وقوله : «من الرسل» صفة للفترة، و«من» للابتداء .
والفَترة، بالفتح: الانكسار، والضعف، ويطلق على بين عيسى ومحمّد صلى الله عليه و آله ، وعلى ما بين الرسولين من رسل اللّه تعالى من الزمان الذي انقطع فيه الوحي والرسالة، واختلّ أمر الدِّين، وظهر الجهل والقساوة .
(وهَدأةٍ من العلم) أي العلم الديني .
وهدأته كناية عن كساد سوقه، وإعراض الخلق عنه . في القاموس : «هَدأ ـ كمنع ـ هَدءا وهُدُوءا: سكن . وأتانا بعد هدء من الليل وهَدءٍ وهدءَةٍ؛ أي حين هَدأ الليل» . ۱
(واختلاف من الملل) ؛ جمع الملّة ـ بالكسر ـ وهي الشريعة والدِّين .
(وكفر بالبعث والوعد) أي إنكار أصلهما، كعَبَدة الأصنام والملاحدة. أو إنكار خصوصيّاتهما، كاليهود والنصارى .
وقوله : (رحمةً للعالمين) .
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»۲ : «لأنّ ما بُعثت به سبب لإسعادهم، وموجبٌ لصلاح معاشهم ومعادهم . وقيل : كونه رحمةً للكفّار أمنُهم به من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال» انتهى . ۳
ومنهم من ذكر في تفسيره وجوها :
الأوّل : أنّه الهادي إلى اللّه ، والقائد إلى رضوانه .
الثاني : أنّ تكاليفه أسهل من تكاليف سائر الأنبياء .
الثالث : أنّه تعالى يعفو عن اُمّته بشفاعته .
الرابع : أنّه رحم كثيرا من أعدائه ببذل الأمان لهم، وقبول الجزية منهم، ولم يكن ذلك قبله .
الخامس : أنّه سأل اللّه أن يرفع عن اُمّته بعده عذاب الاستئصال، فأجابه رحمةً .
(بكتابٍ كريم) .
الباء للإلصاق، أو للمصاحبة . والكرم: ضدّ اللؤم . ولعلّ المراد هاهنا بالكريم العزيم