ماء؟» زاعما أنّ هذا يدلّ من حيث المفهوم على وجوبه بوطي الدبر .
وفيه : أنّ المتبادر من الملامسة والإدخال الوط ء في القبل ، والمفهوم إنّما يكون حجّة إذا لم يعارضه منطوق ، وقد عرفت وجود المعارض .
على أنّ ذلك إنّما يكون قياسا لاشتراك الوطيين في الحكم ، وهو باطل عندنا .
وكذا الظاهر ذلك في وطي دبر الغلام ؛ لما ذكر ، وهو اختيار الشيخ؛ متمسّكا بما ذكر من أصالة البراءة ، وعدم دليلٍ صالح عليه ۱ .
وخالفه السيّد المرتضى ۲ محتجّا بالإجماع المركّب ، يعني أنّ كلّ من أوجبه وطي دبر المرأة أوجبه بوطي دبر الغلام أيضا ، وكلّ من نفاه في الغلام نفاه في المرأة أيضا ، وقد ثبت وجوبه في المرأة ، فيثبت في الغلام أيضا ، وإلّا لكان قولاً ثالثا خارقا للإجماع المركّب ، وبه قال الشافعي ۳ وأبوحنيفة ۴ وأحمد ۵ .
وفيه ما فيه .
وقد وقع ذلك الخلاف في الموطوءة دبرا ، وفي الموطوء أيضا .
وأمّا إنزال المنيّ فهو موجب للغسل مطلقا عند أهل العلم من الفريقين ، والأخبار متظافرة عليه من الطريقين ، وكفاك ما ذكره المصنّف في الباب والباب الآتي .
والمنيّ ـ وربّما عبّر عنه في الأخبار بالماء الأكبر ـ هو الماء الغليظ الدافق غالبا الخارج بالشهوة تشبه رائحته رائحة الطلع رطبا ورائحة البيض يابسا ، وقد يتخلّف عنه بعض الصفات لعلّة ، وإنّما سمّي منيّا لأنّه يراق ، كما سمّيت مِنى مِنى لإراقة الدماء بها ۶ .
1.. هذان الدليلان مذكوران في المبسوط ، ج ۱ ، ص ۲۸ ، ذيل الحكم بعدم وجوب الغسل في وطي البهيمة .
2.. حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج ۱ ، ص ۱۸۱ ؛ والعلّامة في منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۱۸۵ ؛ وفي تذكرة الفقهاء ، ج ۱ ، ص ۲۲۶ ، المسألة ۶۷ .
3.. المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۱۳۲ ؛ روضة الطالبين ، ج ۱ ، ص ۱۹۲ ؛ مغني المحتاج ، ج ۱ ، ص ۶۹ .
4.. تحفة الفقهاء ، ج ۱ ، ص ۲۷ ؛ بدائع الصنائع ، ج ۱ ، ص ۳۶ .
5.. المغني ، ج ۱ ، ص ۲۰۴ ؛ الشرح الكبير ، ج ۱ ، ص ۲۰۲ .
6.. ما ذكره في معنى المنيّ وخصوصيّاته من منتهى المطلب للعلاّمة ، ج ۲ ، ص ۱۶۵ .