565
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

ويكون بلاغا لهم، فعدل إلى الاسم الظاهر؛ للتصريح باختصاص كونه بلاغا للذين تكون غاية هممهم العبادة دون العادة، وأنّهم هم المنتفعون به.
ولك أن تجعل الواو للحال بتقدير مبتدأ .
وقوله : (حتّى أتاه اليقين) ؛ يعني الموت، سمّي به لكونه متيقّن اللحوق بكلّ ذي حياة .
وقوله : (اُوصيكم) .
في المصباح : «أوصاه؛ أي أمَرَه، وذكّره» . ۱
وفي القاموس : «أوصاه ووصّاه توصية: عَهِدَ إليه» . ۲
وقوله : (بتقوى اللّه ) ؛ متعلّق بالفعلين على سبيل التنازع .
(الذي ابتدأ بدأ الاُمور بعلمه) .
في القاموس : «بدأ به ـ كمنع ـ ابتداء. والشيء: فعله ابتداء، كأبدأه وابتدأه. واللّه الخلق: خلقهم. وأفعله بَدْءً؛ أي أوّل شيء» . ۳
وفي كثير من النسخ: «ابتدأ بَدْؤ الاُمور»، وكأنّه بناء على جعل الابتداء لازما، أو كونه بصيغة المجهول، لكن لا يساعده رسم الخطّ .
ويحتمل أن يقرأ هذه النسخة: «بُدُوّ الأمر» بالواو المشدّدة؛ أي ظهورها .
وحاصل المعنى على النسختين أنّه تعالى ابتدأ خلق الاُمور وإيجادها، وأخرجها من ظلمة العدم إلى نور الوجود بعلمه المحيط المقتضي لإعطاء كلّ شيءٍ ما أراده من الحقائق ولوازمها وآثارها بقدرته واختياره، ففيه نفي إيجاب الصانع تعالى، وإثبات حدوث العالم .
(وإليه) أي إلى اللّه تعالى .
(يصير غدا ميعادها) أي ميعاد تلك الاُمور .
وأراد بالغد يوم القيامة .
(وبيده) أي بقدرته .
(فناؤها وفناؤكم) .
تقديم الخبر للحصر .

1.المصباح المنير، ص ۲۳۹ (وصي).

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۰۰ (وصي) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۸ (بدأ) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
564

(لئلّا يكون للناس على اللّه حجّة بعد الرسل) .
اللّام متعلّقة بالإرسال، و«حجّة» اسم «يكون»، وخبره «للناس» ، أو «على اللّه »، والآخر حال، و«بعد» ظرف للحجّة، أو صفة لها .
قال بعض المفسّرين :
حجّتهم لو لم يرسل إليهم رسولاً وكتابا، أن يقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولاً، فينبّهنا ويعلّمنا ما لم نكن نعلم . وفيه تنبيه على أنّ بعثة الأنبياء إلى الناس ضرورة؛ لقصور الكلّ عن إدراك جزئيّات المصالح، والأكثر عن إدراك كلّيّاتها . ۱
(ويكون بلاغا لقومٍ عابدين) ؛ إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّ فِي هذَا لَبَلَاغا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ»۲ ، والمشار إليه بهذا ما ذكر قبل هذه الآية من الأخبار والمواعظ والمواعيد .
والبلاغ، بالفتح: الكفاية، واسم من التبليغ والإبلاغ، وهما للإيصال .
ويمكن أن يُراد هنا سبب البلوغ إلى البُغية . والمراد بالعابدين المستعدّين للعبادة .
إذا عرفت هذا، فاعلم أنّ الظاهر أن تكون الجملة عطفا على «لئلّا يكون»، والمستتر في «يكون» عائد إلى الكتاب. وعوده إلى الرسول، أو إلى الدِّين احتمال .
إن قلت : يلزم على هذا اشتمال المعطوف على ضمير دون المعطوف عليه .
قلت : قد حكم بعض الأفاضل بعدم امتناع مثل هذا العطف، وربّما نقل أنّ هذا ممّا جوّزه جماعة من النحاة في مثل قولهم: «الذي يطير، فيغضب زيد الذباب»، وعندي في صحّة هذا الحكم وثبوت النقل عنهم إشكال . والمشهور فيما بينهم الحكم بامتناعه، وجعل الفاء في المثال المذكور للسببيّة، ومنهم من جعله للعطف، بتقدير العائد في المعطوف؛ أي فيغضب بسببه .
ومنهم من جعله للعطف من دون تقدير العائد، وخصّ هذا الحكم بالفاء دون غيره . قال ابن مالك :

«واخصص بفاء عطف ما ليس صلةعلى الذي استقرّ أنّه الصلة».۳
وفيما نحن فيه يمكن أن يكون العائد الإظهار في موضع الإضمار، بأن يكون أصله:

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۸ .

2.الأنبياء (۲۱): ۱۰۶.

3.اُنظر: شرح ابن عقيل، ج ۲، ص ۲۲۸.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182029
صفحه از 624
پرینت  ارسال به