وربّما نزّل على الترتيب الحكمي ، ونزّله الشهيد الثاني ۱ تنزيلاً دائرا بينه وبين الارتماس ؛ معلّلاً بأنّه عليه السلام حكم بصحّة هذا الغسل على تقدير مساواته للغسل بالماء في غير المطر ، ومعلوم أنّ الغسل بغيره ينقسم إلى ترتيب وارتماس ، فيلحق ما أشبهه ، فإن كان المطر غزيرا بحيث يغسله دفعة عرفيّة كان كالارتماس في الحكم ، وإن تراخى وحصل معه الجريان على الأعضاء كان كغسل الترتيبي .
وأنت تعلم أنّ المتبادر من التشبيه في الخبر وصول الماء إلى جميع الأعضاء الظاهرة والمختفية ، وهو لايستلزم الارتماس ولا الترتيب ، وأنت إذا تأمّلت الأخبار وجدت أنّ جميع هذه الأصناف ترجع إلى أمر واحد وهو غسل جميع البدن كيف ما اتّفق .
ويؤيّده إطلاق الاطّهار في قوله تعالى : «وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ »۲
، ولكنّ الأفضل في الترتيبي تقديم الرأس على الجسد ؛ للجمع بين ما ذكر وبين ما رواه المصنّف من حسنة زرارة ۳ ، إلّا أن يحمل صحيحة هشام الثانية على وقوع سهو من الراوي في تقديم الجسد على الرأس ، فيجب ، فتأمّل في المقام فإنّه حقيق به .
الثانية : اشتهر بين الأصحاب وجوب الوضوء للصلاة مع كلّ غسل ، واجبا كان أو مستحبّا ، قبله أو بعده ، وأفضليّته قبله ، إلّا غسل الجنابة فإنّه لا وضوء معه لا قبله ولا بعده ، لا وجوبا ولا استحبابا .
واحتجّوا عليه بمرسلة ابن أبيعمير ۴ ، وما رواه الشيخ عن ابن أبيعمير ، عن حمّاد بن عثمان أو غيره ، عن أبيعبداللّه عليه السلام : «فى كلّ غسل وضوء إلّا الجنابة» ۵ .
1.. هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي .
2.. روض الجنان ، ج ۱ ، ص ۱۵۶ ، وجوب غسل البشرة والترتيب .
3.. المائدة (۵) : ۶ .
4.. هو الحديث ۱۳ من هذا الباب من الكافي .
5.. تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۱۴۳ ، ح ۴۰۳ ؛ وص ۳۰۲ ، ح ۸۸۱ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۲۰۹ ، ح ۷۳۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲ ، ص ۲۴۸ ، ح ۲۰۷۳ .