595
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله تعالى : «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» أي تقاتلوا .
قال الجوهري : «تقاتل القوم واقتتلوا بمعنى، ولم يدغم؛ لأنّ التاء غير لازمة». ۱ والجمع باعتبار المعنى؛ فإنّ كلّ طائفة جمع، والتركيب من قبيل : «وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ»۲ .
«فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا» بالنصح، والدعاء إلى حكم اللّه .
«فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا» ؛ فإن تعدّت إحدى الطائفتين .
«عَلَى الْأُخْرى» ؛ فطلبت ما ليست بمستحقّة له .
«فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» أي تتعدّى في القتال، أو بالعدول عن الصلح .
«حَتّى تَفِى ءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ» ؛ ترجع إلى حكمه، أو إلى ما اُمرت به من ترك القتال والبغي .
وقيل: إلى كتاب اللّه ، وسنّة نبيّه . والمآل واحد .
«فَإِنْ فَاءَتْ» أي رجعت بعد القتال إلى أمر اللّه .
«فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ»۳ .
قال البيضاوي : «بفصل ما بينهما على ما حكم اللّه ، وتقييد الإصلاح بالعدل هاهنا لأنّه مظنّة الحيف من حيث إنّه بعد المقاتلة» ۴ انتهى .
وقال بعض المفسّرين :
الآية تدلّ على جواز قتال الباغي بالسلاح ، وعلى أنّه إذا قَبَض عن الحرب تُرِك، كما جاء في الحديث؛ لأنّه فاء إلى أمر اللّه ، وأنّه يجب معاونة من يُبغى عليه بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة، وأنّ الباغي مؤمن .
وروي عن عليّ عليه السلام : «إخوانُنا بَغَوا علينا» ۵ . والصحيح أنّ الباغية في حال بغيها ليست بمؤمنة، فسمّاهم المؤمنين باعتبار كونهم مؤمنين قبل البغي، ونظيره قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ»۶ ، وليس بمؤمن حالة الارتداد . ۷

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۹۹ (قتل) .

2.التوبة (۹) : ۶ .

3.الحجرات (۴۹) : ۹ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۱۶ .

5.قرب الإسناد ، ص ۹۴ ، ح ۳۱۸ . وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۸۳ ، ح ۲۰۰۳۳ .

6.المائدة (۵) : ۵۴ .

7.اُنظر: تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۱۶ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
594

«فَإِنَّا مُبْرِمُونَ» ۱ أمرا في مجازاتهم، أو أم أحكم المشركون أمرا من كيدهم بالرسول، فإنّا مبرمون كيدنا .
ويؤيّده قوله : «أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ» حديث أنفسهم بذلك.
«وَنَجْوَاهُمْ» وتناجيهم .
«بَلى» نسمعها.
«وَرُسُلُنَا» والحَفَظة مع ذلك.
«لَدَيْهِمْ» تلازم لهم.
«يَكْتُبُونَ»۲ ذلك . ۳ انتهى .
وعلى تفسيره عليه السلام يكون المراد أنّهم أبرموا أمر التعاهد والتعاقد في ردّ الخلافة ومنعها عن بني هاشم، وأحكموا ذلك الأمر بزعمهم ، وهو سبحانه أبرَمَ في مجازاتهم، وأحكم أمر الخلافة في أهلها .
وقوله : (يُشبه) من الإشباه، أو التشبيه على بناء المفعول . يُقال : أشبهه؛ أي ماثله. وشبّهه إيّاه، وبه تشبيها: مثّله، وجعله مثله .
(يوم) ؛ منصوب على التقديرين.
وقوله : (كُتب الكتاب) يحتمل كونه على صيغة الفعل المجهول، أو المصدر .
(إلّا يوم قُتل الحسين عليه السلام ) .
التشبيه باعتبار كونهما مصيبة عظيمة وبليّة شديدة لأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم؛ لكون الأوّل أصلاً وسببا للثاني .
وقوله : (فقد كان ذلك كلّه).
كلمة «كان» تامّة؛ أي فقد تحقّق ووقع كلّ من كتب الكتاب في قتل الحسين عليه السلام ، وخروج المُلك من بني هاشم، كما أخبر اللّه نبيّه .
وقيل : ناقصة، وخبرها محذوف ؛ أي في علم اللّه تعالى . ۴

1.الزخرف (۴۳) : ۷۹ .

2.الزخرف (۴۳) : ۸۰ .

3.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۱۵۴.

4.احتمله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۲۲ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181149
صفحه از 624
پرینت  ارسال به