487
شرح فروع الکافي ج1

إذ لايبقى أثر التراب معه ، وبإجزاء ضربة للوجه واليدين ؛ إذ يزول أثره على تقدير علوقه بالكفّ بمسح الوجه ، وبجواز التيمّم بالحجر ونحوه ، وهو منقول عن أكثر العامّة ، واعتبره ابن الجنيد ۱ على مايستفاد ممّا سيجيء ، وهو ظاهر المفيد على ما مرّ من اعتباره التراب ، وبه قال الشافعي على ما يظهر من البيضاوي ۲ ؛ محتجّا بقوله تعالى : «فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ »۳ ، أي من ذلك الصعيد ؛ حملاً لكلمة «من» على التبعيض .
واُورد عليه بأنّه يجوز أن يكون «من» للابتداء ، أي مسحا مبتدئا من الصعيد ، أو للتبعيض بمعنى ضرب اليدين على بعض الصعيد ، ففي الذكرى :
فإن احتجّ ابن الجنيد لاعتبار الغبار بظاهر قوله تعالى: «مِنْهُ » وقال : إنّ من للتبعيض ، منعناه ؛ لجواز كونها لابتداء الغاية ، مع أنّ في رواية زرارة ، عن أبيجفعر عليه السلام أنّ المراد من ذلك التيمّم ، قال : «لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجز على الوجه ؛ لأنّه يعلّق من ذلك الصعيد ببعض الكفّ ولايعلّق ببعضها ، وفي هذا إشارة إلى أنّ العلوق غير معتبر . انتهى ۴ .
وقال المحقّق الأردبيلي :
فامسحوا بأيديكم بعض وجوهكم ، وبعض أيديكم مبتدأ من الصعيد ، أو ببعض الصعيد بأن تضعوا أيديكم على بعض الصعيد ثمّ تمسحوا الوجه واليدين ، أو من بعض التيمّم كما ورد في الرواية ، أي ما يتيمّم به ، وهو الصعيد ، فلا دلاله على تقدير كونها تبعيضيّة على وجوب لصوق شيء من الصعيد ليجب كونه ترابا ۵ .
ما ذكراه ـ قدّس سرّهما ـ غير واضح ؛ لأنّ ما أشارا إليه من الرواية ظاهر في اعتبار علوق شيء بالكفّين والوجه ، بل باليدين أيضا وإن نفى وجوب استيعاب العلوق لجميع

1.. حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ .

2.. تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۱۹۵ ، في تفسير الآية ۴۳ من سورة النساء .

3.. المائدة (۵) : ۶ .

4.. الذكرى ، ج ۲ ، ص ۲۶۲ ـ ۲۶۳ .

5.. زبدة البيان ، ص ۱۹ .


شرح فروع الکافي ج1
486

تصاعد على الأرض ، وهو منقول عن الزجّاج ۱ ، ۲ وظاهر أكثر الأخبار ؛ حيث وقع فيها الضرب على الأرض .
واُيّد بقوله تعالى : «صَعِيدًا زَلَقًا »۳ أي أرضا ملساء لاتراب لها .
وفسّره ابن دريد في الجمهرة نقلاً عن أبيعبيدة بالتراب الخالص الذي لايخالطه سبخ ولا رمل ۴ على ما حكاه الشيخ في التهذيب ۵ عنه ، وهو منقول عن ابن العبّاس ۶ وابن الفارس ۷ ، وبه قال المفيد في المقنعة ۸ ؛ حيث اشترط التيمّم على التراب مع الإمكان ، وإنّما جوّزه بالحجر مع فقد التراب ، ويتفرّع على ذلك الخلاف الخلاف في وجوب علوق شيء ممّا يتيمّم به إلى الكفّين والعضو الممسوح ، ظاهر الأكثر العدم ، بل ظاهر المنتهى ۹ إطباق علمائنا عليه ، وأيّدوه بوفاقهم على استحباب نفض اليدين ؛

1.. أبوإسحاق الزجّاج إبراهيم بن السريّ بن سهل النحوي الأديب ، ولد ببغداد ، وكان يخرط الزجاج ، ثمّ تركه واشتغل بالأدب ، فنسب إليه ، أخذ عن المبرّد وثعلب ، وتوفّي سنة ۳۱۱ ببغداد ، من مصنّفاته : الاشتقاق ، الأمالي ، خلق الإنسان ، العروض ، فعلت وأفعلت ، معاني القرآن ، النوادر . راجع : سير أعلام النبلاء ، ج ۱۴ ، ص ۳۶۰ ، الرقم ۲۰۹ ؛ الفهرست لابن النديم ، ص ۶۶ ؛ الكنى والألقاب ، ج ۲ ، ص ۲۹۳ ـ ۲۹۴ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ۱ ، ص ۳۳ ؛ الأعلام للزركلي ، ج ۱ ، ص ۴۰ .

2.. حكاه عنه أحمد بن فارس في معجم مقائيس اللغة ، ج ۳ ، ص ۲۸۷ ؛ والزبيدي في تاج العروس ، ج ۵ ، ص ۶۱ (صعد) ؛ والقرطبي في تفسيره ، ج ۵ ، ص ۲۳۶ .

3.. الكهف (۱۸) : ۴۰ .

4.. جمهرة اللغة ، ج ۲ ، ص ۶۵۴ .

5.. تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، ذيل ح ۵۳۶ .

6.. المبسوط للسرخسي ، ج ۱ ، ص ۱۰۸ ، ولفظه : «التراب الخالص» ؛ مغني المحتاج ، ج ۱ ، ص ۲۸۱ ، وفيه : «هو التراب الطاهر» ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۱ ، ص ۲۴۸ ؛ الشرح الكبير لعبدالرحمان بن قدامة ، ج ۱ ، ص ۲۵۴ ، وفيهما : «الصعيد تراب الحرث» .

7.. معجم مقائيس اللغة ، ج ۳ ، ص ۲۸۷ . وابن فارس هو أبوالحسين أحمد بن فارس بن زكريّا القزويني الرازي ، من أئمّة اللغة والنحو ، أصله من قزوين ، وأقام مدّة في همذان ، ثمّ انتقل إلى الريّ ، فتوفّي فيها سنة ۳۹۵ ه ق ، من تصانيفه : الإتباع والمزاوجة ، أوجز السير لخير البشر ، تمام الفصيح ، الحماسة المحدثة ، ذمّ الخطأ في الشعر ، الصاحبي ، الفصيح ، المجمل في اللغة ، معجم مقائيس اللغة . راجع : الأعلام للزركلي ، ج ۱ ، ص ۱۹۳ ؛ معجم المطبوعات العربيّة ، ج ۱ ، ص ۱۹۹ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ۲ ، ص ۴۰ ـ ۴۱ ؛ الكنى والألقاب ، ج ۱ ، ص ۳۷۲ ـ ۳۷۴ .

8.. المقنعة ، ص ۵۸ ـ ۵۹ .

9.. منتهى المطلب ، ج ۳ ، ص ۹۷ ـ ۹۸ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127544
صفحه از 527
پرینت  ارسال به