57
شرح فروع الکافي ج1

وأقول : يؤيّد ذلك أنّه لم يعهد رواية الإمام عليه السلام عن حريز .
ثمّ قال :
والثاني أنّه أجمعت العصابة على أنّه لايجوز الوضوء بالنبيذ فقط أيضا الاحتجاج به من هذا الوجه ، ولو سلّم من هذا كلّه كان محمولاً على الماء الذي طيّب بتميرات طُرحنَ فيه إذا كان الماء مرّا ولم يبلغ حدّا يسلبه إطلاق الاسم ، لأنّ النبيذ في اللغة هو ما نُبذ فيه الشيء ، واستند في ذلك بخبر الكلبي النسّابة أنّه سأل أباعبداللّه عليه السلام عن النبيذ ؟ فقال : «حلال» . فقال : إنّا ننبذه فنطرح فيه العَكَر ۱ وما سوى ذلك ؟ فقال : «شُه شُه ۲ تلك الخمرة المنتنة» .
قال : قلت : جُعلتُ فداك ، فأيّ نبيذ تعني ؟ فقال : «إنّ أهل المدينة شكوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله تغيّر الماء وفساد طبائعهم ، فأمرهم أن ينبذوا ، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له ، فيعمد إلى كفّ من تمر فيقذف به في الشّن ، فمنه شربه ومنه طهوره» .
قلت : وكَم عدد التمر الذي في الكفّ ؟ فقال : «ما حمل الكفّ» .
قلت : واحدة أو ثنتين ؟ فقال : «ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين» .
فقلت : وكم كان يسع الشنّ ؟ فقال : «مابين الأربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك» .
فقلت : بأيّ الأرطال ؟ فقال : «أرطال مكيال العراق» ۳ .
وأمّا المطلق الممتزج بالمضاف ، فيكون مطهّرا ما لم يسلبه الإطلاق عرفا ، فالشمول المطلق له ، وقد صرّح بذلك جماعة ، منهم السيّد المرتضى في الناصريّات، فقد قال بعد ما اعتبر الاسم : «ولااعتبار الاعتبار في الغلبة بظهور تغيير في اللون أو الطعم أو الرائحة ، بل بغلبة الأجزاء على حدّ يسلبه إطلاق اسم الماء» . قال :

1.. العَكَر ـ بفتحتين ـ : دُردي الزيت ودُردي النبيذ ونحوه ممّا خثر ورسب . يقال : عكر الشيء عَكرا من باب تعب ، إذا لم يرسب خاثره . مجمع البحرين ج ۳ ، ص ۴۱۱ (عكر).

2.. «شه شه» : كلمة استقذار واستقباح . مجمع البحرين، ج ۶، ص ۳۵۱ (شوه).

3.. تهذيب الأحكام ، ج ۱، ص ۲۱۹ ـ ۲۲۰، ح ۶۲۸ ؛ الاستبصار ، ج ۱، ص ۱۵ ـ ۱۶، ح ۲۹ ، بإسناده عن الكليني ، وهذا هو الحديث ۶ من باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة من كتاب الحجّة ؛ وح ۳ من باب النبيذ من كتاب الأشربة ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۲۰۳ ـ ۲۰۴ ، ح ۵۲۱ .


شرح فروع الکافي ج1
56

ودفعه يظهر ممّا ذكر .
وخالف فيه أبوحنيفة أيضا فإنّ نبيذ التمر عنده طهور في السفر عند إعواز الماء ، على ما حكى عنه في [ فتح ] العزيز . ۱
وفي الناصريات : «وأجاز أبوحنيفة التوضّأ بنبيذ التمر المطبوخ الشديد عند عدم الماء ۲ ، وقال محمّد بن الحسن ۳ : يتوضّأ به ويتيمّم مع فقد الماء . فأوجب الجمع بينهما» ۴ .
وقد ورد في بعض أخبارنا ما يوهم ذلك ، ففي صحيح عبداللّه بن المغيرة عن بعض الصادقين في الخبر المتقدّم بعد ما روينا عنه : «فإن لم يقدر على الماء وكان نبيذا فإنّي سمعت حريزا يذكر في حديث أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد توضّأ بنبيذ ولم يقدر على الماء» .
وقال الشيخ قدس سره في كتابَي الأخبار : «أوّل ما فيه أنّ عبداللّه بن المغيرة قال عن بعض الصادقين ، ويجوز أن يكون من أسنده إليه غير إمام وإن كان اعتقد فيه أنّه صادق على الظاهر» ۵ .

1.. فتح العزيز ، ج ۱ ص ۸۱ ـ ۸۲ .

2.. المجموع للنووي ، ج ۱ ، ص ۹۳ ؛ الفصول للجصّاص ، ج ۴ ، ص ۲۶۵ ؛ المبسوط للسرخسي ، ج ۱ ، ص ۸۸ .

3.. أبوعبداللّه محمّد بن الحسن بن فرقد الشيباني ، أصله من دمشق ، قدم أبوه العراق ، فولد بواسط سنة ۱۳۲ ، ونشأ بالكوفة ، وسكن بغداد ، وتفقّه على أبيحنيفة ، وسمع الحديث من سفيان الثوري وأبيعمرو الأوزاعي ومسعر بن كدام ومالك بن أنس ، وأخذ عنه الشافعي والجوزجاني وأبوعبيد القاسم بن سلام ، له كتاب الجامع الصغير والكبير ، والحجّة على أهل المدينة. خرج مع هارون إلى الريّ، فمات بها سنة ۱۸۹ وهو ابن ثمان وخمسين سنة . راجع : الأنساب للسمعاني ، ج ۳ ، ص ۴۸۳ (الشيباني) ؛ الكنى والألقاب ، ج ۲ ، ص ۳۹۳ ـ ۳۹۴ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ۹ ، ص ۲۰۷ ؛ معجم المطبوعات العربيّة ، ج ۲ ، ص ۱۱۶۳ .

4.. الناصريّات ، ص ۷۵ . الأصل للشيباني ، ج ۱ ، ص ۷۴ ـ ۷۵ ؛ المجموع للنووي ، ج ۱ ، ص ۹۳ ؛ المبسوط للسرخسي ، ج ۱ ، ص ۸۸ .

5.. تهذيب الأحكام ، ج ۱، ص ۲۱۹ ذيل الحديث ۶۲۸ ، الاستبصار ، ج ۱ ص ۱۲۸ ذيل الحديث ۱۵ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 155865
صفحه از 527
پرینت  ارسال به