وقوله تعالى : «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» أي تقاتلوا .
قال الجوهري : «تقاتل القوم واقتتلوا بمعنى، ولم يدغم؛ لأنّ التاء غير لازمة». ۱ والجمع باعتبار المعنى؛ فإنّ كلّ طائفة جمع، والتركيب من قبيل : «وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ»۲ .
«فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا» بالنصح، والدعاء إلى حكم اللّه .
«فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا» ؛ فإن تعدّت إحدى الطائفتين .
«عَلَى الْأُخْرى» ؛ فطلبت ما ليست بمستحقّة له .
«فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» أي تتعدّى في القتال، أو بالعدول عن الصلح .
«حَتّى تَفِى ءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ» ؛ ترجع إلى حكمه، أو إلى ما اُمرت به من ترك القتال والبغي .
وقيل: إلى كتاب اللّه ، وسنّة نبيّه . والمآل واحد .
«فَإِنْ فَاءَتْ» أي رجعت بعد القتال إلى أمر اللّه .
«فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ»۳ .
قال البيضاوي : «بفصل ما بينهما على ما حكم اللّه ، وتقييد الإصلاح بالعدل هاهنا لأنّه مظنّة الحيف من حيث إنّه بعد المقاتلة» ۴ انتهى .
وقال بعض المفسّرين :
الآية تدلّ على جواز قتال الباغي بالسلاح ، وعلى أنّه إذا قَبَض عن الحرب تُرِك، كما جاء في الحديث؛ لأنّه فاء إلى أمر اللّه ، وأنّه يجب معاونة من يُبغى عليه بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة، وأنّ الباغي مؤمن .
وروي عن عليّ عليه السلام : «إخوانُنا بَغَوا علينا» ۵ . والصحيح أنّ الباغية في حال بغيها ليست بمؤمنة، فسمّاهم المؤمنين باعتبار كونهم مؤمنين قبل البغي، ونظيره قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ»۶ ، وليس بمؤمن حالة الارتداد . ۷
1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۹۹ (قتل) .
2.التوبة (۹) : ۶ .
3.الحجرات (۴۹) : ۹ .
4.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۱۶ .
5.قرب الإسناد ، ص ۹۴ ، ح ۳۱۸ . وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۸۳ ، ح ۲۰۰۳۳ .
6.المائدة (۵) : ۵۴ .
7.اُنظر: تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۱۶ .