الصلاة إلّا به» ، ويؤكّدها خبر الهيثم بن عروة( ۱ ) .
وذهب السيّد في الانتصار ( ۲ ) والناصريّات ( ۳ ) إلى استحباب ذلك وأحال احتجاجه على كتبه الاُخرى .
فإن قيل ( ۴ ) : كلا القولين على خلاف ما دلّ عليه الدليل القطعي ؛ وهو الآية الكريمة ؛ فإنّها دلّت على وجوب البدأة من الأصابع والانتهاء إلى المرافق ، وما ذكر من أدلّتهما ظنّيّة لاتعارض القطعي .
لأنّا نقول : ليس الأمر كذلك ؛ فإنّ الابتداء والانتهاء يحتمل أن يكونا للمغسول ، على أنّ «إلى» قد جاء بمعنى «مع» على ما صرّح به في [ فتح ] العزيز ، قال :
قال اللّه تعالى : «وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ » ( ۵ ) ، وكلمة إلى قد تستعمل بمعنى مع كقوله تعالى : «وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَ لَهُمْ إِلَى أَمْوَ لِكُمْ » ( ۶ ) ، وقوله [ عزّ اسمه ] : «مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ » ( ۷ ) ، وهو المراد هنا ؛ لما روي من أنّه صلى الله عليه و آله كان إذا توضّأ أمرّ الماء على مرفقيه ، وروي أنّه أدار الماء على مرفقيه ثمّ قال : «هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلّا به» ( ۸ ) .
فهي وإن كانت قطعيّة المتن لكنّها ظنّيّة الدلالة ، فيصحّ تأويلها بأدلّة دلالتها قطعيّة بل متنها أيضا ؛ لإجماع أهل العلم من الفريقين على روايتها ، ولذا قال صاحب كنز العرفان ( ۹ ) : «الآية لا تدلّ على الابتداء بالمرافق ولا الأصابع» ، ويؤيّد ذلك أنّ أحدا من العلماء لم يقل بوجوب البدأة من الأصابع بل أجمعوا على مشروعيّة البدأة بالمرافق
1.. وهو الحديث ۵ من هذا الباب من الكافي .
2.. الانتصار ، ص ۹۹ كيفيّة غسل اليدين .
3.. الناصريّات ، ص ۱۱۸ غسل اليدين .
4.. في هامش «ج» : «لا يقال ـ ظ» .
5.. المائدة (۵) : ۶ .
6.. النساء (۴) : ۲ .
7.. آل عمران (۳) : ۵۲ .
8.. فتح العزيز ، ج ۱ ، ص ۳۴۷ .
9.. صاحب كنز العرفان هو الشيخ مقداد بن عبداللّه السيوري الأسدي الحلّي المعروف بالفاضل المقداد ، من تلاميذ الشهيد الأوّل ، توفّي في سنة ۸۲۶ ه ق ، وتقدّمت ترجمته .