9
شرح فروع الکافي ج1

في غاية من الفقر و الفاقه، فقال يوما لولده محمّد صالح: إنّي عاجز عن تحمّل مؤنتك، ولا بدّ لك من السعي للمعاش، فاطلب لنفسك ما تريد. فهاجر إلي إصفهان و سكن بعض مدارسه، و كان لأهله وظائف معيّنة يعطى كلّ على حسب رتبته في العلم، و حيث أنّ محمّد صالح كان مبتدئا في التحصيل كان سهمه منها في كلّ يوم غازين، و هي غير وافية لضروري أكله فضلاً عن سائر مصارفه، فكان يستعين في مدّة طويلة بضوء بيت الخلاء للمطالعة، و هو فيها واقف على قدميه إلى أن صار قابلاً للتلقّي من المحقّق محمّد تقي المجلسي قدس سره، فحضر في محفل إفادته في عداد العلماء الأعلام إلى أن فاق عليهم و صار معتمدا عند اُستاذه في الجرح و التعديل في المسائل، ذا منزلة عظيمة لديه، و تلمّذ أيضا عند المولى عبداللّه التستري و ولده المولى حسنعلي، و تزوّج بابنة المحقّق المجلسي.
و كان رحمه الله يقول:
أنا حجّة على الطلّاب من جانب ربّ الأرباب؛ لأنّه لم يكن في الفقر أحد أفقر منّي، و قد مضى علَيّ برهة لم أقدر على ضوء غير ضوء المستراح. و أمّا في الحافظة و الذهن فلم يكن أسوأ منّي، إذا خرجت من الدار كنت أضلّ عنها و أنسى أسامي أولادي، و ابتدأت بتعلّم حروف التهجّي بعد الثلاثين من عمري، فبذلت مجهودي حتّى مَنّ اللّه تعالى عَلىّ بما قسمه لي. ۱
توفّى المولى محمّد صالح في سنة 1081 أو 1086، و دفن في مقبرة اُستاذه العلّامة المجلسي جنب المسجد الجامع بإصفهان، ممّا يلي رجليه، و هو مزار معروف يزار، والاختلاف في سنة وفاته ناش ممّا كتب على لوح قبره من الشعر بالفارسيّة، و هو:

هاتفى گفت به تاريخ كه آهصالح دين محمّد شده فوت
فإن حسبنا التاريخ من لفظة «آه» و ما بعده يكون تاريخ و فاته سنة 1086، والّا يكون سنة 1081 ه ق. ۲

1.خاتمة المستدرك ، ج ۲ ، ص ۱۹۷ ؛ الفيض القدسي (بحارالأنوار ، ج ۲ ، ص ۱۲۵) .

2.خاتمة المستدرك، ج ۲ ، ص ۱۹۶ ـ ۱۹۷؛ الفيض القدسي (بحارالأنوار، ج ۱۰۲، ص ۱۲۴ ـ ۱۲۵) . و اختار ف الخوانسارى في روضات الجنّات، ج ۴، ص ۱۲۰ سنة ۱۰۸۱.


شرح فروع الکافي ج1
8

الموسوي الخوانساري.
قال الخوانساري ـ بعد أن نقل بعض ما وقع بإصفهان في فتنة محمود الأفغان ـ :
و ممّن أشار إلى نبذة من تلك الوقعات و شرح عن جملة منها على وجوه الألواح... المولى الفاضل الأديب النجيب الآقاهادي بن مولانا محمّد صالح المازندراني في بعض مجاميعه...، قال في ذيل ما نقله عن بعض التواريخ المعتمدة من أنّ الأسعار غلت بمصر سنة 465، و كثر الموت، و بلغ الغلاء إلى أنّ امرأة تقوّم عليها رغيف بألف دينار، و سبب ذلك أنّها باعت عروضا لها قيمتها ألف ألف دينار بثلاثمئة دينار، و اشترت عشرين رطلاً حنطة، فنهبت من ظهر الحمّال و نهبت هي أيضا مع الناس فأصابها ممّا خبزته رغيف واحد. و أقول: إنّ من حضر وقعة إصفهان من مخاذلة أفغان و محاضرة هذا العام، و هو سنة أربع و ثلاثين و مئة بعد الألف، و شاهد ماجرى في ثمانية أشهر من شدّة الغلاء حتّى أنّ منّا من الحنطة ـ و هو ثمانية عشر أرطال بالعراقي ـ بيع بخمسة توامين ـ و هو ألف درهم ـ ثمّ نفدت الحنظة و الاُرز و سائر الحبوبات، و انتهى الأمر إلى اللحوم، فمن الغنم إلى البقر، و منه إلى الفرس و البغل، ثمّ الحمير، ثمّ الكلاب و السنّور، ثمّ لحوم الأموات، ثمّ قتل بعضهم بعضا ـ ابتغاء لحمه ـ و ما وقع في طيّ ذلك من الموت و القتل حتّى أنّه كان يموت في كلّ يوم ألف ألف نفس! و كان يباع الضياع و الفراش و الأثاث بربع العشر و دونه، ولا يحصل منه شيء أصلاً، و بالجملة فوربّ البيت ما بولغ من ذلك فما كان جزافا ـ أعاذنا اللّه من مثله ـ لم يتعجّب ممّا في ذلك التاريخ، بل يجزم بتّا قطعا أنّه ما وقعت شدّة عظيمة و بليّة مرزية من يوم خلق السماوات و الأرضون ولا يقع مثلها إلى الساعة، و مع ذلك كان في خارج البلد في غاية الرخص و الوفور، نعوذ باللّه من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، انتهى. ۱

والده:

محمّد صالح بن أحمد السروي المازندراني، كان قدس سره من أعاظم العلماء، جامعا للمعقول و المنقول، ماهرا في الاُصول و الفروع، أزهد أهل زمانه و أعبدهم، كان والده أحمد

1.روضات الجنّات، ج ۱، ص ۱۱۷ ـ ۱۱۸، ترجمة إسماعيل بن محمّد المازندراني الخاجوئي.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154655
صفحه از 527
پرینت  ارسال به