53
شرح فروع الکافي ج1

بها سلالة النبوّة» . فأدهش ذلك المأمون وقال له : مَن أنت ؟ فقال : «أنا محمّد بن عليّ الرضا» .
وكان ذلك بعد واقعة الرضا عليه السلام ، وكان عمره عليه السلام في ذلك الوقت أحد عشر سنة ، وقيل : عشرا ، فنزل المأمون عن فرسه وقبّل رأسه وتذلّل له ، ثمّ زوّجه ابنته . ۱
وقد سمعت عن بعض الثقات أنّه شاهد في البحر خروج شيء من الماء كخرطوم الفيل ، فارتفع وانبسط وصار سحابا ماطرة .
و[ يظهر ] الثالث ممّا ادّعته الحكماء وشهدت له المشاهدة ، ولقد شاهدت ذلك في جبال طبرستان ، فحين هبطت إليها من جبل يقال له: «فيروز كوه» إذا أنا بأبخرة كثيفة رطبة من بين جبلين تصاعدت وأحاطت بنا بحيث لم أر مَن كان معي وخفيت عنّا الأرض والسماء حتّى ارتفعت وصارت سحابا ماطرة .
وعلى هذا فيمكن استفادة طهوريّة ماء البحر أيضا بأدنى عناية .
وحكى العلّامة في المنتهى عن سعيد بن المسيّب وعبداللّه بن عمرو بن العاص عدم جواز التوضّي بماء البحر مع وجود غيره ، محتجّين بأنّه نار ! وأجاب عنه بأنّه إن أرادا أنّه في الحال كذلك ، فهو تكذيب للحسّ ، وإن أرادا صيرورته كذلك بعد ذلك ، فلايمنع الطهوريّة ۲ .
أقول : ولعلّ ما ذكره إشارة إلى ما نقل عن كعب الأحبار من أنّه تصير السماوات يوم القيامة جنانا ، ويصير مكان البحر النار ۳ .
وعن ابن مسعود أنّه قال : تبدّل الأرض بنار ، فتصير الأرض كلّها نارا يوم القيامة

1.. مفتاح الفلاح ، ص ۱۷۱ ـ ۱۷۲ . وأورده الإربلي في ترجمة الإمام الجواد عليه السلام من كشف الغمّة ، ج ۳، ص ۱۳۵ ـ ۱۳۶ ، وعنه المجلسي في بحار الأنوار ، ج ۵۰ ص ۹۱ ـ ۹۲؛ وج ۵۶، ص ۳۳۹ ـ ۳۴۰ .

2.. منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۱۹ ـ ۲۰ .

3.. تفسير الطبري ، ج ۱۳ ص ۳۳۱ ، في تفسير قوله تعالى : «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ » ؛ تفسير ابن كثير ، ج ۲ ص ۵۶۴ ؛ التخويف من النار لابن رجب الحنبلي ، ص ۴۷ .


شرح فروع الکافي ج1
52

ويظهر الأوّل ممّا رواه المصنّف قدس سره في الروضة عن أبيعبداللّه عليه السلام قال : «كان عليّ عليه السلام يقوم في المطر أوّل ما يمطر حتّى يبتلّ رأسه ولحيته وثيابه ، فقيل [ له ] : يا أميرالمؤمنين ، الكِنّ الكِنّ ۱ ، فقال : إنّ هذا [ ماء ]قريب العهد بالعرش ، ثمّ أنشأ يحدّث فقال : إنّ تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت أرزاق الحيوانات ، فإذا أراد اللّه عزّ وجلّ ۲ أن ينبت به ما يشاء رحمة منه لهم ، أوحى اللّه إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء حتّى يصير إلى سماء الدنيا ، فيلقيه إلى السحاب ، والسحاب بمنزلة الغربال ، ثمّ يوحي [ اللّه ]إلى الريح أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ، ثمّ انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فأمطري عليهم فيكون كذا وكذا عبابا ۳ » . ۴
و[ يظهر ] الثاني ممّا نقله الشيخ بهاء الملّة والدين قدس سره في مفتاح الفلاح عن العامّة والخاصّة : أنّ المأمون ركب يوما للصيد ، فمرّ ببعض أزقّة بغداد على جماعة من الأطفال كانوا مجتمعين ، فغابوا وهربوا وبقي واحد منهم ، فتقدّم إليه المأمون وقال له : كيف لم تهرب كما هرب أصحابك ؟ فقال : «لأنّ الطريق ليس ضيّقا فيتّسع بذهابي، ولا لي عندك ذنبا فأخافك لأجله ، فلأيّ شيء أهرب ؟» فأعجب كلامه المأمون ، فلمّا خرج إلى خارج بغداد أرسل صقرة فارتفع ولم يسقط على الأرض حتّى رجع وفي منقاره سمكة صغيرة ، فتعجّب المأمون ، فلمّا رجع ووصل ذلك الموضع تفرّق الأطفال وهربوا إلّا ذلك الطفل ، فبقي في مكانه كما في المرّة الاُولى ، فتقدّم إليه المأمون وهو ضامّ كفّه على السمك وقال له : قُل أيّ شيء في يدي ؟ فقال عليه السلام : «إنّ الغيم حين يأخذ من ماء البحر تداخله سمكة صغار فتسقط منها فتصطادها صقور الملك فيمتحنون

1.. الكِنّ : الكِنان ، وهو الغطاء ، وكلّ ما يردّ الحرّ والبرد من الأبنية والغيران ونحوها ، جمعه أكنان وأكِنّة ، وفي التنزيل العزيز : «وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِـلَـلاً وَ جَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَـنًا » . اُنظر : لسان العرب ، ح ۱۳ ، ص ۳۶۰ (كنن) .

2.. في المصدر : «أراد اللّه عزّ ذكره» .

3.. العباب : معظم الماء وكثرته وارتفاعه : مجمع البحرين ، ج ۳ ص ۱۰۵ (عبب)

4.. الكافي ، ج ۸ ، ص ۲۳۹ ، ح ۳۲۶ . ورواه الصدوق في علل الشرائع ، ص ۴۶۳ ، باب النوادر ، ح ۸ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 155994
صفحه از 527
پرینت  ارسال به