269
شرح فروع الکافي ج1

«إنّ تناول الكلمة لمعنيين مختلفين من باب التعمية والإلغاز» ۱ ) .
وهو غير مجوّز لا سيّما في كلامه سبحانه .
وهناك فائدة لابدّ من التنبيه عليها ، فنقول : الوضوء إنّما وجب بأصل الشرع للصلاة والطواف الواجبَين ، ويدلّ عليه وجوبه لهما أخبار متكثّرة تجيء في مواضعه ، ويستحبّ فيما عداهما في مواضع متعدّدة ، قال صاحب المدارك :
والذي يجتمع من الأخبار وكلام الأصحاب أنّه يستحبّ للصلاة والطواف المندوبين ، ومسّ كتاب اللّه وقراءته وحمله ، ودخول المساجد ، واستدامة الطهارة ، وهو المراد بالكون عليها ، وللتأهّب لصلاة الفريضة قبل دخول وقتها ليوقعها في أوّل الوقت ، وللتجديد ، وصلاة الجنازة ، وطلب الحوائج ، وزيارة قبور المؤمنين ، وما لايشترط فيه الطهارة من مناسك الحجّ ، وللنوم ، ويتأكّد في الجُنُب وجماع المحتلم قبل الغُسل ، وذكر الحائض ، وجماع المرأة الحامل مخافة مجيء الولد أعمى القلب بخيل اليد بدونه ، وجماع غاسل الميّت ولمّا يغتسل إذا كان الغاسل جنبا ، ولمريد إدخال الميّت قبره ، ووضوء الميّت مضافا إلى غُسله على قول ، ولإرادة وطي جارية بعد وطي اُخرى ، وبالمذي في قول قويّ ، والرعاف ، والقيء ، والتخليل المخرج للدم إذا كرهها الطبع ، والخارج من الذَكَر بعد الاستبراء ، والزيادة على أبيات شعر باطل ، والقهقهة في الصلاة عمدا ، والتقبيل بشهوة ، ومسّ الفرج ، وبعد الاستنجاء بالماء للمتوضّي قبله ولو كان قد استجمر ، وقد ورد بجميع ذلك الخبر .
ثمّ استشكل بأنّ في كثير منها قصورا من حيث السند وقال :
وما قيل من أنّ أدلّة السنن يتسامح فيها بما لا يتسامح في غيرها ، فمنظور فيه ؛ لأنّ الاستحباب حكم شرعي فيتوقّف على الدليل الشرعي كسائر الأحكام الشرعيّة ۲ ) .
ونُقِل عن الشيخ بهاء الملّة والدين ۳ ) أنّه قال في درايته :

1.. الكشّاف ، ج ۱ ، ص ۵۹۶ .

2.. مدارك الأحكام ، ج ۱ ، ص ۱۲ ـ ۱۳ .

3.. شيخ الإسلام والمسلمين علاّمة البشر ومجدّد دين الأئمّة عليهم السلام على رأس القرن الحاديعشر ، محمّد بن الحسين بن عبدالصمد الجبعي العاملي الحارثي ، من ولد الحارث بن عبداللّه الأعور من خواصّ أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام ، إليه انتهت رئاسة المذهب والملّة ، وبه قامت قواطع البراهين والأدلّة ، ولد ببعلبك عند غروب الشمس يوم الأربعاء لثلاث عشر بقين من ذي الحجّة سنة ۹۵۳ ، وانتقل به أبوه إلى بلاد العجم ، وأخذ عن والده وغيره من الجهابذة ، فلمّا اشتدّ كاهلاً صفت له من العلم مناهله ولي بها شيخة الإسلام ، ثمّ رغب في الفقر والسياحة ، فترك المناصب ومال لما هو لحاله مناسب ، فحجّ بيت اللّه الحرام وزار النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، ثمّ أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة ، ثمّ عاد وقطن بأرض العجم ، فألّف وصنّف ، من تصنيفاته : الأربعين ، تشريح الأفلاك ، الجامع العبّاسي ، حبل المتين ، خلاصة الحساب ، الزبدة ، الصمديّة ، العروة الوثقى ، الكشكول ، المخلاة ، مشرق الشمسين ، الوجيزة في الدراية ، وغيرها من المصنّفات الكثيرة ، توفّي الشيخ البهائي في شهر شوّال سنة ۱۰۳۱ في إصفهان ، وانتقل جسده الشريف إلى المشهد الرضوي ودفن بها قريبا من الحضرة الرضويّة عليه السلام . راجع : خاتمة المستدرك ، ج ۲ ، ص ۲۱۸ وما بعده ؛ الكنى والألقاب ، ج ۲ ، ص ۱۰۰ ـ ۱۰۲ .


شرح فروع الکافي ج1
268

ممسوح محدود على ممسوح غير محدود ، فتقابل الجملتان ۱ ) .
وأمّا الجواب عن احتجاجهم بما ذكروه من الأخبار ؛ فبأنّ الخبر الأوّل مردود لإرساله ، ومعارضته لما نقلناعنهم عنه صلّى اللّه عليه [ وآله ] في الوضوء البياني ، وهو مؤيّد بما نقلنا عنهم عن أميرالمؤمنين عليه السلام ، عنه صلى الله عليه و آله ، وعن ابن عبّاس ، عنهما عليهماالسلام ، وعن معظم الصحابة ، وكذا الحال في باقيما ذكروه من الأخبار .
على أنّ خبر البخاري ليس صريحا في أنّ الغسل المأمور به بدل عن المسح ، بل ظاهره أنّ الأمر به إنّما كان زائدا على المسح ؛ لنجاسة أعقابهم لكونها مشقوقة مدماة غالبا .
وقيل : إنّهم كانوا يبولون على شقاق أعقابهم ؛ لظنّهم أنّ البول نافع .
وأمّا تجويزهم المسح على الخفّين ، فسيأتي دليلهم في محلّه .
ولمّا رأى صاحب الكشّاف القائل بغسل الرِجلَين جرّ الجوار منكرا وحمل مسح الأرجل على مسح الخفّين مستقبحا ، حكم بأنّ جرّ «أرجلكم» للعطف على «رؤوسكم» ، لكن لا لتُمسح بل لتُقصَد في صبّ الماء عليها وتُغسَل غَسلاً خفيفا شبيها بالمسح ؛ زجرا عن إسراف الماء ۲ ) .
ولايخفى سخافة هذا أيضا ؛ لأنّ المعطوف في حكم المعطوف عليه ، وحكم المعطوف عليه هو المسح ، فلابدّ أن تكون هي أيضا ممسوحة ، ومن أين فهم الفسل !والخفّة ؟ على أنّه يلزم حينئذٍ استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز كليهما ، وذلك غير جائز عنده ؛ بدليل أنّه منع حمل اغسلوا في الآية على الوجوب والندب جميعا ، وقال :

1.. الانتصار ، ص ۱۱۰ ، تعيين مسح الرجلين في الوضوء . وبعده في نسخة «ب» : «وأمّا حمل المسح على مسح الخفّين ، ففساده واضح ؛ إذ لم يجر لهما ذكر ولا دلّت عليهما قرينة ، ولبسهما في الحجاز كان نادرا ، على أنّه يردّ قولهم بذلك أخبار متعدّدة من طرقهم تأتي في باب مسح الخفّ» ، وهذه الفقرات مذكورة في نسخة «أ» أيضا ، لكنّه شطب عليها .

2.. الكشّاف ، ج ۱ ، ص ۵۹۷ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126067
صفحه از 527
پرینت  ارسال به