151
شرح فروع الکافي ج2

باب ما يستحبّ من الثياب للكفن وما يكره

أراد قدس سره بالكراهة المعنى الشامل للحرمة، واعلم أنّه يستحبّ في الكفن اُمور:
الأوّل والثاني: أن يكون قطناً أبيض في غبر البُرد، فإنّه مستحبّ في الأحمر منه، مع أنّه ممزّج بالحرير، ويستفاد ذلك من بعض أخبار الباب وغيرها ممّا قد سبق، وما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «ليس من ثيابكم شيء أحسن من البياض فالبسوه وكفّنوا فيه موتاكم». ۱
وفي المنتهى: ۲ «وروى الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفّنوا فيها موتاكم»، ۳ وكفّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ثلاثة أثواب بيض». ۴
والثالث: أن يكون جيّدا من أفخر ثيابه؛ لمرسلة ابن أبي عمير، ۵ وخبر أبي خديجة، ۶ ورواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان، ۷ وما رواه مسلم في صحيحة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ذكر رجلاً من أصحابه قبض وكفّن في غير طائل، فقال : إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه». ۸
ويكره فيه اُمور:
أحدها: أن يكون أسود، وفي المنتهى: «لا نعرف فيه خلافاً». ۹ وحمل عليها النهي عنه فيما رواه الشيخ عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «لا يكفّن الميّت في السواد». ۱۰
وعن الحسين بن المختار، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يحرم الرجل في ثوبٍ أسود؛ قال : «لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفّن به». ۱۱
والظاهر عموم السواد لكلّ ما عدا البياض من الألوان مستثنى منه العصب، ۱۲ وقد شاع استعماله فيه ؛ لما تقدّم في الصحيح عن الحسن بن راشد . ۱۳
وقال طاب ثراه:
ويكره غير الأبيض مطلقاً إلّا عند مالك، فإنّه قال : «يكره المصبوغ إلّا العصب والمصبوغ بالطيب كالورس والزعفران» . واختلف في المعصفر فأجازه تارةً بلا كراهة؛ لأنّه من الطيب لا سيّما مع طراوته، أو لأنّه لباس العرب، ومنعه اُخرى؛ لأنّه ليس من الطيب، ولأنّه من ملابس الزينة.
والرابع: أن لا يكون حريرا محضاً؛ لخبر عبد الملك، ۱۴ فإنّ الظاهر أنّ النهي عن التكفين في ثوب الكعبة إنّما هو لكونه حريرا، وخبر الحسين بن المختار. ۱۵
وعورض ذلك بما رواه الشيخ قدس سره عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «نعم الكفن الحلّة». ۱۶
ومن طرق العامّة أيضاً: «خير الكفن الحلّة». ۱۷
