إذ لايبقى أثر التراب معه ، وبإجزاء ضربة للوجه واليدين ؛ إذ يزول أثره على تقدير علوقه بالكفّ بمسح الوجه ، وبجواز التيمّم بالحجر ونحوه ، وهو منقول عن أكثر العامّة ، واعتبره ابن الجنيد ۱ على مايستفاد ممّا سيجيء ، وهو ظاهر المفيد على ما مرّ من اعتباره التراب ، وبه قال الشافعي على ما يظهر من البيضاوي ۲ ؛ محتجّا بقوله تعالى : «فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ »۳ ، أي من ذلك الصعيد ؛ حملاً لكلمة «من» على التبعيض .
واُورد عليه بأنّه يجوز أن يكون «من» للابتداء ، أي مسحا مبتدئا من الصعيد ، أو للتبعيض بمعنى ضرب اليدين على بعض الصعيد ، ففي الذكرى :
فإن احتجّ ابن الجنيد لاعتبار الغبار بظاهر قوله تعالى: «مِنْهُ » وقال : إنّ من للتبعيض ، منعناه ؛ لجواز كونها لابتداء الغاية ، مع أنّ في رواية زرارة ، عن أبيجفعر عليه السلام أنّ المراد من ذلك التيمّم ، قال : «لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجز على الوجه ؛ لأنّه يعلّق من ذلك الصعيد ببعض الكفّ ولايعلّق ببعضها ، وفي هذا إشارة إلى أنّ العلوق غير معتبر . انتهى ۴ .
وقال المحقّق الأردبيلي :
فامسحوا بأيديكم بعض وجوهكم ، وبعض أيديكم مبتدأ من الصعيد ، أو ببعض الصعيد بأن تضعوا أيديكم على بعض الصعيد ثمّ تمسحوا الوجه واليدين ، أو من بعض التيمّم كما ورد في الرواية ، أي ما يتيمّم به ، وهو الصعيد ، فلا دلاله على تقدير كونها تبعيضيّة على وجوب لصوق شيء من الصعيد ليجب كونه ترابا ۵ .
ما ذكراه ـ قدّس سرّهما ـ غير واضح ؛ لأنّ ما أشارا إليه من الرواية ظاهر في اعتبار علوق شيء بالكفّين والوجه ، بل باليدين أيضا وإن نفى وجوب استيعاب العلوق لجميع
1.. حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ .
2.. تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۱۹۵ ، في تفسير الآية ۴۳ من سورة النساء .
3.. المائدة (۵) : ۶ .
4.. الذكرى ، ج ۲ ، ص ۲۶۲ ـ ۲۶۳ .
5.. زبدة البيان ، ص ۱۹ .