وممّا انفردت الإماميّة به القول بأنّ الجنب والحائض يجوز أن يقرءا القرآن ما شاءا إلّا عزائم السجود ، وإنّما كانت منفردة بذلك ؛ لأنّ داوود يبيحهما قراءة قليل القرآن وكثيره من غير استثناء 1 ، ومذهب مالك أنّه يجوز للجنب أن يقرأ من القرآن الآية والآيتين ، ويجيز للحائض والنفساء أن تقرءا من القرآن ما شاءا 2 ، وأبوحنيفة وأصحابه يحظرون على الجنب والحائض قراءة القرآن إلّا أن يكون دون آية 3 ، فأمّا الشافعي 4 فيمنعهما من قراءة القليل والكثير 5 .
الثالثة : أجمع أهل العلم إلّا ما سيحكى على حرمة لبث الجنب والحائض والنفساء في المساجد مطلقا ، والمشهور بينهم حرمة الجواز في المسجدين وجوازه في باقي المساجد .
وفي الدروس : «وألحق المفيد في الغريّة وابن الجنيد المشاهد المشرّفة بالمساجد ، وهو حسن ؛ لتحقّق معنى المسجديّة فيها وزيادة» 6 .
وعن أبيحنيفة تحريم الجواز في أيّ مسجد كان 7 ، لنا ما رواه المصنّف بسندين ـ ضعيف وحسن ـ عن جميل بن درّاج 8 ، وما سبق في الحسن عن محمّد بن مسلم 9 .
وربّما احتجّ عليه بقوله تعالى : «لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَـرَى حَتَّى تَعْلَمُواْ
1.. تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۳۷۱ ، ح ۱۱۳۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲ ، ص ۲۱۸ ، ح ۱۹۷۰ صدره ، و۲۰۹ ، ح ۱۹۴۷ ذيله .
2.. المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ .
3.. المبسوط للسرخسي ، ج ۳ ، ص ۱۵۲ ، كتاب الحيض ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۱ ، ص ۱۳۴ ؛ المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ في إحدى الروايتين عنه .
4.. المبسوط للسرخسي ، ج ۳ ، ص ۱۵۲ ، كتاب الحيض ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۱ ، ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵ ؛ شرح معاني الآثار ، ج ۱ ، ص ۹۰ ؛ بدائع الصنائع ، ج ۱ ، ص ۳۸ ؛ المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ .
5.. المغني لابن قدامة ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ ؛ المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ ؛ سنن الترمذي ، ج ۱ ، ص ۸۸ ، ذيل ح ۱۳۱ .
6.. الانتصار ، ص ۱۲۱ ـ ۱۲۲ .
7.. الدروس ، ج ۱ ، ص ۱۰۲ ، آخر الدرس ۸ ؛ الذكرى ، ج ۱ ، ص ۲۷۸ ، واللفظ منه .
8.. المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۱۷۲ .
9.. هما الحديثان ۳ و۴ من هذا الباب من الكافي .