559
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

اللائق به يقتضي خضوع الأشياء له بأسرها .
(ودانُوا لدوام أبديّته) .
الدين، بالكسر: العادة، والشأن. ودان؛ أي أطاع، واعتاد خيرا أو شرّا، وذلّ، وعبد، وأقرّ، واعتقد ؛ يعني أنّهم دانوا لكونه تعالى دائم الأبديّة، الباعث للعبادة والطاعة، الموجب لاستحقاقه لهما؛ فإنّ المحدَث الغير الدائم لا يستحقّ المعبوديّة، ولا يمكنه الوفاء بما وعد به، وأوعد عليه من الجزاء بعد الفناء .
(اختاره بعلمه) .
قيل : أي بأن أعطاه علمه، أو بسبب كونه عالما بأنّه يستحقّ ذلك . ۱
(واصطفاه) أي آثرَهُ واختاره.
(لوحيه) .
قال الجوهري : «الوَحي: الكتاب. والوحي أيضا: الإشارة، والكناية، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفيّ، وكلّ ما ألقيته إلى غيرك» . ۲
(وائتمنه) أي اتّخذه أمينا .
(على سرّه) .
السِّرّ، بالكسر: الذي يكتم .
(وارتضاه لخلقه) أي هدايتهم وإرشادهم .
قال الجوهري : «رضيتُ الشيء، وارتضيته، فهو مرضيّ» . ۳
(وانتدبه لعظيم أمره) .
لعلّ المراد بذلك الأمر تبليغ الرسالة، أو تحمّل المشاقّ، والصبر على الواردات مطلقا.
قال الجوهري : «ندبه لأمرٍ، فانتدب له؛ أي دعاه له، فأجاب» . ۴
وفي القاموس :
ندبه إلى الأمر، كنصره: دعاه، وحثّه، ووجّهه . وانتدب اللّه لمن خرج في سبيله:

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۶ .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۲۰ (وحي) .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۵۷ (رضي) .

4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۲۳ (ندب) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
558

ومَلِئ، كسمع» انتهى . ۱
ويفهم منه أنّ «يَمْلا»?يتعدّى ولا يتعدّى . فعلى الأوّل يكون ما بعده منصوبا على المفعوليّة ، وعلى الثاني نصبه على المصدر، أو على الحذف والإيصال .
وقوله : (الذي كان في أوّليّته متقادما) أي كان في سبق وجوده متقادما على جميع الأشياء، وليست أوّليّته وسبقه إضافيّا .
قال الجوهري : «قَدُم الشيء ـ بالضمّ ـ قَدِما، فهو قديم. وتقادم مثله» . ۲
وقال بعض الشارحين :
أشار بلفظ التقادم إلى أن ليس المراد بالقدم طول الزمان، بناءً على أنّ زيادة المباني يدلّ على زيادة المعاني، وأنّ [الفعل] بين الاثنين على وجه الغلبة، وإن لم يكن هنا بين اثنين يوجب وقوعه على وجه الكمال، وتلك الزيادة والكمال يدلّان على أنّ المراد هو الأوّليّة المنافية للحدوث . ۳
(وفي ديموميّته متسيطرا) .
يُقال : دام الشيء يدوم ويدام دَوْما ودَواما وديمومةً، وأدامه غيره. والمتسيطر : الرقيب الحافظ، والمتسلّط؛ يعني أنّه تعالى في دوامه ووجوب وجوده وامتناع طريان العدم والزوال إليه كان متسلّطا على جميع ما سواه، وإلّا كان محدثا ممكن الزوال ، وهذا خلف. أو كان حافظا رقيبا عالما بذواتهم وصفاتهم قبل إيجادهم وبعده .
(خضع الخلائق لوحدانيّته وربوبيّته وقديم أزليّته) .
الخضوع: التطامن، والتواضع. وفعله كمنع.
وإضافة القديم من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف؛ يعني أنّ تلك الأوصاف الثلاثة صارت سببا لخضوع الخلق لديه، واستكانتهم بين يديه ؛ أمّا الوحدانيّة والأزليّة فلأنّ نقيضاهما ـ أعني الشركة والحدوث ـ لا يقتضيان خضوع الجميع له تعالى، وهو ظاهر، بل يستلزمان خضوعه لغيره .
وأمّا الربوبيّة؛ فلأنّ مالكيّة كلّ شيء وإيجاده وتربيته من حدّ النقص إلى حدّ الكمال

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۰۶ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۸ (ملأ) .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۰۶ (قدم) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182673
صفحه از 624
پرینت  ارسال به