وهل يطهّر بالإتمام ؟ الوجه أنّه لايطهّر ، سواء تمّم بنجس أو طاهر ، وتردّد في المبسوط ، وجزم المرتضى في المسائل الرسّيّة وابن البرّاج وابن إدريس بالتطهير ، وللشافعي في اجتماع القُلّتين من الماء النجس وجهان ۱ .
وهذا هو ظاهر استدلالاتهم أيضا على ما حكاها العلّامة رحمه الله في الكتابين من :
أنّ السيّد المرتضى استدلّ بوجهين :
الأوّل أنّ بلوغ الكرّيّة يوجب استهلاك النجاسة ، ولا فارق بين وقوعها فيه قبل البلوغ وبعده .
والثاني : أنّه لو لم نحكم بالطهارة حينئذٍ لما حكم بطهارة الكثير إن اشتبه أنّ وقوع النجاسة فيه قبل البلوغ أو بعده ، والتالي باطل اتّفاقا ، فالمقدّم مثله ۲ .
وأنّ ابن إدريس احتجّ بوجوه : أحدها قوله عليه السلام : «إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا» ۳ ، وادّعى التواتر فيه ، الثاني : عموم الماء في قوله تعالى : «وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ »۴ ، والثالث : الإجماع ۵ .
والجواب عن الأوّل : وجود الفارق ، وهو القلّة والكثرة ، والنصوص الدالّة على أنّ القليل ينجّس بالملاقاة للنجاسة ، والكثير لاينجّس بها ، فإنّ ذلك يقتضي استهلاك النجاسة بالكثير دون القليل .
وعن الثاني : منع الملازمة ؛ لأصالة الطهارة في الكثير الذي اشتبه وقوع النجاسة فيه ، ولما دلّ عموما على طهارة كلّ شيء حتّى يعلم أنّه نجس ، بخلاف المقدّم ، فإنّ الأصل فيما علم نجاسته والاستصحاب يقتضي بقاء نجاسته حتّى يعلم زوالها .
وعن الثالث : ما ذكر من أنّ المتبادر في المتعارفات من قوله عليه السلام : «إذا بلغ الماء كرّا
1.. مختلف الشيعة ، ج ۱ ، ص ۱۸۰ .
2.. رسائل الشريف المرتضى ، ج ۲ ، ص ۳۶۱ ـ ۳۶۲ ، والمذكور هنا نقلٌ بالمعنى .
3.. أورده الشيخ في المبسوط ، ج ۱ ، ص ۷ ؛ والجصّاص في أحكام القرآن ، ج ۳ ، ص ۳۴۱ مرسلاً .
وقال العلّامة في المعتبر ، ج ۱ ، ص ۵۳ : «الخبر مرسل لايعمل به ، وكتب الحديث عن الأئمّة خالية عنه أصلاً» .
وقال في ص ۵۵ : «وما يدّعى من قول الأئمّة : «إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا» ؛ لم نعرفه ولا نقلناه عنهم ، ونحن نطلب المدّعي نقل هذا اللفظ بالإسناد إليهم» .
4.. الأنفال (۸) : ۱۱ .
5.. السرائر ، ج ۱ ، ص ۶۳ ـ ۶۶ . وفي المذكور هنا تلخيص ونقل بالمعنى .