569
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قال اللّه ـ عزّ وجلّ ـ في سورة النجم : «إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اهْتَدى * وَللّهِِ مَا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا»۱ .
قال البيضاوي :
بعقاب ما عملوا من السوء، أو بمثله، أو بسبب ما عملوا من السوء، وهو بمثله دلّ عليه ما قبله؛ أي خلق العالَم، وسوّاه للجزاء. أو ميّز الضالّ عن المهتدي، وحَفِظ أحوالهم لذلك ، «وَيَجْزِي الَّذِيْنَ أَحْسَنُوا بِالحُسْنى» : بالمثوبة الحسنى، وهي الجنّة، أو بأحسن من أعمالهم، أو بسبب الأعمال الحسنى . ۲ انتهى .
والظاهر أنّ اللّام في الحديث تعليل للوقوف .
(وسارعوا إلى رضوان اللّه ) .
الرضوان، بالكسر والضمّ: الرضا . والمراد هاهنا سببه .
وقوله : (بمَحابّه) ؛ يحتمل أن يكون بفتح الميم وتشديد الباء، جمع محبوبة؛ أي الأعمال المحبوبة للّه . أو جمع محبّ، أو محبّة، اسم مكان من الحبّ، كمصادر ومدارس في جمع مصدر ومدرسة .
وقيل: المُحابّ اسم مفعول، بمعنى المحبوب في لغة هذيل . ۳
(ويجتنب سخطه) أي موجبات سخطه وعقوبته .
(ثمّ إنّ أحسن القصص) .
في القاموس : «قصّ أثره قصّا وقصيصا: تتبّعه. والخبر: أعلمه . والقصّة، بالكسر: الأمر، والذي يكتب، الجمع كعنب» . ۴
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ»۵ :
أي أحسن الاقتصاص؛ لأنّه اقتصّ على أبدع الأساليب. أو أحسن ما يقصّ؛ لاشتماله على العجائب والحِكم والآيات والعِبَر ، فعل بمعنى مفعول، كالنقص

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۱۲ .

2.النجم (۵۳) : ۳۰ و ۳۱ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۵۸ .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۱۳ (قصص) مع التلخيص .

5.يوسف (۱۲) : ۳ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
568

والناحية، والطائفة من الشيء ـ ويضمّ ـ والرَّوشن، والمنظر . ونحن في جناح سفر ؛ أي نريده» . ۱
أقول : جميع هذه المعاني محتملة هنا، ولا يحتاج إلى تقدير مضاف، وارتكاب استعارة عند إرادة أكثرها .
وقوله : (جائحة) .
قال الجوهري : «الجَوْح: الاستئصال. ومنه الجائحة، وهي الشدّة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة». ۲
وقوله : (وهولَ المطّلَع) ؛ بفتح اللّام، أي الموت .
وقيل : المراد به رؤية ملك الموت . ۳
وقال الجوهري : «هو موضع الاطّلاع من إشراف إلى انحدار» . ۴
وقال الجزري : «يريد به الموقف يوم القيامة، أو ما يُشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبّهه بالمطّلع الذي يشرف عليه من موضع عال» . ۵
(والوقوفَ بين يدي الحكم العدل) .
في القاموس : «الحكم، بالضمّ: القضاء. والحاكم : مُنفِذ الحكم، كالحَكَم محرّكة» . ۶
وقد أشار عليه السلام بذكر الوقوف إلى ذلّ الخلائق حينئذٍ، وبذكر الحكم إلى نفاذ حكمه تعالى عليهم، وبذكر العدل إلى أنّه يثيب المطيع، ويعاقب العاصي، ولا يجور في حكمه .
وقوله : (تُجزى) على بناء المجهول . و(كلّ نفس) قائم مقام فاعله .
ولعلّ الجملة حاليّة، وذو الحال النفس الواقفة التي تفهم من الوقوف. وذكر كلّ نفس من قبيل وضع المظهر موضع المضمر .
وقيل : كأنّ الجملة استئنافيّة، جوابا عن سبب الوقوف، أو غَرَضه . ۷
وقوله : (ليجزي الذين أساؤؤا ...) تفصيل للسابق .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۱۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۱۹ (جنح) .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۶۰ (جوح) .

4.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۵۴ (طلع) .

5.النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۳۳ (طلع) .

6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۹۸ (حكم) .

7.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۱۲ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181647
صفحه از 624
پرینت  ارسال به