61
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

المفسّرين قوله تعالى : «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ» . ۱
وهذا التوجيه قريب من الأوّل .
وقيل : المراد بالمشيّة هنا العلم . وهذا التوجيه وإن كان مستبعدا بحسب اللغة والعرف، إلّا أنّه لا يحتاج إلى ارتكاب بعض التكلّفات .
ويظهر ممّا ذكر سرّ ما روي : أنّه تعالى شاء ولم يرض، واللّه تعالى يعلم، ونحن في ذلك من المسلّمين . ۲
والظاهر أنّ الفاء في قوله : (فتعاونوا) فصيحة؛ أي إذا عرفتم المواعظ السابقة أصلاً وفرعا، فتعاونوا .
«عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى» .
قال بعض المفسّرين : «أي على العفو والإغضاء ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى» . ۳«وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْاءِثْمِ» ؛ بترك الأوامر وفعل المناهي .
«وَالْعُدْوَ نِ»۴ أي الظلم على الغير للتشفّي والانتقام .

متن الحديث الأربعين

۰.وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ:أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً»۵ ، فَقَالَ: «كَانَ [النَّاسُ ]قَبْلَ نُوحٍ أُمَّةَ ضَلَالٍ، فَبَدَا لِلّهِ، فَبَعَثَ الْمُرْسَلِينَ، وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ: لَمْ يَزَلْ، وَكَذَبُوا، يَفْرُقُ ۶ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، مَا كَانَ مِنْ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءٍ أَوْ مَطَرٍ بِقَدْرِ مَا يَشَاءُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُقَدِّرَ إِلى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ».

1.الإنسان (۷۶) : ۳۰ ؛ التكوير (۸۱) : ۲۹ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۳۰ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۲۹۲ .

4.المائدة (۵) : ۲ .

5.البقرة (۲) : ۲۱۳ .

6.في الطبعة القديمة : + «اللّه » . وفي حاشية النسخة : «بالتخفيف والتشديد، وبهما قرئ قوله تعالى: «فِيهَا يَفْرُقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» [الدخان (۴۴) : ۴]».


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
60

(وإنّ طاعة اللّه نَجاح) بالفتح؛ أي ظفر بالحوائج .
(من كلّ خير يُبتغى) أي يطلب .
ولعلّ كلمة «من» للتعليل . وفي الفقيه والأمالي: «نجاح كلّ خير» بدون «من»، وهو أظهر .
وقوله : (يعصم مَن أطاعه) أي يمنعه من الشرور والآفات، أو من إغواء الشيطان .
(ولا يعتصم به من عصاه) .
يُقال : اعتصمت باللّه ، إذا امتنعت بلطفه من المعصية . وفي الكتابين: «ولا يعتصم منه» . ۱
قيل : لعلّ المراد أنّ العاصي قطع سبب العصمة بينه وبين اللّه ، فلا يعصمه اللّه من الشرور في الدُّنيا والآخرة . ۲
(ولا يجد الهارب من اللّه مَهربا) أي موضعا حصينا يهرب إليه، ويحتفظ به؛ إذ كلّ مهرب يفرض فهو في ملكه وسلطانه .
(وإنّ أمر اللّه نازل) ؛ ظاهره مطلق الأمر، وإرادة خصوص من الموت احتمال.
وكذا قوله : (كلّ ما هو آت قريب) ؛ يحتمل الأمرين .
وقيل : الغرض من هذا الكلام الترغيب في الطاعة، والزجر عن المعصية بانقطاع زمانهما سريعا، وترتّب ما لكلّ منهما عليه من قريب . ۳
(ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكن) .
مرَّ تحقيق هذا الكلام في كتاب التوحيد من الاُصول ، وجملة القول فيه ما أفاده بعض الأفاضل أنّ :
هذا في فعله تعالى ظاهر ، وأمّا في فعل العباد فباعتبار أنّه تعالى لمّا أعطاهم القوّة على الطاعة والمعصية، ولم يجبرهم على شيء منهما تحقيقا لمعنى الاختيار والتكليف، فقد شاء صدورهما منهم؛ إذ لو لم يشأ لما أعطاهم تلك القوّة، ولجبرهم على الطاعة ، أو باعتبار أنّه لمّا شاء مشيّتهم فقد شاء أفعالهم ، وبهذا فسّر بعض

1.واستصوبه العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۸۸ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۸۸ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۳۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180454
صفحه از 624
پرینت  ارسال به