واعلم أنّه احتجّ بهذا الخبر كلّ من قال بوجوب عشرة للقليل ، واختلفوا في توجيهه ، فقيل : «لأنّ الدلاء جمع قلّة والعشرة أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع» كما فعله الشيخ في التهذيب .
وقيل : «لأنّه أقلّ مراتب جمع الكثرة» .
وقال الشهيد الثاني : «فيهما نظر» . ۱ أمّا الأوّل ؛ فلأنّ الدلاء جمع كثرة كما هو المعلوم من قواعد العربيّة ۲ ، وعلى تقدير تسليم كونه جمع قلّة فلابدّ من حمله على الأقلّ كما هو المعلوم من حال الشارع في جميع أبواب الفقه ، فحمله على الثلاث أولى .
وأمّا الثاني ، فلأنّ أقلّ جمع الكثرة أحد عشرة ، والعشر إنّما هو أكثر مراتب جمع القلّة ، على أنّ الفرق بين الجمعين اصطلاح جديد يأباه العرف ، والحكم الشرعي منوط به ، كما يعلم ذلك من أبواب الأقارير والوصايا وغيرهما .وقيل : «مبنى الاحتجاج على أنّ الدلاء جمع كثرة حملت على المعنى المجازي ، وإنّما حملت على العشر ترجيحا لأقرب المجازات إلى الحقيقة» .
وفيه ما فيه .ثمّ الظاهر من الأخبار أنّ الاعتبار في كثرة الدم وقلّته بحال الدم نفسه ، ونقل عن القطب الراوندي أنّه اعتبر حال ماء البئر في الغزارة والنزارة ، فربّ دم يكون كثيرا في بئر [ يكون ]قليلاً في اُخرى . ۳ وإطلاق الأخبار وكلام جماعة من العلماء الأخيار منهم المفيد والصدوقان يعطي عدم الفرق في ذلك بين الدماء الثلاثة وغيرها ، ورجّحه المحقّق في المعتبر ۴ ، ونسب
1.. شرح اللمعة ، ج ۱ ، ص ۲۶۸ .
2.. أي لأنّ «أوزان» جمع القلّة معلومة ، وهذا ليس منها ، قال ابن مالك في الألفيّة :
«أفعلة أفعل ثمّ فعلةثمّة أفعال جموع قلّة».
3.. نقله عنه الشهيد الأوّل في الذكرى ، ج ۱ ، ص ۱۰۰ ؛ والشهيد الثاني في روض الجنان ، ج ۱ ، ص ۴۰۰ .
4.. المعتبر ، ج ۱ ، ص ۵۹ .