123
شرح فروع الکافي ج2

باب تعجيل الدفن

أجمع الأصحاب على استحباب تعجيل تجهيز الميّت ودفنه ما لم يشتبه ، ۱ مات ليلاً أو نهارا ، وهو المشهور بين العامّة . ۲
ودلّ عليه أخبار متعدّدة ، منها : ما رواه المصنّف في الباب ، ويؤيّده ما رواه مسلم عن أبي هريرة ، قال : قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «أسرعوا بالجنازة ، فإن تك صالحة فخير تقدّمونها، وإن تك غير صالحة فشرّ تضعونه عن رقابكم». ۳
وكره بعض العامّة دفنه ليلاً إلّا من ضرورة، ۴ محتجّاً بما رواه مسلم عن جابر بن عبد اللّه : أنّه زجر النبيّ صلى الله عليه و آله أن يقبر الرجل باللّيل حتّى يصلّى عليه ، إلّا أن يضطرّ الإنسان إلى ذلك . ۵
واستحبّ بعضهم تأخيره ما لم يخشَ تغيّره . ۶
ويردّهما ما ذكر .
والمراد بالتعجيل تجهيزه بلا تراخ ولا مهلة عرفاً دون الإسراع بها والخَبَبَ ۷ ، كما ذهب إليه جماعة من العامّة . ۸
ويردّه ما جاء من طرقهم : «عليكم بالقصد في جنائزكم ». ۹
وأمّا مع الاشتباه فلا يجوز التعجيل حتّى يظهر الموت أو يمضى ثلاثة أيّام .
قال المفيد قدس سره :
ينتظر بصاحب الذِرب ۱۰ والغريق ، ومن أصابته صاعقة، أو انهدم عليه بيت ، أو سقط عليه جدار ، فلا يعجّل بغسله ودفنه ، فربّما لحقته السكتة بذلك أو ضعف حتّى يظنّ به الموت ، فإذا تحقّق موته غسّل وكفّن ودفن ، ولا ينتظر به أكثر من ثلاثة أيّام ، فإنّه لا شبهة في موته بعد ثلاثة أيّام . ۱۱
وما ذكره من انتفاء الشبهة بعد الثلاثة مطابق لقول الأطبّاء : «إنّ صاحب السكتة يفيق لا محالة في الثلاثة ».
ويدلّ على الحكم ما رواه الشيخ في حسنة إسماعيل بن عبد الخالق ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «خمسة ينتظر بهم إلّا أن يتغيّروا : الغريق والمصعوق ۱۲ والمبطون والمهدوم والمدّخن». ۱۳
وحسنة هشام بن الحكم، عن أبي الحسن عليه السلام ؛ في المصعوق والغريق ، قال : «ينتظر به ثلاثة أيّام ، إلّا أن يتغيّر قبل ذلك». ۱۴
وموثّقة إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الغريق أيغسّل؟ قال : «نعم ، ويستبرأ»، قلت : وكيف يستبرأ؟ قال : «يترك ثلاثة أيّام قبل أن يدفن ، إلّا أن يتغيّر قبل فيغسّل ويدفن ، وكذلك صاحب الصاعقة ، فإنّه ربّما ظنّ أنّه قد مات ولم يمت». ۱۵
وخبر عليّ بن أبي حمزة ۱۶ ، قال : أصاب بمكّة سنة من السنين صواعق [كثيرة] مات من ذلك خلق كثير ، فدخلت على أبي إبراهيم عليه السلام فقال مبتدئاً من غير أن أسأله : «ينبغي للغريق والمصعوق أن يتربّص به ثلاثة، لا يدفن إلّا أن يجيء منه ريح تدلّ على موته»، قلت : جُعلت فداك ، كأنّك تخبرني أنّه قد دفن ناس كثير أحياء؟ فقال : نعم يا عليّ ، قد دفن ناس كثير أحياء ما ماتوا إلّا في قبورهم» . ۱۷

1.اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج ۱، ص ۳۴۳ ، المسألة ۱۱۴؛ قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۲۲۱؛ نهاية الإحكام، ج ۲، ص ۲۱۷، جامع المقاصد، ج ۱، ص ۳۵۴ ؛ الدروس، ج ۱، ص ۱۰۳، درس ۹، الذكرى، ج ۱، ص ۲۹۹؛ مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۵۸ ؛ جامع الخلاف والوفاق، ص ۱۰۷؛ كشف اللثام، ج ۲، ص ۲۰۰؛ مفتاح الكرامة، ج ۳ ، ص ۴۱۲.

2.راجع: الاُمّ للشافعي، ج ۱، ص ۳۱۵ ، باب الدفن؛ معرفة السنن والآثار، ج ۳ ، ص ۱۲۶؛ المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۱۲۴ و ۲۲۶؛ بداية المجتهد، ج ۱، ص ۱۸۱.

