139
شرح فروع الکافي ج1

واعلم أنّه احتجّ بهذا الخبر كلّ من قال بوجوب عشرة للقليل ، واختلفوا في توجيهه ، فقيل : «لأنّ الدلاء جمع قلّة والعشرة أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع» كما فعله الشيخ في التهذيب .
وقيل : «لأنّه أقلّ مراتب جمع الكثرة» .
وقال الشهيد الثاني : «فيهما نظر» . ۱ أمّا الأوّل ؛ فلأنّ الدلاء جمع كثرة كما هو المعلوم من قواعد العربيّة ۲ ، وعلى تقدير تسليم كونه جمع قلّة فلابدّ من حمله على الأقلّ كما هو المعلوم من حال الشارع في جميع أبواب الفقه ، فحمله على الثلاث أولى .
وأمّا الثاني ، فلأنّ أقلّ جمع الكثرة أحد عشرة ، والعشر إنّما هو أكثر مراتب جمع القلّة ، على أنّ الفرق بين الجمعين اصطلاح جديد يأباه العرف ، والحكم الشرعي منوط به ، كما يعلم ذلك من أبواب الأقارير والوصايا وغيرهما .وقيل : «مبنى الاحتجاج على أنّ الدلاء جمع كثرة حملت على المعنى المجازي ، وإنّما حملت على العشر ترجيحا لأقرب المجازات إلى الحقيقة» .
وفيه ما فيه .ثمّ الظاهر من الأخبار أنّ الاعتبار في كثرة الدم وقلّته بحال الدم نفسه ، ونقل عن القطب الراوندي أنّه اعتبر حال ماء البئر في الغزارة والنزارة ، فربّ دم يكون كثيرا في بئر [ يكون ]قليلاً في اُخرى . ۳ وإطلاق الأخبار وكلام جماعة من العلماء الأخيار منهم المفيد والصدوقان يعطي عدم الفرق في ذلك بين الدماء الثلاثة وغيرها ، ورجّحه المحقّق في المعتبر ۴ ، ونسب

1.. شرح اللمعة ، ج ۱ ، ص ۲۶۸ .

2.. أي لأنّ «أوزان» جمع القلّة معلومة ، وهذا ليس منها ، قال ابن مالك في الألفيّة : «أفعلة أفعل ثمّ فعلةثمّة أفعال جموع قلّة».

3.. نقله عنه الشهيد الأوّل في الذكرى ، ج ۱ ، ص ۱۰۰ ؛ والشهيد الثاني في روض الجنان ، ج ۱ ، ص ۴۰۰ .

4.. المعتبر ، ج ۱ ، ص ۵۹ .


شرح فروع الکافي ج1
138

إدريس ۱ والسلّار ۲ وابن البرّاج ۳ ، ولم أجد مستندا للجزء الأوّل منه أصلاً ، وأمّا الجزء الثاني فكأنّهم اعتمدوا فيه على هذه المكاتبة بتأويل يأتي عن قريب .
وثالثها : قول السيّد المرتضى على ما حكي عنه أنّه قال في مصباحه : «ينزح للدم ما بين دلو واحد إلى عشرين من غير تفصيل» ۴ ، واحتجّ عليه في المختلف ۵ بقوله عليه السلام : «الدم والخمر والميّت ولحم الخنزير في ذلك كلّه واحد ينزح منه عشرون دلوا» فيما سبق عن زرارة . ۶
ورابعها : ما حكي عن بعض من غير تعيين قائله ، وهو وجوب ثلاثين دلوا مطلقا ؛ محتجّا عليه بخبر كردويه المتقدّم ، وهو كماترى .
وخامسها : ما حكي أيضا عن بعض من غير تعيين ؛ من وجوب عشرة للقليل وثلاثين للكثير ، ولم أعثر على مستند له ، بل يردّه بعض ما تقدّم من الأخبار .
وسادسها: قول المفيد رحمه الله في المقنعة بوجوب عشرة للكثير وخمسة للقليل ۷ ، واحتجّ عليه الشيخ في التهذيب بهذه المكاتبة ، وقال : وجه الاستدلال هو أنّه قال : «ينزح منها دلاء» ، وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة ۸ .
وفيه مع ما سيأتي أنّها لاتدلّ على التفصيل المدّعى ، بل يناقضه ؛ لأنّ ظاهرها عطف الدم فيها على البول ، فيكون حكما للقليل ، ولو جعل عطفا على القطرات لأفهم وجوب العشر مطلقا .

1.. المهذّب البارع ، ج ۱ ، ص ۲۲ .

2.. السرائر ، ج ۱ ص ۷۹ .

3.. المراسم ، ص ۳۵ ـ ۳۶ .

4.. حكاه في المعتبر ، ج ۱ ، ص ۶۵ عن المصباح للسيّد المرتضى .

5.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۱۹۹ .

6.. الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۵ ، ح ۹۶ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۲۴۱ ، ح ۶۹۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۱۷۹ ، ح ۴۴۶ .

7.. المقنعة ، ص ۶۷ .

8.. تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۲۴۴ ـ ۲۴۵ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 159470
صفحه از 527
پرینت  ارسال به