واُجيب عنه بطرحه، ففي المنتهى: «هو خبر شاذّ لم يعمل به أحد من الأصحاب ولا أحد من الجمهور؛ لاتّفاقهم على كراهية الإبريسم، وفي طريقه ضعف». ۱۸
وفي التهذيب: «ولسنا نعمل به ؛ لأنّ الكفن لا يجوز أن يكون من الابريسم». ۱۹
وأقول : الأصوب أن يقال : إنّ الحلّة على ما ذكره ابن الأثير في النهاية ليست حريرا محضاً، فقد فسّر الحلل ببرود اليمن، ۲۰ وهي إنّما تكون ممزّجة، بل التكفين فيه مستحبّ كما سبق.
وهل يحرم تكفين المرأة فيه؟ عموم النهي يقتضيه، واستشكله العلّامة في المنتهى من جواز لبسهنّ له في الصلاة، ۲۱ وهو غير وارد على ما ذهب إليه الصدوق من عدم جواز الصلاة فيه مطلقاً . ۲۲
قوله في صحيحة أبي خديجة: (تنوّقوا في الأكفان) . [ح 6 / 4366] في القاموس: «تنيّق في مطعمه وملبسه: تجوّد وبالغ كتنوّق ». ۲۳
قوله في خبر يونس بن يعقوب: (في ثوبين شطويين) . [ح 8 / 4368] قال الجوهري: «شطا اسم قرية بناحية مصر تُنسب إليها الثياب الشطوية ». ۲۴
قوله في خبر أبي مريم: (ببُرد أحمر حَبرة) [ح 9 / 4369]حِبَرَة كعِنَبَة: ضرب من برود اليمن، كذافي القاموس، ۲۵ وهو بدل عن برد أحمر .
قوله في موثّقة عمّار: (فاجعل العمامة سابرياً) . [ح 10 / 4370] في القاموس: السابري: «ثوب رقيق»، ۲۶
وفي النهاية: «كلّ رقيق عندهم سابري، والأصل فيه الدروع السابرية منسوبة إلى سابور ». ۲۷
قوله: (عن الحسين بن راشد) . [ح 12 / 4372].
هو مجهول الحال، وفي بعض النسخ الحسن بن راشد وفاقاً لنسخ التهذيب، الظاهر أنّه أبو عليّ البغدادي الّذي عدّه الكشّي من أصحاب الرضا عليه السلام وروى فيه خبر يستفاد منه توثيقه، ۲۸ فالخبر صحيح.
والعصب بالعين والصاد المهملتين، وهو على ما في القاموس : ضرب من البرود؛ ۲۹ لأنّه يُصبَغ بالعَصب، وهو نبت.
وفي النهاية:
العصب: برود يمنية يُعصب غَزلها، أي يُجمع ويشدّ، ثمّ يصبغ وينسج، فيأتي مَوْشِيّاً ؛ لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ، يقال : بُردٌ عَصْبٍ وبرودٌ عصبٍ بالتنوين والإضافة. وقيل: هي برود مخطّطة. والعَصْب: الفتل، والعصّاب: الغزّال. ۳۰
وفي بعض النسخ : «القَصَب» بالقاف على حَذْو بعض نسخ الفقيه. ۳۱
وفي القاموس: «القصب: ثياب ناعمة من كتّان». ۳۲ ويأبى عنه قوله : «من قزّ وقطن».
والظاهر أنّه ما هو المتعارف اليوم من المنسوج من الإبريسم والقطن الّذي له نعومة.
وقوله عليه السلام : «إذا كان القطن أكثر من القزّ فلا بأس» يدلّ على اشتراط أغلبية القطن في نفي الحرير، ويأتي القول فيه في باب ثياب المصلّي إن شاء اللّه .

