وخيّر الشيخ في النهاية 1 والمبسوط 2 بين تقديمه وتأخيره ، وعدّ التقديم أفضل ، وتبعه الأكثر .
واستقربه العلّامة في المختلف محتجّا عليه بأصالة براءة الذمّة عن وجوب التقديم ، وبأنّ الوضوء إنّما يراد للصلاة ، فلاتجب قبله ، وبخروجه عن عهدة الغسل باغتساله قبل الوضوء 3 .
وكلّ ذلك محلّ التأمّل ، فتأمّل .
قوله في صحيحة محمّد بن مسلم : (ثمّ تصبّ على رأسك ثلاثا) إلخ . [ ح 1/4005 ] الظاهر أنّ المراد بالثلاث والمرّتين الحفنات والحفنتين ، والتكرير للمبالغة فى الغسل ، وإنّما أراد في الرأس لزيادة الاحتياج فيه لمكان الشعر .
وقال ـ طاب ثراه ـ :
لاخلاف في وجوب التخليل عندنا وعند بعض العامّة إذا منع الشعر من وصول الماء إلى البشرة ، وبعضهم لايوجبونه في ستر الرأس واللحية كما في الوضوء .
ثمّ قال :
وفي قوله عليه السلام : «فما جرى عليه الماء فقد طهر» ، حجّة لمن قال : غسل كلّ عضو يرفع الحدث عنه بانفراده ، وهو مذهب الشافعيّة أيضا ، وقيل : لايطهر عضو قبل الفراغ من الغسل وإلّا يلزم جواز مسّ المصحف على تقدير غسل العضو الماسّ وحده ، وذلك باطل اتّفاقا ، وهو ممنوع ، لا لما قيل من أنّ القائل بطهارة كلّ عضو بانفراده يقول : إنّما يعرف ذلك بإكمال الغسل ، فإكماله كاشف عنه ، فلايجوز مسّ المصحف قبل ظهور الكاشف ، فإنّه ليس كذلك ، بل القائل بها يرى أنّ العضو بنفس الفراغ منه يطهر بدون انتظار شيء آخر ، بل لمنع الملازمة ؛ إذ الشرط في جواز مسّ المصحف طهارة الشخص لا طهارة العضو الماسّ ، فإنّهم إنّما تمسّكوا في ذلك بقوله تعالى : «لَا يَمَسُّهُ إِلَا
1.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۳۴۳ .
2.. النهاية ، ص ۲۳ ، باب الجنابة وأحكامها وكيفيّة الطهارة منها .
3.. المبسوط ، ج ۱ ، ص ۳۰ ، غسل الجنابة وأحكامها .