تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المؤمن جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوّة» . ۱
ومن طريق آخر لهم : «أنّها جزء من سبعين جزءا من النبوّة» . ۲
قال محيي الدِّين البغوي : فسّر أبو داود تقارب الزمان باعتدال الليل والنهار، ووجّه ذلك باعتدال الأمزجة حينئذٍ، فلا يكون في المنام أضغاث أحلام؛ فإنّ موجبها إنّما هو غلبة خلط على المزاج .
وفسّره غيره بقرب القيامة . ويشهد الثاني أنّ هذا الخبر جاء من طريق أبي هريرة أنّه قال : «في آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن» . ۳
وقال القرطبي : «المراد بآخر الزمان الزمان الذي فيه الطائفة التي تبقى مع عيسى عليه السلام بعد قتل دجّال، تبقى سبع سنين ليس بين اثنين منهم عداوة، فهم أحسن الاُمّة حالاً، وأصدقهم قولاً، وكانت رؤياهم لا تكذب» .
وقد قال صلى الله عليه و آله : «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا» .
وردَّ ابن العربي التفسير الأوّل بأنّه لا أثر لاعتدال الزمان في صدق الرؤيا إلّا على ما يقوله الفلاسفة من اعتدال الأمزجة حينئذٍ ، ثمّ إنّه وإن كان هذا في الاعتدال الأوّل، لكن في الاعتدال الثاني حين تحلّ الشمس برأس الميزان الأمر بالعكس ؛ لأنّه تسقط حينئذٍ الأوراق، ويتغلّس الماء من الثمار .
ثمّ قال : والصحيح التفسير الثاني؛ لأنّ القيامة هي الحاقّة التي تحقّ فيها الحقائق، وكلّ ما قرب منها فهو أخصّ بها .
وقال الآبيّ : فسّره بعض الشافعيّة بثالث، هو من قوله عليه السلام : «يتقارب الزمان حتّى تكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة» ، قالوا : وذلك عند خروج المهديّ عليه السلام ، وهو زمان يقصر ويتقارب أجزاؤه للاستلذاذ به .
هذا كلامهم . ثمّ قال الشارح :
1.مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۵۰۷ ؛ صحيح مسلم ، ج ۷ ، ص ۵۲ ؛ الجامع الصغير، ج ۲ ، ص ۷۴ ، ح ۴۶۶ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۵ ، ص ۳۷۱ ، ح ۴۱۴۲۷ .
2.مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۳۱۵ ؛ و ج ۲ ، ص ۱۱۹ ؛ صحيح مسلم ، ح ۷ ، ص ۵۴ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۲۸۲ ، ح ۳۸۹۵ ؛ مجمع الزوائد ، ح ۷ ، ص ۱۷۲ .
3.اُنظر : فتح الباري لابن حجر ، ج ۱۲ ، ص ۳۵۶ .