حقّ العبارة أن يقول : «لو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات في الجاري والكثير» ؛ لأنّ موافقة النجاسة الماء في الصفات صادق على نحو الماء المتغيّر بطاهرٍ أحمر إذا وقع فيه دم ، فيقضي ثبوت التردّد في تقدير المخالفة ، وينبغي القطع بوجوب تقدير خلوّ الماء عن ذلك الوصف ، لأنّ التغيّر هنا على تقدير حصوله تحقيقي ، غاية ما في الباب أنّه مستور على الحسّ ، وقد نبّه عليه شيخنا في البيان . ۱
الثانية : هل ينجّس الماء بمجرّد ملاقاته النجاسة ؟ فينقسم الماء بحسب ذلك إلى مضاف ومطلق ، وهو إلى ماء البئر والجاري والراكد ، وهو إلى القليل والكثير .
أمّا المضاف ؛ فقد اشتهر أنّه ينجّس بالملاقاة مطلقا ولو كان كرّا فصاعدا ، ولم أجد خبرا عامّا فيه ، واحتجّ عليه في الذكرى بقول النبيّ صلى الله عليه و آله في الفأرة تموت في السمن : «إن كان مائعا فلاتقربوه» ۲ .
وقال : «فيحرم استعماله إلّا لضرورة ؛ للحرج لقوله تعالى : «وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ »۳ » . ۴
ومثله مارواه الشيخ في الصحيح عن جابر ، عن أبيجعفر عليه السلام قال : أتاه رجل فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت ، فماترى في أكله ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : «لا تأكله» . فقال الرجل : [ الفأرة ] أهون علَيّ من أن أترك طعامي من أجلها ! قال : فقال أبوجعفر عليه السلام : «إنّك لاتسخفّ بالفأرة ، إنّما استخففت بدينك ، إنّ اللّه حرّم الميتة من كلّ شيء» . ۵
وعن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام ؛ «أنّ عليّا عليه السلام سُئِلَ عن قِدر طُبخت وإذا في القِدر فأرة ؟ قال : يُهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل» ۶
1.. جامع المقاصد ، ج ۱ ، ص ۱۱۳ ـ ۱۱۴ ؛ البيان ، ص ۴۴ .
2.. رواه أحمد في مسنده ، ج ۲ ، ص ۲۶۵ ، عن عبدالرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبيهريرة ، عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
3.. المدّثّر (۷۴) : ۵ .
4.. الذكرى ، ج ۱، ص ۷۴، وفيه : + «إلّا لضرورة للحرج».
5.. تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۴۲۰ ، ح ۱۳۲۷ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۲۴ ، ح ۶۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۲۰۶ ، ح ۵۲۸ .
6.. الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۶۱ ، كتاب الأطعمة ، باب الفأرة تموت في الطعام والشراب ، ح ۳ . ورواه عنه الشيخ ف في تهذيب الأحكام ، ج ۹ ، ص ۸۶ ـ ۸۷ ، ح ۳۶۵ . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۲۵ ، ح ۶۲ بسند آخر ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۲۰۶ ، ح ۵۲۹ .