء، أو في أنّه ليس بشيء ثابت حقيقة ، أو في الاستظلال به قليلاً، ثمّ الارتحال عنه كالمسافر ، أو في أنّه يزول بالتدريج آنا فآنا، ويرى ساكنا.
وعلى التقادير الغرض منه التنفير عن الدنيا .
وكذا قوله : (وما أقبل منها كما أدبر) أي المستقبل منها كالماضي، زمانا كان أو زمانيّا، في عدم البقاء وسرعة الفناء، أو في عدم وجودك فيه .
(فنافس في الصالحات) .
الفاء فصيحة؛ أي إذا عرفت حال الدُّنيا في سرعة الزوال، وعدم إمكان التمتّع بها، فاغتنم زمانك الذي أنت فيه، وارغب في الأعمال الصالحة لدار البقاء .
(جُهدك) أي بقدر وسعك وطاقتك .
وقوله : (وإن قطعت) ؛ على صيغة المخاطب المجهول، من التقطيع، أو القطع . والأوّل أنسب بالمقام؛ لإفادته التأكيد والمبالغة .
وقوله : (ولا تكن مع الجاهلين) ۱ الذين ركنوا إلى الدُّنيا وزخارفها الفانية، وأعرضوا عن العلم وأهله، وعن الآخرة ونعيمها الباقية .
وفي أكثر النسخ : «ولا تكوننّ من الجاهلين» ، والأوّل أليق بقوله: (فإنّ الشيء يكون مع الشيء) ؛ لعلّ المراد أنّ كلّ جنس يكون مع مجانسه، ويُعدّ منه ، فجليس الفاسق يُعدّ فاسقا، وإن كان صالحا، وبالعكس ، على أنّ الصحبة مُسرية .
وقيل : المراد أنّ لكلّ عمل جزاء . ۲

1.في المتن الذي ضبطه الشارح رحمه الله سابقا : «ولا تكوننّ من الجاهلين» .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۴۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
396

الجوهري : «بَصْبَصَ الكلب، وتَبَصْبَصَ: حرّك ذنبه» . ۱
وقال ابن الأثير : «يُقال : بصبص الكلب بذنبه، إذا حرّكه، وإنّما يفعل ذلك لخوفٍ أو طمع» . ۲
(كُن في ذلك) أي فيما ذكر من الإطابة، وكثرة الذِّكر والبَصْبصة .
(حيّا، ولا تكن ميّتا) .
أُريد بالحياة كمال توجّه النفس إليه تعالى، والاشتغال به عن غيره ، وبالممات خلافه .
(ولا تغترّ بالنصيحة) .
قيل : أي لا تنخدع عن النفس والشيطان بترك النصيحة، أو لا تغفل بنصح غيرك عن نصح نفسك ، أو لا تعرّض نفسك للهَلكة بترك النصيحة . ۳
وقيل : أي لا تغترّ بنصيحتي لك، وخطابي إيّاك، كما يغترّ جليس السلطان بخطابه، أو بعمل يعمله، ويعجب به . ۴
وفي بعض نسخ الكتاب وفي الأمالي : «ولا تغترّ بالصحّة»، وهو أظهر .
(ولا تغبّط نفسك) .
في القاموس :
الغِبطة، بالكسر: حسن الحال، والمسرّة، والحسد كالغبط. وقد غبطه ـ كضربه وسمعه ـ وتمنّى نعمة على أن لا تتحوّل عن صاحبها، فهو غابط . وفي الحديث : «اللّهمَّ غَبِطا لا هَبْطا»؛ أي نسألُك الغبطة، أو منزلة تغبط عليها . وفي الحديث : «إنّه جاؤوهم يصلّون، فجعل يغبّطهم» ، هكذا روي بالتشديد؛ أي يحملهم على الغبط ، ويجعل هذا الفعل عندهم ممّا يُغبَط عليه، وإن روي بالتخفيف، فيكون قد غبطهم لسبقهم إلى الصلاة . انتهى . ۵
ولعلّ «تغبط» هنا بالتخيف، و«نفسك» بالرفع ؛ أي لا تكن نفسك غابطا طالبا لمنزلة تغبط

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۳۰ (بصص) .

2.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ (بصص) .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۳۹ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۳۳ .

5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۷۵ و ۳۷۶ (غبط) مع التلخيص واختلاف يسير.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181251
صفحه از 624
پرینت  ارسال به