49
شرح فروع الکافي ج1

واعلم أنّ الماء المطلق ما لم تعرض له النجاسة طاهر ، وأنّه مطهّر مطلقا ۱ ، ـ ولو كان ماء البحر ـ وفاقا من أهل العلم إلّا ما سيحكى عن شاذّ من العامّة ، ودلّت عليه الأخبار ، أمّا من طريق الأصحاب :
فمنها ما ذكره المصنّف قدس سره ۲ .
ومنها ما رواه الصدوق رضى الله عنه عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «كلّ ماء طاهر إلّا ما علمت أنّه قذر» ۳ .
وأمّا من طرق العامّة ، فقد روى في [ فتح ] العزيز شرح الوجيز عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «خلق الماء طهورا» ۴ .
وهذه الأخبار وإن كانت دائرة بين المجهول والضعيف على ما قيل ، إلّا أنّ عمل العلماء الأعلام بها يجبر ضعفها ، على أنّ خبر عبداللّه بن سنان صحيح على ما سنحقّقه .
واحتجّ أيضا على ذلك بالآيتين ، وهو إنّما يتمّ إن كان كلّ ماء في هذا العالم من السماء ، وربما يدّعى ذلك بمعونة مقام الامتنان .
وهذه الدعوى بيّنة في غير البحر الأعظم ، «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَـبِيعَ فِى الْأَرْضِ »۵ ، ويشهد له دوران رحى الآبار والأنهار بتقاطر الأمطار في الأقطار ، وأمّا البحر الأعظم فالظاهر أنّه كان قبل خلق السماء بل نشأ منه مادّته على ما دلّ عليه قوله تعالى : «وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ »۶ ، وقوله سبحانه : «وَ[ جَعَلْنَا ] مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَىْ ءٍ حَىٍّ »۷ في وجه ما رواه المصنّف قدس سرهفي الروضة بإسناده عن محمّد بن عطيّة قال : جاء

1.. المثبَت من الهامش و عليه علامة (صح) . وفي المتن : «طاهر مطهّر مطلقا».

2.. رواه المصنّف في الحديث الثاني من كتاب الطهارة عن محمّد بن يحيى وغيره ، عن محمّد بن أحمد ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، بإسناده قال : قال أبوعبداللّه عليه السلام : «الماء كلّه طاهر حتّى يعلم أنّه قذر» .

3.. الفقيه ، ج ۱، ص ۵، ح ۱ .

4.. فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي ، ج ۱، ص ۱۹۹ . والوجيز لأبيحامد الغزالي .

5.. الزمر (۳۹) : ۲۱ .

6.. هود (۱۱) : ۷ .

7.. الأنبياء (۲۱) : ۳۰ .


شرح فروع الکافي ج1
48

اللغوي ؟ بناء على الخلاف الواقع في مطلق الألفاظ المستعملة في غير معانيها اللغويّة ظاهرا ، أشهر الأقوال أوسطها وأظهرها الأخير على ما حقّقه بعض المحقّقين ، قال : «طهور الماء ، الطهور مبالغة من طَهُرَ ـ بضمّ العين ـ والمراد منه الطاهر في نفسه المطهّر لغيره» ۱ . وهو في أصل الوضع لازم على ما هو شأن صيغ المبالغة ، جُعل في الاستعمال متعدّيا ۲ ، والسرّ في ذلك أنّ الطهارة الشرعيّة غير مختلفة بالشدّة والضعف ، فحملت المبالغة فيها على التعدّي إلى الغير ، وقد نصّ الجوهري على أنّه ما يتطهّر به ۳ ، والظاهر أنّه أراد أنّه اسم لذلك كالوَضوء والوَقود ـ بفتح الواو فيهما ـ اسمين لما يتوضّأ به ويوقد به من غير اعتبار الوصفيّة ، وبضمّ الطاء مصدر كالوُضوء والوُقود بضمّ الواو فيهما .
وعن الخليل ۴ : «أنّه ليس فيهما إلّا الفتح ، وأنّه لايعرف الضمّ» ۵ ، فقوله تعالى : «وَ أَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا »۶ مطابق لقوله جلّ وعلا : «وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ »۷ .

1.. شرح اللمعة ، ج ۱، ص ۲۴۶ ؛ مجمع البحرين، ج ۳، ص ۶۵ (طهر) .

2.. لم أجد هذه العبارة ، وهذا المعنى مذكور في شرح اللمعة ، ۱ ، ۲۴۶ بلفظ : «الطاهر في نفسه المطهّر لغيره ، جعل بحسب الاستعمال متعدّيا وإن كان بحسب الوضع اللغوي لازما» . وراجع: الحدائق ، ج ۱ ، ص ۱۷۴ ؛ والجواهر ، ج ۱ ، ص ۶۴ .

3.. صحاح اللغة ، ج ۲، ص ۷۲۷ (طهر) .

4.. خليل بن أحمد الفراهيدي البصري من أئمّة اللغة والأدب ، وأوّل من استخرج علم العروض ، ولد سنة (۱۰۰ ه ق) بالبصرة ، وأخذ عنه سيبويه والأصمعي وآخرون ، كان ديّنا ، ورعا ، قانعا ، من تصنيفاته : العين ، معاني الحروف ، تفسير حروف اللغة ، النقط والشكل ، توفّي سنة ۱۷۰ بالبصرة . اُنظر : الأنساب للسمعاني، ج ۴ ، ص ۵۷۵ ؛ سير أعلام النبلاء ، ج ۷ ، ص ۴۲۹ ـ ۴۶۰ ، الرقم ۱۶۱ ؛ إكمال الكمال لابن ماكولا ، ج ۳ ، ص ۱۷۳ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ۴ ، ص ۱۱۲ ؛ الأعلام للزركلي ، ج ۲ ، ص ۳۱۴ .

5.. قال الخليل : «الوَضوء : اسم الماء الذي يُتوضّأ به ، فأمّا من ضمّ الواو فلا أعرفه ؛ لأنّ الفُعول اشتقاقه من الفعل بالتخفيف نحو الوَقود والوُقود، وكلاهما حَسَن في معناهما ، ولأنّه ليس فَعَلَ يَفعَلُ ، فلاتقول : وَضَأَ يَوْضَأُ، وإنّما يكون الفُعُول مصدر فَعَل . ونحوه طَهُور ولايجوز طُهُور» . كتاب العين ، ج ۷، ص ۷۶ (وضأ) .

6.. الفرقان (۲۵) : ۴۸ .

7.. الأنفال (۸) : ۱۱ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 156149
صفحه از 527
پرینت  ارسال به