51
شرح فروع الکافي ج1

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام : «كان كلّ شيء ماءا ، وكان عرشه على الماء ، فأمر اللّه عزّ وجلّ الماء فاضطرم نارا ، ثمّ أمر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان ، فخلق اللّه عزّ وجلّ السماوات من ذلك الدخان ، وخلق الأرض من الرماد ، ثمّ اختصم الماء والنار والريح ، فقال الماء : أنا جند اللّه الأكبر، وقالت الريح: أنا جند اللّه الأكبر، وقالت النار: أنا جند اللّه الأكبر، فأوحى اللّه إلى الريح : أنت جندي الأكبر» . ۱
وفي السِفْر الأوّل من التوراة في بيان خلق السماء والعالم ـ على ما ذكر في ترجمتها ـ : «إنّه كانت الظلمة وجه الغمر ، وكان نور اللّه يرفرف على المياه» ، ثمّ ذكر فيه خلق السماوات بنحو ممّا ذكر . والغَمر : الماء الكثير ، ومعنى نور اللّه يرفرف على المياه ؛ معنى قوله تعالى : «وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ »۲ .
ومن طريق العامّة : «أوّل ما خلق اللّه جوهرة ، ـ وفي رواية اُخرى : ياقوتة ـ خضراء ، ونظر إليها بالهيبة فصارت ۳ ماء ، فوضع عرشه على الماء» . ۴
ولايبعد أن يراد بالسماء في الآيتين جهة العلوّ كما صرّح به الشهيد الثاني قدس سرهفي شرح اللمعة ۵ ، فيشمل الماء المطر الذي ينزل من البحر الذي تحت العرش ، والذي تجذبه السحاب من البحر المحيط ، والذي يحدث في الجوّ من البخارات الصاعدة ، والمطر يكون بكلّ من الوجوه الثلاثة .

1.. هود (۱۱) : ۷ .

2.. الكافي ، ج ۸، ص ۹۵، ح ۶۸ ؛ وص ۱۵۳، ح ۱۴۲ .

3.. في ب : «فأنارت» . وفي البحار : «فذابت» .

4.. مفاتيح الغيب ، ج ۸ ، ص ۲۶۰ . وأورده المجلسي في بحار الأنوار ، ج ۶۱، ص ۱۳ بلفظ «روي» ؛ وفي ج ۵۴، ص ۳۶۳ نقلاً عن مفاتيح الغيب . وانظر: تفسير الميزان ، ج ۱، ص ۱۲۱ .

5.. شرح اللمعة ، ج ۱، ص ۲۴۹ .


شرح فروع الکافي ج1
50

رجل من أهل الشام من علمائهم إلى أبيجعفر عليه السلام فقال : يا باجعفر ، جئت أسألك عن مسألة قد أَعيَيتُ على أن أجد أحدا يفسّرها ، وقد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس ، فقال كلّ صنف منهم غير الذي قال الصنف الآخر . فقال له أبوجعفر عليه السلام : «ما ذاك ؟» قال : فإنّي أسألك عن أوّل ما خلق اللّه من خلقه ، فإنّ بعض من سألته قال : القدر ، وقال بعضهم : القلم ، وقال بعضهم : الروح . فقال أبوجعفر عليه السلام : «ما قالوا شيئا ، اُخبرك أنّ اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل غيره ، وذلك قوله: «سُبْحَـنَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ »۱ ، وكان الخالق قبل المخلوق، ولو كان أوّل ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذا لم يكن له انقطاع أبدا ، ولم يزل اللّه إذا ومعه شيء ليس هو يتقدّمه ، ولكنّه كان إذ لا شيء غيره ، وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه ، فجعل نسب كلّ شيء إلى الماء ، ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه ، وخلق الريح من الماء ، ثمّ سلّط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتّى ثار من الماء زبدٌ على قدر ما شاء اللّه أن يثور ، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقيّة ليس فيها صَدعٌ ولا نقبٌ ، ولا صعود ولا هبوط ، ولا شجرة ، ثمّ طواها فوضعها فوق الماء ، ثمّ خلق اللّه النار من الماء فشققت النار متن الماء حتّى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء اللّه أن يثور ، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقيّة ليس فيها صدع ولا نقب ، وذلك قوله : «[ ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ ]السَّمَآءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَ أَغْطَشَ لَيْلَهَا وَ أَخْرَجَ ضُحَاهَا »۲ ، قال : ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب ، ثمّ طواها فوضعها فوق الماء ۳ ، ثمّ نسب الخليقتين فرفع السماء قبل الأرض، فذلك قوله عزّ وجلّ: «وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَ لِكَ دَحَاهَآ »۴ »، الحديث ۵ .

1.. الصافّات (۳۷) : ۱۸۰ .

2.. النازعات (۷۹) : ۲۷ ـ ۲۹ . وكان في الأصل والمصدر : «والسماء بناها» .

3.. كذا في الأصل ، وفي المصدر : «فوق الأرض» .

4.. النازعات (۷۹) : ۳۰ .

5.. الكافي ، ج ۸، ص ۹۴ ـ ۹۵، ح ۶۷ ، حديث أهل الشام . ورواه الصدوق في التوحيد ، ص ۶۶ ـ ۶۷، باب التوحيد ونفي التشبيه، ح ۲۰ بسند آخر عن أبيجعفر عليه السلام .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 156026
صفحه از 527
پرینت  ارسال به