فيما ذهب إليه لم يقل به أحد من الخاصّة والعامّة ، ومع ذلك مخالف لبعض الروايات ، مثل ما روى ميسّر عن الباقر عليه السلام أنّه وصف الكعب في ظهر القَدم ، وما رواه أيضا عنه عليه السلام أنّه وضع يده على ظهر القدم وقال : «هذا هو الكعب» .
ومنهم الشيخ عليّ قدس سره ، قال في شرح القواعد :
ما ذكره المصنّف من تفسير الكعبين خلاف ما أجمع عليه أصحابنا ، وهو من متفرّداته ، مع أنّه قدس سرهادّعى أنّه المراد من عبارات الأصحاب ، وأنّ من فهم غير هذا فهو ليس بمحصّل ، وهو عجيب ؛ فإنّ عبارات الأصحاب صريحة في غيرمراده ناطقة بأنّهما الناتيان في ظهر القدم أمام الساق ۱ ) .
ومنهم عميد الرؤساء ۲ ) ، قال في كتاب الكعب : «القول بأنّ نفس المفصل هو الكعب ، لم يوافق مقالة أحد من الخاصّة والعامّة ، ولا كلام أهل اللغة ، ولم يساعد عليه الاشتقاق الذي ذكروه ؛ فإنّهم قالوا : اشتقاقه من كعب إذا ارتفع ، ولا ارتفاع للمفصل» .
ومنهم الشهيد الثاني ، قال في شرح الإرشاد بعد ما نقل روايتين تدلاّن على أنّ الكعب في ظهر القدم : «لاريب أنّ الكعب الذي يدّعيه المصنّف ليس في ظهر القدم ، وإنّما هو المفصل بين الساق والقدم ، والمفصل بين الشيئين يمتنع كونه في أحدهما» ۳ ) .
وجميع هذه التشنيعات تدور على اُمور خمسة ۴ ) : الأوّل : أنّ قوله خرق لما أجمع عليه الاُمّة وإحداث قول ثالث لم يقل به أحد ، فكيف يدّعي أنّه قول أصحابنا .
الثاني : أنّه مخالف لكلام أهل اللغة ؛ إذ لم يقل أحد منهم أنّ المفصل كَعب .
الثالث : أنّه مخالف للاشتقاق .
1.. جامع المقاصد ، ج ۱ ، ص ۲۲۰ .
2.. رضيّ الدين أبومنصور عميدالرؤساء هبة اللّه بن حامد بن أحمد بن أيّوب الحلّي ، أديب ، نحوي ، لغوي ، صاحب كتاب الكعب ، والمنقول قوله في بحث الوضوء ، والمعوّل عليه عند تحقيق المسألة ، كان من تلامذة ابن الخشّاب النحوي المعروف وابن العصّار اللغوي ، وكان الوزير ابن العلقمي المشهور من تلامذة عميدالرؤساء هذا ، يروي عنه والد ابن معيّة كتاب الصحيفة الكاملة ، كما يرويها عن ابن السكون ، وهو مشهور بين الخاصّة والعامّة ، وأقواله مذكورة في كتب كلتا الطائفتين ، مات في سنة ۶۰۹ أو ۶۱۰ . راجع : رياض العلماء ، ج ۵ ، ص ۳۰۷ ـ ۳۱۰ ؛ الكنى والألقاب ، ج ۲ ، ص ۴۸۶ ؛ الذريعة ، ج ۱۸ ، ص ۸۵ ، الرقم ۷۹۷ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ۱۳ ، ص ۱۳۶ .
3.. روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان ، ج ۱ ، ص ۱۰۹ .
4.. في الحبل المتين : «اُمور سبعة» ، فذكر إشكالين آخرين أيضا مضافا على الخمسة المذكورة هنا وأجاب عنهما .