81
شرح فروع الکافي ج1

حقّ العبارة أن يقول : «لو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات في الجاري والكثير» ؛ لأنّ موافقة النجاسة الماء في الصفات صادق على نحو الماء المتغيّر بطاهرٍ أحمر إذا وقع فيه دم ، فيقضي ثبوت التردّد في تقدير المخالفة ، وينبغي القطع بوجوب تقدير خلوّ الماء عن ذلك الوصف ، لأنّ التغيّر هنا على تقدير حصوله تحقيقي ، غاية ما في الباب أنّه مستور على الحسّ ، وقد نبّه عليه شيخنا في البيان . ۱
الثانية : هل ينجّس الماء بمجرّد ملاقاته النجاسة ؟ فينقسم الماء بحسب ذلك إلى مضاف ومطلق ، وهو إلى ماء البئر والجاري والراكد ، وهو إلى القليل والكثير .
أمّا المضاف ؛ فقد اشتهر أنّه ينجّس بالملاقاة مطلقا ولو كان كرّا فصاعدا ، ولم أجد خبرا عامّا فيه ، واحتجّ عليه في الذكرى بقول النبيّ صلى الله عليه و آله في الفأرة تموت في السمن : «إن كان مائعا فلاتقربوه» ۲ .
وقال : «فيحرم استعماله إلّا لضرورة ؛ للحرج لقوله تعالى : «وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ »۳ » . ۴
ومثله مارواه الشيخ في الصحيح عن جابر ، عن أبيجعفر عليه السلام قال : أتاه رجل فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت ، فماترى في أكله ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : «لا تأكله» . فقال الرجل : [ الفأرة ] أهون علَيّ من أن أترك طعامي من أجلها ! قال : فقال أبوجعفر عليه السلام : «إنّك لاتسخفّ بالفأرة ، إنّما استخففت بدينك ، إنّ اللّه حرّم الميتة من كلّ شيء» . ۵
وعن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام ؛ «أنّ عليّا عليه السلام سُئِلَ عن قِدر طُبخت وإذا في القِدر فأرة ؟ قال : يُهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل» ۶

1.. جامع المقاصد ، ج ۱ ، ص ۱۱۳ ـ ۱۱۴ ؛ البيان ، ص ۴۴ .

2.. رواه أحمد في مسنده ، ج ۲ ، ص ۲۶۵ ، عن عبدالرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبيهريرة ، عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

3.. المدّثّر (۷۴) : ۵ .

4.. الذكرى ، ج ۱، ص ۷۴، وفيه : + «إلّا لضرورة للحرج».

5.. تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۴۲۰ ، ح ۱۳۲۷ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۲۴ ، ح ۶۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۲۰۶ ، ح ۵۲۸ .

6.. الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۶۱ ، كتاب الأطعمة ، باب الفأرة تموت في الطعام والشراب ، ح ۳ . ورواه عنه الشيخ ف في تهذيب الأحكام ، ج ۹ ، ص ۸۶ ـ ۸۷ ، ح ۳۶۵ . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۲۵ ، ح ۶۲ بسند آخر ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۲۰۶ ، ح ۵۲۹ .


شرح فروع الکافي ج1
80

ولايلزم من عدم أمارة الشيء عدمه» . ۱
وتردّد فيه في المنتهى ، وكلام الأكثر مجمل في التغيّر المقدّر ، ولابدّ من تحقيقه .
فنقول : التغيّر إمّا مدرك بالحسّ كما إذا كان الماء على أوصاف الخلقيّة وكانت أوصاف النجاسة مخالفة لها ، وإمّا غير مدرك به ، وذلك على وجهين : أحدهما : ما إذا تغيّر أوصاف الماء عن أصل خلقته قبل ورود النجاسة عليه بما يوافق أوصاف النجاسة ، وثانيهما : عكسه ، وهو أن تكون النجاسة فقط مسلوبة الأوصاف ، والظاهر وفاق الأصحاب على اعتبار التقدير في الوجه الأوّل بمعنى أنّه إن حكم العقل بتغيّره على تقدير بقاء الماء على أوصافه فيحكم بنجاسته وإلّا فلا ، وإنّهم إنّما اختلفوا في اعتباره في الوجه الثاني فارقين بينهما بأنّ مناط الحكم التغيّر في الواقع وهو واقع في الأوّل ، لكنّه مستور على الحسّ لمانع ، وفي الثاني غير واقع أصلاً .
وبهذا الفرق صرّح جماعة وأدرجوا الوجه الأوّل في الحسّي وخصّوا التقدير في الثاني ، ففي شرح اللمعة للشيخ زين الملّة والدين قدس سره : «والمعتبر من التغيّر الحسّي لا التقديري» . ۲
وقال سبطه المحقّق الشيخ عليّ ـ دام ظلّه ـ في شرحه :
المراد بالتغيّر الحسّي ما أمكن أن يدرك بالحسّ ، سواء حصل مانع عن إدراكه كما إذا كان لون الماء متغيّرا بطاهر يوافق لونه لون الدم كالمشق مثلاً ، والمراد بالتقديري ما لو كانت النجاسة مسلوبة الصفات ۳ .
وفي القواعد : «لو وافقت النجاسة الجاري في الصفات فالوجه عندي الحكم بنجاسته إن كان يتغيّر بمثلها على تقدير المخالفة» . ۴
وقال المحقّق الشيخ عليّ قدس سره في شرحه :

1.. إيضاح الفوائد ، ج ۱ ، ص ۱۶ .

2.. شرح اللمعة ، ج ۱ ، ص ۲۵۱ .

3.. لم أعثر عليه .

4.. قواعد الأحكام ، ج ۱ ، ص ۱۸۳ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154482
صفحه از 527
پرینت  ارسال به