هؤلاء الأحياء لعدم اتّعاظهم بموتهم وعدم مبالاتهم ، كأنّهم ذهبوا إلى سَفَرٍ، وعن قريب يرجعون إليهم .
قال : ويؤيّده ما في النهج وتفسير عليّ بن إبراهيم: «وكأنّ الذي نرى من الأموات سَفْر عمّا قليل إلينا راجعون» ۱ . ۲
(بيوتهم أجداثهم) ؛ جمع الجدث ـ محرّكة ـ وهو القبر .
(ويأكلون تُراثهم) .
التُّراث، بالضمّ: الميراث، وهو ما يخلفه الإنسان لورثته ، وأصله: وُراث، قُلبت الواو تاءً؛ أي يرون هؤلاء الأحياء أنّ الأموات بيوتهم قبورهم، ومع ذلك يأكلون تراثهم، ولا يتّعظون بحالهم .
(فيظنّون [أنّهم] مخلّدون بعدهم) في الدُّنيا .
وفي بعض النسخ : «يبوّؤونهم» بدل «بيوتهم»، وهو أظهر .
وقال بعض الأفاضل : «الظاهر أنّه وقع في نسخ الكتاب تصحيف . والأظهر ما في النهج: نبوّءهُم أجداثهم، ونأكل تُراثَهم» . ۳
وأقول : في وجه الأظهريّة خفاء .
وقوله : (عاقبة سوء) ؛ بضمّ السين والإضافة .
وقوله : (فادحة) بالفاء؛ أي بليّة يثقل حملها . يُقال : فدحه الدين ـ كمنع ـ أي أثقله . وفوادح الدهر: خطوبه . والفادح: المثقل الصعب . والفادحة: النازلة .
(وبوائقَ حادثة) ؛ عطف على «نزول»، أو «فادحة».
وما قيل من أنّ الظاهر الأوّل؛ لأنّ ذكر الحادثة يتأبّى عن الثاني، ففيه ما فيه .
والبائقة: الداهية، وهي الأمر العظيم الشديد .
وقوله : (زهد فيما أحلّ اللّه له) .
في القاموس : «زهد فيه ـ كمنع وسمع وكرم ـ ضدّ رغب» ۴ ؛ يعني أنّه لم يرغب في
1.نهج البلاغة ، ص ۴۹۰ ، الكلام ۱۲۲ ؛ تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۷۰ .
2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۴۲ .
3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۹۸ (زهد) .