527
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

عمّت نعمته، وشملت رحمته لكلّ برٍّ وفاجر ، [و] مؤمن وكافر . وبالغنيّ التامّ الغنيّ المتمكِّن فيما يشاء .
وقيل : الواسع الذي لا نهاية لبرهانه، ولا غاية لسلطانه، ولا حدّ لإحسانه . ۱
(الجليل ثناؤه) .
الجليل: العظيم؛ أي لا يصل إلى أقصى ثنائه اللّائق بذاته المقدّسة عقول العارفين، ولا يحيط بمدحته وصف الواصفين .
(الصادقة أسماؤه) .
قيل : كلّ اسم من أسمائه تعالى مدحة دالّة على صفة في غاية الكمال، وصدقها عبارة عن ثبوت مدلولها في الواقع . ۲
(المحيط بالغيوب) أي بحسب العلم والقدرة .
والمراد بالغيب الذي لا يدركه الحسّ، ولا يقتضيه بديهيّة العقل، وهو قسمان : قسمٌ لا دليل عليه ـ قيل : منه قوله تعالى : «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَا هُوَ»۳ ـ وقسم نصب عليه دليل، كالصانع وصفاته، واليوم الآخر وأحواله .
(وما يخطُر على القلوب) .
في القاموس : «خَطَرَ بباله وعليه يَخطُر ويخطِر خطورا: ذكره بعد نسيان . وأخطره اللّه تعالى» . ۴
(الذي جعل الموت بين خلقه عدلاً) .
قيل: في وصفه تعالى بتقدير الموت ترغيب في طاعته، والانزجار عن معصيته ، وذكر المعاد إليه ووعدِه ووعيده، والإعراض عن الدُّنيا، وبذل الفضل، وتكميل جميع الأخلاق، فهو محض عدل، حتّى لو لم يكن موت وقع الهرج، وفسد نظام الخلق، وبطل رفاهية العيش . ۵

1.القائل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۴۵ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۹۵ .

3.الأنعام (۶) : ۵۹ .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۲ (خطر) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
526

شرح

السند مجهول .
قوله عليه السلام : (الخافض الرافع) .
الخفض: ضدّ الرفع؛ أي يخفض الجبّارين، ويضعهم، ويهينهم، ويخفض كلّ شيء يريد خفضه أو إذلاله . وهو الرافع يرفع أنبياءه وحججه على درجات القُرب والكمال، ويرفع المؤمنين بالتوفيق والإسعاد، والأولياء بالتقرّب والإمداد ، ورفع السماوات بغير عَمَد ترونها ، فكلّ رفعة وغلبة وعزّة منه تعالى .
(الضارّ النافع) أي يضرّ بالعقوبة والخذلان من استحقّ ذلك، وبالبلاء والمحن غضبا أو تكفيرا لسيّئاته، أو رافعا لدرجاته .
وإطلاق الضرر على بعض منها بحسب الظاهر، وإن كان في الواقع عائدا إلى النفع ، وأمّا إيصال نفعه تعالى من يشاء من عباده فغنيٌّ عن البيان؛ إذ لا خفاء في كونه تعالى مبدأ لكلّ رحمة، ومنشأ لكلّ نعمة وإحسان .
(الجواد الواسع) .
قال صاحب العُدّة :
الجواد، هو المُنعم المحسن، الكثير الإنعام والإحسان . والفرق بينه وبين الكريم أنّ الكريم الذي يعطي مع السؤال، والجواد الذي يعطي من غير السؤال . وقيل بالعكس ۱ . والواسع هو الذي وسِعَ غناه مفاقِرَ عباده، ووسع رزقه جميع خلقه .
وقيل : الواسع: الغنيّ . والسعة: الغنى . وفلان يُعطي من سعته؛ أي من غنائه . انتهى . ۲
وقيل : الواسع: مشتقّ من السعة، وهي تستعمل في المكان . وبهذا الاعتبار لا يمكن إطلاقه على اللّه تعالى ، وتستعمل مجازا في العلم والإنعام والمكنة والغنى . قال اللّه تعالى : «وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما»۳ . وقال : «لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ»۴ . ولذلك فسّر الواسع بالعالم المحيط بجميع المعلومات، كلّيّها وجزئيّها، موجودها ومعدومها . وبالجواد الذي

1.عدّة الداعي ، ص ۳۱۲ .

2.عدّة الداعي ، ص ۳۱۱ .

3.غافر (۴۰) : ۷ .

4.الطلاق (۶۵) : ۷ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180357
صفحه از 624
پرینت  ارسال به