ولا اعتبار بالبلّة ؛ فإنّها لاتوجب السراية ، ويدلّ عليه خبرا أبياُسامة ۱ ، وربّما حملهما جماعة على حال الاضطرار ؛ ظنّا منهم عدم الفرق بين البلّة والرطوبة ، ولم أجد دليلاً لهم ، لا نصّا ولا اعتبارا .
باب المنيّ والمذي يصيبان الثوب [ والجسد ]
قال ـ طاب ثراه ـ :
أجمع أصحابنا الإماميّة على نجاسة المنيّ ، ويدلّ عليها أحاديث هذا الباب وغيرها من الأخبار، وقال بطهارته الشافعي ۲ وجماعة من محدّثيهم ، واستدلّوا لها بما رووه : أنّ رجلاً نزل بعائشة ، فأصبح يغسل ثوبه ، فقالت عائشة : «إنّما كان يجزيك إن رأيته أن تغسل مكانه ، فإن لم تر نضحت حوله ، لقد رأيتني أفرك من ثوب رسول اللّه صلى الله عليه و آله فركا» ۳ .
ووجّهوه بأنّه لو كان نجسا لما كان الفرك باليد كافيا .
واحتجّوا أيضا بأنّه أصل الخلقة ، فيكون طاهرا كالتراب .
وبأنّه خلقت منه الأنبياء عليهم السلام ، فكيف يكون نجسا ؟
والجواب عن الأوّل ـ على تقدير حجّيّته ـ : أنّ المراد بالفرك الفرك بالماء لا باليد وحدها ، وإلّا لناقض أوّل الكلام آخره ، وهذا التأويل أولى من تأويل الغسل بكونه للنظافة والنزاهة ؛ لورود الأمر بالغسل منه في روايات اُخرى لهم أيضا ۴ .
1.. هما الحديثان ۱ و ۲ من هذا الباب من الكافي .
2.. الاُمّ ، ج ۱ ، ص ۷۲ و۷۵ ، باب المنيّ ؛ فتح العزيز ، ج ۱ ، ص ۱۹۰ ، في النجاسات ؛ المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۵۵۳ ؛ إعانة الطالبين ، ج ۱ ، ص ۱۰۳ .
3.. صحيح مسلم ، ج ۱ ، ص ۱۶۴ ، باب حكم المنيّ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۴ ، ص ۲۱۷ ؛ السنن الكبرى للبيقهي ، ج ۲ ، ص ۴۱۷ مع مغايرة في بعض الألفاظ ؛ المجموع للنووي ، ج ۲ ، ص ۵۵۴ . وورد ذيله في : الاُمّ للشافعي ، ج ۱ ، ص ۷۳ ؛ مسند الطيالسي ، ص ۲۰۲ ؛ سنن النسائي ، ج ۱ ، ص ۱۵۶ باب فرك المنيّ من الثوب ؛ السنن الكبرى له أيضا ، ج ۱ ، ص ۱۲۸ ، ح ۲۲۸۹ ؛ المنتقى ، ص ۴۴ ، ح ۱۳۶ و۱۳۷ ؛ شرح معاني الآثار ، ج ۱ ، ص ۴۹ و۵۰ ، باب حكم المنيّ ؛ معرفة السنن والآثار ، ج ۱ ، ص ۲۴۲ ، ح ۱۲۵۵ ؛ وص ۲۴۳ ، ح ۱۲۵۸ .
4.. في الهامش : «منها ما رووه عن النبيّ ، صلى الله عليه و آله أنّه قال لعمّار بن ياسر : إنّما تغسل ثوبك من الغائط والبول ف والدم والمنيّ . منه» . أقول : والحديث رواه أبويعلى في مسنده ، ج ۳ ، ص ۱۸۵ ـ ۱۸۶ ، ح ۱۶۱۱ ؛ والدارقطني في السنن ، ج ۱ ، ص ۱۳۴ ، ح ۴۵۲ ، والبيهقي في السنن الكبرى ، ج ۱ ، ص ۱۴ ، باب إزالة النجاسات بالماء دون سائر المائعات ؛ وفي معرفة السنن والآثار ، ج ۲ ، ص ۲۴۵ ، ح ۱۲۶۲ ؛ والطبراني في المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۱۱۳ ؛ والمتّقي في كنزالعمّال ، ج ۹ ، ص ۳۴۹ ، ح ۲۶۳۸۵ .