الْمُحِبِّينَ لَهَا، الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَيْهَا، الْمَفْتُونِينَ بِهَا، أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَالْأَنْعامُ»۱ الْايَةَ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبِ امْرُؤٌ مِنْكُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيَا حَبْرَةً ۲ إِلَا أَوْرَثَتْهُ عَبْرَةً، وَلَا يُصْبِحُ فِيهَا فِي جَنَاحٍ آمِنٍ إِلَا وَهُوَ يَخَافُ فِيهَا نُزُولَ جَائِحَةٍ، أَوْ تَغَيُّرَ نِعْمَةٍ، أَوْ زَوَالَ عَافِيَةٍ، مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ وَرَاءِ ذلِكَ، وَهَوْلَ الْمُطَّلَعِ، وَالْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ، تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا عَمِلَتْ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُوا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنى.
فَاتَّقُوا اللّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ، وَسَارِعُوا إِلى رِضْوَانِ اللّهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا فِيهِ الرِّضَا؛ فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، جَعَلَنَا اللّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَعْمَلُ بِمَحَابِّهِ، وَيَجْتَنِبُ سَخَطَهُ.
ثُمَّ إِنَّ أَحْسَنَ الْقَصَصِ، وَأَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ، وَأَنْفَعَ التَّذَكُّرِ كِتَابُ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ؛ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»۳ ، أَسْتَعِيذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْاءِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ»۴ ، «إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما»۵ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبَارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَحَنَّنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّدا الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالْفَضِيلَةَ وَالْمَنْزِلَةَ الْكَرِيمَةَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّدا وَآلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ، شَرَفا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَدا، وَأَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاها، وَأَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَنَصِيبا.
اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّدا أَشْرَفَ الْمَقَامِ، وَحِبَاءَ السَّلَامُ، وَشَفَاعَةَ الْاءِسْلَامِ. اللّهُمَّ وَأَلْحِقْنَا بِهِ غَيْرَ خَزَايَا، وَلَا نَاكِبِينَ، وَلَا نَادِمِينَ، وَلَا مُبَدِّلِينَ، إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ.
ثُمَّ جَلَسَ قَلِيلاً، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ أَحَقَّ مَنْ خُشِيَ وَحُمِدَ، وَأَفْضَلَ مَنِ اتُّقِيَ وَعُبِدَ، وَأَوْلى مَنْ