561
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله : «من الرسل» صفة للفترة، و«من» للابتداء .
والفَترة، بالفتح: الانكسار، والضعف، ويطلق على بين عيسى ومحمّد صلى الله عليه و آله ، وعلى ما بين الرسولين من رسل اللّه تعالى من الزمان الذي انقطع فيه الوحي والرسالة، واختلّ أمر الدِّين، وظهر الجهل والقساوة .
(وهَدأةٍ من العلم) أي العلم الديني .
وهدأته كناية عن كساد سوقه، وإعراض الخلق عنه . في القاموس : «هَدأ ـ كمنع ـ هَدءا وهُدُوءا: سكن . وأتانا بعد هدء من الليل وهَدءٍ وهدءَةٍ؛ أي حين هَدأ الليل» . ۱
(واختلاف من الملل) ؛ جمع الملّة ـ بالكسر ـ وهي الشريعة والدِّين .
(وكفر بالبعث والوعد) أي إنكار أصلهما، كعَبَدة الأصنام والملاحدة. أو إنكار خصوصيّاتهما، كاليهود والنصارى .
وقوله : (رحمةً للعالمين) .
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»۲ : «لأنّ ما بُعثت به سبب لإسعادهم، وموجبٌ لصلاح معاشهم ومعادهم . وقيل : كونه رحمةً للكفّار أمنُهم به من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال» انتهى . ۳
ومنهم من ذكر في تفسيره وجوها :
الأوّل : أنّه الهادي إلى اللّه ، والقائد إلى رضوانه .
الثاني : أنّ تكاليفه أسهل من تكاليف سائر الأنبياء .
الثالث : أنّه تعالى يعفو عن اُمّته بشفاعته .
الرابع : أنّه رحم كثيرا من أعدائه ببذل الأمان لهم، وقبول الجزية منهم، ولم يكن ذلك قبله .
الخامس : أنّه سأل اللّه أن يرفع عن اُمّته بعده عذاب الاستئصال، فأجابه رحمةً .
(بكتابٍ كريم) .
الباء للإلصاق، أو للمصاحبة . والكرم: ضدّ اللؤم . ولعلّ المراد هاهنا بالكريم العزيم

1.القاموس المحيط ، ج ۱، ص ۳۳ (هدأ) .

2.الأنبياء (۲۱) : ۱۰۷ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۱۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
560

أجابه إلى غفرانه، أو ضَمِنَ وتكفّل، أو سارع بثوابه وحُسن جزائه، أو أوجب تفضّلاً؛ أي حقّق وأحكم أن ينجز له ذلك . ۱
وبهذا ظهر فساد ما قيل : الظاهر أنّ اللّام بمعنى «إلى» ، تقول : ندبته إلى الأمر، من باب قتل، وانتدبته إليه، إذا دعوته. ۲ فتدبّر .
(ولضياء معالم دينه) أي لأن ينوّر به أحكام دينه، وقوانين شريعته، ومواضع علومه التي بها يعلم شرائع الدِّين .
(ومناهج سبيله) .
المناهج: جمع المنهج، وهو الطريق الواضح، وكأنّ الإضافة بيانيّة ، أو من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف .
(ومفتاح وحيه) .
الظاهر أنّه عطف على مفعول «انتدب»، من قبيل : «علفتها تبنا وماء بارد»؛ أي جعلته مفتاح وحيه .
وقال بعض الأفاضل : «يحتمل عطفه على قوله: «لخلقه» ـ قال : ـ ولعلّه سقط منه شيء» . ۳ ولا يخفى عليك بعد هذا التوجيه، وكذا ما ارتكبه بعض الشارحين من أنّ التركيب من قبيل «لجين الماء»؛ أي دعاه إلى وحيه الذي كالمفتاح في فتح أبواب العلوم الربّانيّة .
(وسببا لباب رحمته) ؛ عطف على «مفتاح وحيه» ؛ أي جعله سببا للوصول إلى رحمته .
في القاموس : «السبب: الحبل، وما يتوصّل به إلى غيره» . ۴
(ابتعثه على حين فَترةٍ من الرُّسل) ؛ الظاهر أنّه استئناف، أو حال .
ويحتمل كونه خبرا بعد خبرٍ؛ لأنّ في القاموس: «بعثه، كمنعه: أرسله، كابتعثه» . ۵ ولعلّ تعديته ب «على» بتضمين مثل معنى الاستيلاء ؛ أي مستوليا على حين الفترة، ومزيلاً لآثار الجهل منه .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ (ندب) مع التلخيص .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲، ص ۲۰۷ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۷ .

4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۸۱ (سبب) .

5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ (بعث) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182426
صفحه از 624
پرینت  ارسال به