وأقول : يؤيّد ذلك أنّه لم يعهد رواية الإمام عليه السلام عن حريز .
ثمّ قال :
والثاني أنّه أجمعت العصابة على أنّه لايجوز الوضوء بالنبيذ فقط أيضا الاحتجاج به من هذا الوجه ، ولو سلّم من هذا كلّه كان محمولاً على الماء الذي طيّب بتميرات طُرحنَ فيه إذا كان الماء مرّا ولم يبلغ حدّا يسلبه إطلاق الاسم ، لأنّ النبيذ في اللغة هو ما نُبذ فيه الشيء ، واستند في ذلك بخبر الكلبي النسّابة أنّه سأل أباعبداللّه عليه السلام عن النبيذ ؟ فقال : «حلال» . فقال : إنّا ننبذه فنطرح فيه العَكَر ۱ وما سوى ذلك ؟ فقال : «شُه شُه ۲ تلك الخمرة المنتنة» .
قال : قلت : جُعلتُ فداك ، فأيّ نبيذ تعني ؟ فقال : «إنّ أهل المدينة شكوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله تغيّر الماء وفساد طبائعهم ، فأمرهم أن ينبذوا ، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له ، فيعمد إلى كفّ من تمر فيقذف به في الشّن ، فمنه شربه ومنه طهوره» .
قلت : وكَم عدد التمر الذي في الكفّ ؟ فقال : «ما حمل الكفّ» .
قلت : واحدة أو ثنتين ؟ فقال : «ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين» .
فقلت : وكم كان يسع الشنّ ؟ فقال : «مابين الأربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك» .
فقلت : بأيّ الأرطال ؟ فقال : «أرطال مكيال العراق» ۳ .
وأمّا المطلق الممتزج بالمضاف ، فيكون مطهّرا ما لم يسلبه الإطلاق عرفا ، فالشمول المطلق له ، وقد صرّح بذلك جماعة ، منهم السيّد المرتضى في الناصريّات، فقد قال بعد ما اعتبر الاسم : «ولااعتبار الاعتبار في الغلبة بظهور تغيير في اللون أو الطعم أو الرائحة ، بل بغلبة الأجزاء على حدّ يسلبه إطلاق اسم الماء» . قال :
1.. العَكَر ـ بفتحتين ـ : دُردي الزيت ودُردي النبيذ ونحوه ممّا خثر ورسب . يقال : عكر الشيء عَكرا من باب تعب ، إذا لم يرسب خاثره . مجمع البحرين ج ۳ ، ص ۴۱۱ (عكر).
2.. «شه شه» : كلمة استقذار واستقباح . مجمع البحرين، ج ۶، ص ۳۵۱ (شوه).
3.. تهذيب الأحكام ، ج ۱، ص ۲۱۹ ـ ۲۲۰، ح ۶۲۸ ؛ الاستبصار ، ج ۱، ص ۱۵ ـ ۱۶، ح ۲۹ ، بإسناده عن الكليني ، وهذا هو الحديث ۶ من باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة من كتاب الحجّة ؛ وح ۳ من باب النبيذ من كتاب الأشربة ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۲۰۳ ـ ۲۰۴ ، ح ۵۲۱ .