567
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

والحاصل : أنّ حال أهل الدُّنيا والراغبين إليها في سرعة زوالهم وانقطاع نعيم الدُّنيا عنهم بعد تنعّمهم بها، وإقبالهم بالكلّيّة عليها، واغترارهم بزخارفها شبيهة بحال الأرض في سرعة تعقّب فناء زخرفها وزينتها بالنبات بعد كمال نضرتها وخضرتها، وحُسنها وبهجتها .
وقوله عليه السلام : (مع أنّه لم يُصب ...) ؛ إشارة إلى شوب نعماء الدُّنيا ببلائها، وخلط زهراتها بآفاتها، تحذيرا عن الركون إليها، والميل إلى تحصيلها .
قال الجوهري : «الخَيرة: الفاضلة من كلّ شيء. الخيرات جمع» . ۱
وفي القاموس :
الخير: المال، والخيل، والكثير الخير، كخيّر ـ ككيّس ـ وهي بهاء. الجمع: أخيار. وبالكسر: الكرم، والشرف . وخار تخيّر: صار ذا خَيْر. والرجل على غيره خَيرَةً وخيّرا وخيرةً: فضّله. واخترته الرجال، واخترته منهم وعليهم. والاسم: الخيرة، بالكسر، وكعِنبة . ۲
وفي النهاية: «خار اللّه لك ؛ أي أعطاك ما هو [خير] لك . والخير بسكون الياء الاسم منه» . ۳
وفي بعض النسخ: «حَبْرَةً» بالحاء المهملة المفتوحة، والباء الموحّدة، وهي السرور.
والنعمة : خير. والحسنة: وسعة العيش . والعَبرة، بالفتح: الدمعة قبل أن تفيض ، أو الحزن بلا بكاء، أو تردّد البكاء في الصدر. كذا في القاموس. ۴
وفي الصحاح: «العَبرة: تحلّب الدمع» . ۵
وقوله : (في جَناح آمن) .
قيل : أي في ظلّ جناحٍ آمن، أو تحت جناحه كبيض الطير أو فرخه. وفيه مكنيّة وتخييليّة . ۶ انتهى .
قال الفيروزآبادي : «الجناح: اليد، والعضد، والابط، والجانب، ونَفْسُ الشيء، والكتف،

1.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۵۱ (خير) .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۵ (خير) مع التلخيص .

3.النهاية ، ج ۲ ، ص ۹۱ (خير) .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۸۳ (عبر) .

5.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۳۲ (عبر) .

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۱۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
566

(وتصرّم أيّامكم) ؛ عطف على الفناء. والتصرّم: التقطّع .
(وفناء آجالكم) .
الأجل، محرّكة: غاية الوقت في الموت، ومدّة الشيء . والأنسب هنا المعنى الثاني .
(وانقطاع مدّتكم) .
المدّة، بالضمّ: الغاية من الزمان ، والمكان الطويل من الدقّة، أو أعمّ .
(فكأن قد زالت عن قليل عنّا وعنكم) .
«كان» على صيغة الفعل. والمستتر في «زالت» راجع إلى الأيّام والآجال والمدّة . وكلمة «عن» الأولى بمعنى بعد، كما قيل في قوله تعالى : «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ»۱ .
وقوله : (فتجافوا عنها) أي تنحّوا عن الدُّنيا، واتركوها، ولا تطمئنّوا فيها .
في القاموس : «جفا الشيء جَفاء، وتجافى: لم يلزم مكانه» ۲ ؛ فإنّ المغترّ مَن اغترّ بها .
في القاموس : «غرّه غرّا وغرورا وغِرّة، فهو مغرور وغرير: خدعه، وأطمعه بالباطل. فاغترّ هو. والغارّ: الغافل. واغترّ: غفل» ۳ انتهى .
وكأنّ تعريف المسند إليه للحصر؛ أي المخترع أو الغافل إنّما هو من اختدع بالدُّنيا، وغفل عن مكرها وحيلها، وركن إليها، واشتغل بزخارفها الفانية، وأعرض عن الصالحات الباقية .
(لن تعدو الدُّنيا) إلى قوله: (الآية) .
قد مرّ تفسير الآية بتمامها في كلام عليّ بن الحسين عليهماالسلام . ويحتمل أن يكون قوله: «الآية» من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، أو من كلام أبي عبد اللّه عليه السلام . فتدبّر .
وقوله : «أن تكون» مفعول «لن تَعدُو». يقال : عداه يعدوه، إذا جاوزه .
والاُمنيّة، بالضمّ: التمنّي، وهو المراد والمقصود؛ أي لن نتجاوز الدُّنيا إذا انتهت ووصلت إلينا متمنّيات الراغبين فيها، أو بلغت اُمنيّتهم فيها إلى الغاية والنهاية عن تلك الحالة ، وهي كونها مشابهة لما تضمّنته الآية الكريمة .

1.المؤمنون (۲۳) : ۴۰ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۳ (جفو) .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰۱ (غرر) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181860
صفحه از 624
پرینت  ارسال به