1.هذا هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي . و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۳۴ ؛ ح ۱۳۹۰ . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۴۱ ۴۲، ح ۲۹۷۸ . و في الجميع: «لباسكم» بدل «ثيابكم»، نعم ورد بلفظ «ثيابكم» في مكارم الأخلاق للطبرسى، ص ۱۰۴.

2.منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۳۸ (ط قديم) .

3.مسند الحميدي، ج ۱، ص ۲۴۰، ح ۵۲۰ ؛ المعجم الصغير للطبراني، ج ۱، ص ۱۳۹؛ المعجم الأوسط له أيضا، ج ۴، ص ۷؛ المعجم الكبير له أيضا، ج ۱۲، ص ۵۲ ؛ مسند الشهاب، ج ۲، ص ۲۳۲، ح ۱۲۵۳؛ ناسخ الحديث و منسوخه لابن شاهين، ص ۵۵۹ ، ح ۵۸۶ ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۲۳، باب ما يحرم فيه من الثياب، معرفة السنن والآثار، ج ۳ ، ص ۱۳۵ ـ ۱۳۶، ح ۲۰۸۵؛ مسند أحمد، ج ۱، ص ۳۵۵ ، و فيه «أحياء» بدل «أحياؤكم».

4.اُنظر: الاُمّ، ج ۱، ص ۳۰۳ ؛ مختصر المزني، ص ۳۶ ؛ مسند أحمد، ج ۶، ص ۹۳ و ۱۳۲؛ صحيح البخاري، ج ۲، ص ۷۷ و ۱۰۶؛ صحيح مسلم، ج ۳ ، ص ۴۹ ؛ سنن ابن ماجة، ج ۱، ص ۴۷۲ ، ح ۱۴۶۹؛ سنن الترمذي، ج ۲، ص ۲۳۳، ح ۱۰۰۱، السنن الكبرى للنسائي، ج ۱، ص ۶۲۱، ح ۲۰۲۵ و ۲۰۲۶؛ و ج ۴، ص ۲۶۲، ح ۷۱۲۶؛ سنن النسائي، ج ۴، ص ۳۵ و ۳۶ ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۳ ، ص ۳۹۹ و ۴۰۰.

5.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

6.هو الحديث ۶ من هذا الباب من الكافي.

7.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۴۹ ؛ ح ۱۴۵۴؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۳۹ ، ح ۲۹۷۰.

8.صحيح مسلم، ج ۳ ، ص ۵۰ . و رواه أحمد في مسنده، ج ۳ ، ص ۲۹۵؛ و أبو داود في سننه، ج ۲، ص ۶۸، ح ۳۱۴۸ ؛ و النسائي في سننه، ج ۴، ص ۳۳ ؛ و في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۶۲۱، ح ۲۰۲۲؛ و الحاكم في المستدرك، ج ۱، ص ۳۶۹ ؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۳ ، ص ۴۰۳ ؛ و ج ۴، ص ۳۲ .

9.منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۳۸ (ط قديم) .

10.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۳۴، ح ۱۳۹۴؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۴۳، ح ۲۹۸۱.

11.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۳۵، ح ۱۳۹۵؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۴۳، ح ۲۹۸۲.

12.العَصب: ضرب من برود اليمن، سمّي بذلك لأنّه يصبغ بالعصب، و هو بنت باليمن. تذكرة الفقهاء، ج ۲، ص ۵ .

13.وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۴۵، ح ۲۹۸۶.

14.هو الحديث ۵ من هذ الباب من الكافي.

15.كذا بالأصل، و خبره و هو الحديث ۱۱ من هذا الباب يدلّ على المنع عن تكفين الميّت بالسواد، و الظاهر أنّ مراده خبر الحسين بن راشد و هو الحديث ۱۲ من هذا الباب و هو يدلّ على المطلوب.

16.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۳۷، ح ۱۴۰۶؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۱۱، ح ۷۴۳؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۴۵، ح ۲۹۸۷.

17.سنن ابن ماجة، ج ۱، ص ۴۷۳، ح ۱۴۷۳؛ و ج ۲، ص ۱۰۴۷، ح ۳۱۳۰ ؛ سنن أبي داود، ج ۲، ص ۷۰؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۳ ، ص ۴۰۳، مسند الشاميّين، ج ۳ ، ص ۲۷۷، ح ۲۲۵۲.

18.منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۳۸ (ط قديم) .

19.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۳۷، ذيل ح ۱۴۰۶.

20.النهاية، ج ۱، ص ۴۳۲ (حلل) .

21.منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۳۸ (ط قديم) .

22.الفقيه، ج ۱، ص ۲۶۳، ذيل ح ۸۱۱ .

23.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۴۶۳ (نوق) .

24.صحاح اللغة، ج ۶، ص ۲۳۹۲ (شطا) .

25.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۵۷۳ (حبر) .

26.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۵۰۹ (سبر) .

27.النهاية، ج ۲، ص ۳۳۴ (سبر) .

28.اختيار معرفة الرجال، ج ۲، ص ۸۰۰ ، ح ۹۹۲.

29.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۳ (عصب).

30.النهاية، ج ۳ ، ص ۲۴۵ (عصب) .

31.الفقيه، ج ۱، ص ۱۴۷، ح ۴۱۲ .

32.القاموس المحيط، ج ۳ ، ص ۶۲۸ (قصب) .


شرح فروع الکافي ج2
150
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 203274
صفحه از 575
پرینت  ارسال به