بعض ما ذكر من الأخبار لا بوروده على النجاسة ، وإلّا لما يتطهّر متنجّس بالقليل ، وبه قال الشافعي ۱ .
ونسب السيّد في الناصريّات إلى ما عدا الشافعيّة من العامّة القول بعدم الفرق وتأثّره بالنجاسة مطلقا ۲ .
والفرق قويّ ، وكفاك شاهدا عليه النهي عن إدخال اليد القذرة في الإناء ، والأمر بإفراغ الماء عليه ، ويتفرّع على ذلك طهارة الغسالة ، فإنّه إذا لم ينجس الماء بوروده على النجس لم ينجس بخروجه عنه بالطريق الأولى ، كما ادّعاه الشهيد في الذكرى ۳ .
ويؤكّد ذلك ما دلّ على طهارة ماء الاستنجاء ما لم يتغيّر أو يكن عين النجاسة معه من غير حاجة إلى استثناء ، وكذا المشهور تأثّره عن كلّ نجاسة ورد عليه ؛ لعموم ما ذكر من الأدلّة .
وظاهر الشيخ قدس سره في الاستبصار عدم تأثّره عمّا لايدركه الطرف من الدم كرؤوس الإبر ؛ محتجّا عليه بخبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن رجل رعف فامتخط فصار ذلك الدم قطعا صغارا ، فأصاب إناءه ، هل يصلح الوضوء منه ؟ قال : «إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلابأس ، وإن كان شيئا بيّنا فلايتوضّأ منه» ۴ .
وقد حكم العلّامة بصحّته في المنتهى ۵ والمختلف ۶ .
1.. حكاه عنه الشيرازي في المهذّب ، ج ۱ ، ص ۴۹ ؛ وابن رشد الحفيد في بداية المجتهد ، ص ۲۴ ؛ وابن عبدالبرّ في الاستذكار ، ج ۱ ، ص ۱۹۶ ؛ والنووي في المجموع، ج ۱ ، ص ۱۳۸ .
2.. الناصريّات ، ص ۷۲ ، كتاب الطهارة ، المسألة الثالثة .
3.. الذكرى ، ج ۱ ، ص ۸۵ ، فإنّه قال بعد نقل كلام المرتضى بعدم نجاسة الماء الوارد : «إنّ ذلك يلزمه» .
وقال بعد نقل القول بنجاسة الغسالة : «فلم يبق دليل سوى الاحتياط ، فلا ريب فيه ، فعلى هذا ماء الغسالة كمغسولها بعدها ، أو كمغسولها بعد الغسل» .
4.. الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۲۳ ، ح ۵۷ . ورواه أيضا في تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۴۱۲ ـ ۴۱۳ ، ح ۱۲۹۹ . وهذا هو الحديث ۱۶ من باب النوادر من كتاب الطهارة من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ ـ ۱۵۱ ، ح ۳۷۵ .
5.. منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۵۲ .
6.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۱۸۲ .