445
شرح فروع الکافي ج1

وفرّقوا بين الدم في هذا الحكم وبين سائر النجاسات من بول وعذرة ومنيّ ، وحرّموا الصلاة في قليل ذلك وكثيره ، وكأنّ التفرقة بين الدم وبين سائر النجاسات في هذا الحكم هو الذي تفرّدوا به ، فإنّ أباحنيفة يعتبر مقدار الدرهم في جميع النجاسات ، ولايفرّق بين بعضها وبعض ۱ ، والشافعي لايعتبر الدرهم في جميع النجاسات ۲ ، فاعتبارها ۳ في بعضها هو التفرّد ، ويمكن القول بأنّ الشيعة غير متفرّدة بهذه التفرقة ؛ لأنّ زفر كان يراعي في الدم أن يكون أكثر من درهم ولا يراعي مثل ذلك في البول ، بل يحكم بفساد الصلاة بقليله وكثيرة ، وهذا نظير قول الإماميّة ، وروي عن الحسن بن صالح بن حيّ أنّه كان يقول في الدم : «إذا كان على الثوب مقدار الدرهم يعيد الصلاة ، وإن كان أقلّ من ذلك لم يعد» ، وكان يوجب الإعادة في البول والغائط قليلهما وكثيرهما ۴ ، وهذا مضاه لقول الإماميّة ۵ .
هذا كلامه أعلى اللّه مقامه .
الثاني : لافرق على المشهور في وجوب غسل النجس للتطهير بين الجسم الصقيل وغيره ، وهو الظاهر من إطلاق الأمر بالغسل في الأخبار .
وحكى في المختلف عن السيّد المرتضى أنّه قال : «الجسم الصقيل كالسيف والمرآة والقارورة إذا أصابته نجاسة يطهر بالمسح بحيث تزول عين النجاسة عن المحلّ» ، محتجّا بأنّ الموجب للنجاسة في المحلّ بقاء عين النجاسة فيه ، ومع المسح تزول العلّة فينتفي الحكم .
وأجاب عنه بمنع المقدّمة الاُولى ؛ مستندا بأنّ الطهارة والنجاسة أمران شرعيّان متوقّفان على النصّ ، والنصّ مطلق في الغسل ۶ .

1.. تحفة الفقهاء ، ج ۱ ، ص ۶۴ ؛ المبسوط للسرخسي ، ج ۱ ، ص ۴۶ ؛ بدائع الصنائع ، ج ۱ ، ص ۱۹ و۸۰ ؛ البحر الرائق ، ج ۱ ، ص ۳۹۵ .

2.. بدائع الصنائع ، ج ۱ ، ص ۷۹ ؛ تحفة الفقهاء ، ج ۱ ، ص ۶۴ .

3.. في المصدر : «فاعتباره» .

4.. المثبت من المصدر ، وفي النسخ : «قليلها وكثيرها» .

5.. الانتصار ، ص ۹۳ ـ ۹۴ ، الدم المعفوّ عنه في الصلاة .

6.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۴۹۲ . وحكاه أيضا في تحرير الأحكام ، ج ۱ ، ص ۱۶۳ ، المسألة ۵۳۰ ؛ ومنتهى ف المطلب ، ج ۳ ، ص ۲۸۶ . وحكاه أيضا الشيخ في الخلاف ، ج ۱ ، ص ۴۷۹ ، المسألة ۲۲۲ ؛ والمحقّق في المعتبر ، ج ۱ ، ص ۴۵۰ .


شرح فروع الکافي ج1
444

والخنزير ۱ وعموم ما دلّ على كفاية المرّة ، قال العلّامة في المختلف : «والأقرب عندي أنّ الواجب بعد إزالة العين غسله مرّة واحدة في الجميع إلّا الولوغ ، لكن يستحبّ السبع في الخمر والأشربة المسكرة وفي الجرذ والفأرة» ۲ . ونعم ما قال .
تنبيهات : الأوّل : لافرق في المشهور بين القليل من النجاسات والكثير منها في عدم العفو عنها في الصلاة إلّا الدم ، فإنّ القليل منه معفوّ عنه فيها .
وذهب السيّد المرتضى إلى العفو عن مثل رؤوس الإبر من البول ـ على ما حكي عنه في المختلف ۳ ـ أنّه قال في المسائل الميافارقيّات :
نجاسة الخمر أغلظ من سائر النجاسات ؛ لأنّ الدم وإن كان نجسا فقد اُبيح لنا أن نصلّي في الثوب إذا كان فيه دون قدر الدرهم ، والبول قد عفيعنه فيما ترشّش عند الاستنجاء كرؤوس الإبر ، والخمر لم يعف عنه في موضع أصلاً ۴ .
فإن قيل : يحتمل أن يكون مراده العفو عن رؤوس الإبر من ماء الاستنجاء كما يشعر به ذكر الاستنجاء ، لا من البول .
قلنا : لو كان مراده هذا ، لما خصّصه برؤوس الإبر ؛ للعفو عن ماء الاستنجاء مطلقا .
وعن ابن إدريس عن بعض الأصحاب : العفو عن مثل رؤوس الإبر من مطلق النجاسات ۵ .
ولم أجد مستند هذين القولين ، والعمومات يدفعهما .
وقال السيّد في الانتصار بعد ما نسب إلى الإماميّة القول بأنّ الدم الذي ليس بحيض تجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه ما ينقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي ، وهو المضروب من درهم وثلث ، وما زاد على ذلك لاتجوز الصلاة فيه :

1.. المثبت من «ج» وفوقه علامة «ظ» ، وفي «أ» : «والخبر» .

2.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۴۹۹ .

3.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۴۹۱ .

4.. رسائل المرتضى ، ج ۱ ، ص ۲۸۸ ، المسألة الثانية والثلاثون من جوابات المسائل الميافارقيّات .

5.. السرائر ، ج ۱ ، ص ۱۸۰ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127514
صفحه از 527
پرینت  ارسال به