543
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

(وقد وقّر قلبه ذكرُ المعاد) .
يحتمل كون «وقر» على صيغة الماضي المجرّد، وفاعله ذكر المعاد ، و«قلبه» مفعوله، من الوقر ـ بالفتح ـ وهو تثقيل الاُذن، أو إذهاب السمع كلّه؛ أي ثقل اُذن قلبه ذكر المعاد عن سماع غيره، أو أذهب سمع قلبه عن سماع غير المعاد بالكلّيّة، بحيث لا يصغي إلى ذكر غيره .
في القاموس : «الوَقْر: ثقل في الاُذن، أو ذهاب السمع كلّه. وقد وقر ـ كوعد ووجِل ـ ومصدره : وقر، بالفتح، والقياس بالتحريك. ووُقِر ـ كعُني ـ ووقرها اللّه يقرها» انتهى . ۱
وهذا صريح في أنّ الوَقْر يستعمل لازما ومتعدّيا، والمراد هنا الثاني، وإرادة الأوّل بناءً على الحذف والإيصال محتمل .
وما قيل من أنّه من الوِقر ـ بالكسر ـ وهو الحمل الثقيل، ففيه أنّ المناسب حينئذٍ: «أوقر» بالألف، ولا يستعمل منه الفعل إلّا من باب الإفعال، كما يفهم من كلام أهل اللغة .
وقرأ بعضهم: «وقّر» بتشديد القاف، وقال : التوقير هنا إمّا بمعنى التعظيم والتبجيل ، أو بمعنى الترزين والتسكين. و«قلبه» على الأوّل فاعل، وذكر المعاد مفعول . وعلى الثاني بالعكس .
قال :
والمراد بتعظيم ذكر المعاد هو التوجّه إلى الاستعداد له، وتحصيل ما ينفع فيه، وترك ما ينافيه من أغراض الدُّنيا، وبتسكين القلب وترزينه تسكينه عن الاضطراب من فوات الدُّنيا، وترزينه عن الميل إلى زهراتها . ۲
وقال بعض الأفاضل : «معناه أنّه حمل على قلبه ذكر المعاد» . قال : «ويحتمل أن يكون ذكر المعاد فاعلاً للتوقير؛ أي جعل ذكر المعاد قلبه ذا وقار لا يتّبع الشهوات والأهواء» ۳ انتهى . فليتأمّل .
(وطَوى مِهاده، وهجر وَساده) .
في القاموس : «المِهاد، ككتاب: الفِراش». ۴

1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۵۵ (وقر) .

2.قال المحقّق المازندراني رحمه الله فى شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۰۲ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله فى مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۲ .

4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۳۹ (مهد) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
542

(ودواء أجوائه) .
في القاموس : «الدواء، مثلّثة: ما داويت به، وبالقصر: المرض» . ۱
وفيه: «الجوى: الحُزن، والحُرقة، وشدّة الوَجْد، وتطاول المرض، وداء في الصدر» انتهى . ۲
والظاهر أنّ المراد بالدواء هنا المعنى الأوّل، وكونه بالنصب عطفا على العدّة، واحتمالُ إرادة المعنى الثاني منه، وجعل الإضافة بيانيّة، وعطفه على الوفاة بعيد .
وظاهر أنّ التقوى دواء الأمراض القلبيّة والبدنيّة، وميلهما عن طريق الرشاد والسداد .
(فاعتبر) ؛ عطف على قوله : (جعل) ؛ يعني تدبّر، وتفكّر في كيفيّة أحوال السابقين، وأنّهم كيف انتقلوا سريعا من هذه الدار، وارتحلوا عن المال والعيال، ونزلوا قبورهم، ولم يبق معهم سوى الأعمال . (وقاس) أحواله بأحوالهم، وقدّر نفسه على مثالهم، حتّى كأنّه كأحدهم .
(وترك الدُّنيا والناس) .
المراد بالناس أهل الدُّنيا الراغبين إليها، المائلين بزخارفها .
الواو للعطف؛ أي ترك الدُّنيا بالزهد فيها، وترك الناس مع ما هم فيه، ولم يرغب بمثل أفعالهم، ولا بمعاشرتهم ومخالطتهم؛ لعلمه بأنّها مُفسِدةٌ لدينه ودنياه .
ويحتمل أن يكون الواو بمعنى «مع» .
(يتعلّم للتفقّه والسَّداد) .
قال الجوهري : «الفقه: الفهم . تقول منه: فقِه الرجل ـ بالكسر ـ ثمّ سمّي به علم الشريعة. وتفقّه: إذا تعاطى ذلك» . ۳
وقال : «السَّداد: الصواب، والقصد من القول والعمل» ۴ انتهى .
يعني غرضه من التعلّم تحصيل الفقه والسّداد، لا الرّياء والسمعة، وصرف وجوه الناس إليه، وأمثالها ممّا ينافي الغرض المطلوب من التفقّه شرعا .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۹ (دوي) .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۴ (جوي) مع تلخيص .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۴۳ (فقه) .

4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۴۸۵ (سدد) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 159855
صفحه از 624
پرینت  ارسال به