3.صحيح مسلم، ج ۳ ، ص ۵۰ ، باب الإسراع بالجنازة ، و فيه: «و إن تكن غير ذلك» بدل «و إن تك غير صالحة». و الرواية موجودة في غالب مصادرهم، منها: مسند أحمد، ج ۲، و ص ۲۴۰؛ صحيح البخاري، ج ۲، ص ۸۷ ۸۸ ، باب في الجنائز؛ سنن ابن ماجة، ج ۱، ص ۴۷۴، ح ۱۴۷۷؛ سنن أبي داود، ج ۲، ص ۷۵، ح ۳۱۸۱ ؛ سنن النسائي، ج ۴، ص ۴۲ ؛ و السنن الكبرى له أيضا، ج ۱، ص ۶۲۴، ح ۲۰۳۷ و ۲۰۳۸؛ مسند الحميدي، ج ۲، ص ۴۴۴ ۴۴۵ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج ۳ ، ص ۱۶۶، باب فيالجنازة يسرع بها إذا خرج بها أم لا، ح ۱؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۴، ص ۲۱.

4.نسب هذا القول إلى الحسن البصرى و أحمد في: تذكرة الفقهاء، ج ۲، ص ۱۰۸؛ المغني لابن قدامة، ج ۲، ص ۴۱۷، الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة ، ج ۲، ص ۴۱۷، المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۳۰۲ . و في الأخيرين عن الحسن وحده.

5.صحيح مسلم، ج ۳ ، ص ۵۰ ، باب الإسراع بالجنازة. و رواه أحمد في المسند، ج ۳ ، ص ۲۹۵؛ و أبوداود في سننه، ج ۲، ص ۶۸، ح ۳۱۴۸ ؛ و الحاكم في المستدرك، ج ۱، ص ۳۶۹ .

6.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۳۰۲ .

7.الخَبب : ضرب من العَدْو ، وصو خَظؤ فسيح دون العَنَق . المصباح المنير ، ص ۱۶۳ (خبب) .

8.المغني، ج ۲، ص ۳۵۹ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۳۵۹ ۳۶۰ ؛ كشّاف القناع، ج ۲، ص ۱۵۰؛ عمدة القاري ، ج ۸ ، ص ۱۱۳.

9.المصنّف لابن أبي شيبة، ج ۳ ، ص ۱۶۶، في الجنازه يسرع بها إذا خرج بها أم لا؟، ح ۱؛ التمهيد لابن عبدالبرّ، ج ۱۶، ص ۳۴ . و ورد بلفظ: «عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم» في: مسند الطيالسي، ص ۷۱؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۴، ص ۲۲؛ المعجم الأوسط، ج ۶، ص ۱۳۷، و فيه: «لجنائزكم» ؛ شرح معاني الآثار، ج ۱، ص ۴۷۹ ، و لفظه: «عليكم بالقصد بجنائزكم»؛ كنز العمّال، ج ۱۵، ص ۵۹۴ ، ح ۴۲۳۴۲ ؛ و ص ۷۲۴، ح ۴۲۸۸۵. و رواه الشيخ الطوسي في الأمالي، المجلس ۱۳، ح ۷۸؛ وسائل الشيعة، ج ۳۸ ص ۲۳۴، ح ۳۴۹۵ .

10.الذرب بالتحريك : الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ، ويفسد فيها فلا تمسكه . النهاية لابن الأثير ، ج ۲ ، ص ۱۵۶ (ذرب) . والذرب بالكسر : داء يكون في الكبد . مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۵۸ (ذرب) .

11.المقنعة، ص ۸۶ .

12.المصعوق : من أصابته الصاعقة ، والذي غشي عليه .

13.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۸ ، ح ۹۸۸؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۴۷۴ ۴۷۵، ح ۲۶۸۵. رواه الكليني في الكافي، ج ۳، ص ۲۱۰، باب الغريق و المصعوق، ح ۵ ؛ و الصدوق في الخصال، ص ۳۰۰ ، باب الخمسة، ح ۷۵.

14.رواه الكليني في الكافي، ج ۳، ص ۲۱۰، باب الغريق و المصعوق، ح ۱؛ و الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۸ ، ح ۹۹۲؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۴۷۴، ح ۲۶۸۴.

15.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۸ ، ح ۹۹۰، وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۴۷۵، ح ۲۶۸۶. و رواه الكليني في الكافي، ج ۳، ص ۲۰۹، باب الغريق و المصعوق، ح ۲، بنقص فقرة : «إلّا أن يتغيّر قبل فيغسل و يدفن».

16.في هامش الأصل: «في طريقه أحمد بن مهران ، هو ضعيف. منه» .

17.رواه الكليني في الكافي، ج ۳، ص ۲۱۰، باب الغريق و المصعوق، ح ۶، و ما بين الحاصرتين منه. و من طريقه الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۸ ، ح ۹۹۱. وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۴۷۵ ۴۷۶، ح ۲۶۸۸.


شرح فروع الکافي ج2
122
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 203060
صفحه از 575
پرینت  ارسال به