191
شرح فروع الکافي ج2

باب السنّة في حمل الجنازة

يستحبّ حملها كيفما اتّفق على ما دلّ عليه ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، قال : كتبت إليه أسأله عن سرير الميّت يُحمل، ألهُ جانب يُبدأ به في الحمل من جوانبه الأربع أو ما خفّ على الرجل، يحمل من أيّ الجوانب شاء ؟ فكتب : «من أيّها شاء». ۱
ويتأكّد حملها من جوانبها الأربعة، ويقال له: التربيع، لمّا رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : «من أخذ بجوانب السرير الأربعة غفر اللّه له أربعين كبيرة». ۲
وعنه عليه السلام قال : «من أخذ بقوائم السرير غفر اللّه له خمساً وعشرين كبيرة، وإذا ربّع خرج من الذنوب». ۳
وعنه عليه السلام أنّه قال لإسحاق بن عمّار : «إذا حملت جوانب سرير الميّت خرجت من الذنوب كما ولدتك اُمّك» . ۴
وروى الجمهور عن عبد اللّه بن مسعود أنّه قال : إذا أتبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة، ثمّ ليتطوّع بعد أو ليذر، فإنّه مِن السنّة. ۵
وأفضل أنواع التربيع على ما قاله الشيخ في الخلاف:
أن يبدأ بميسرة الجنازة ويأخذها بيمينه، ويتركها على عاتقه، ويرفع الجنازة ويمشي إلى رجليها، ويدور عليها دور الرحى إلى أن يرجع إلى ميمنة الجنازة، فيأخذ ميامنها بمياسره. ۶
وحكاه عن سعيد بن جبير والثوري وإسحاق. ۷
ويدلّ عليه خبر عليّ ين يقطين ۸ وخبر الفضل بن يونس ۹ أيضاً ، فإنّ الظاهر أنّ المراد باليد فيه يد الميّت.
وقال في النهاية والمبسوط : «يبدأ بمقدّم السرير الأيمن، يمرّ عليه ويدور من خلفه إلى الجانب الأيسر، ثمّ يمرّ عليه حتّى يرجع إلى المقدّم، كذلك دور الرحا». ۱۰
ويدلّ عليه خبر العلاءبن سيابة: ۱۱
وقال صاحب المدارك: «ومثله روى الفضل بن يونس عن الكاظم عليه السلام » ۱۲ وهذه الرواية أظهر في المعنى الأوّل كما أشرنا إليه، والظاهر تسوية هاتين الطريقتين في الفضل، وهو المشهور بين المتأخّرين.
وقال الشهيد الثاني في شرح اللمعة:
أفضله يعني أفضل أنواع الترتيب ۱۳ أن يبدأ [في الحمل] بجانب السرير الأيمن؛ وهو الّذي يلي يسار الميّت، فيحمله بكتفه الأيمن، ثمّ ينتقل إلى مؤخّره الأيمن، فيحمله بالأيمن كذلك، ثمّ ينتقل إلى مؤخّره الأيسر، فيحمله بالكتف الأيسر ثمّ ينتقل إلى مؤخّره الأيسر، فيحمله بالكتف الأيسر كذلك. ۱۴
فقد رجّح خبر العلاء بن سيابة ، لكنّ الظاهر أنّه على هذا الخبر يحمل السرير من جانبيه الأيمنين بكتفه الأيسر، ومن جانبيه الأيسرين بكتفه الأيمن في مطلق الجنائز كما هو المتعارف.
وما ذكره إنّما يتصوّر في المَحَفّة والزنبل وشبههما من الجنائز ذوات العمودين مشياً من بينهما، وقد شاهدت ذلك من سبطه المحقّق الشيخ عليّ، ۱۵
وهو خلاف المتعارف .
وما ذكرناه من فضل التربيع محكيّ في الخلاف ۱۶ عن أبي حنيفة ۱۷ والثوري، ۱۸ وحكى فيه عن الشافعي أنّه قال : «الأفضل أن يجمع بين التربيع والحمل بين العمودين، فإن أراد الاقتصار على أحدهما فالأفضل الحمل بين العمودين». ۱۹ وحكى مثله عن مالك أيضاً. ۲۰ وعن أحمد أنّهما سواء . ۲۱
ويظهر من خبر الفضل بن يونس أنّ الأفضل عندهم البدأة باليد اليمنى للميّت بأن يضع جانب السرير الأيسر على عاتقه الأيمن ثمّ بالرجل اليسرى له، ويرجع إلى مقدّم السرير، ويدور بين يديه إلى الجانب الأيمن للسرير واليد اليسرى للميّت لا من خلفه، ونقله في [فتح] العَزيز عن الشافعيّ، وحكى فيه عن نصّ الشافعيّ:
أنّ من أراد التبرّك بحمل الجنازة من جوانبها الأربعة بدأ بعمود الأيسر من مقدّمها، فيحمله على عاتقه الأيمن، ثمّ يسلّمه إلى غيرها، ويأخذ العمود الأيسر من مؤخّرها فيحمله على عاتقه الأيمن أيضاً، ثمّ يتقدّم فيعرض بين يديها؛ لئلّا يكون ماشياً خلفها، فيأخذ العمود الأيمن من مقدّمها ويحمله على عاتقه الأيسر، ثمّ يأخذ العمود الأيمن من مؤخّرها. ۲۲
ثمّ قال :
وذكر للتربيع سوى هذا المعنى معنىً آخر، وهو: أن يحمل الجنازة أربعة نفر، وإنّما سُمّي هذا تربيعاً لأنّ الجنازة محمولة أربعة في مقابلة الحمل بين العمودين.
وقال :
الحمل بين العمودين أن يتقدّم رجل فيضع الخشبتين الشاخصتين وهما العمودان على عاتقيه، والخشبة المعترضة بينهما على كتفه، ويحمل مؤخّر الجنازة رجلان أحدهما من الجانب الأيمن والثاني من الأيسر، فيكون الجنازة محمولة [على ]ثلاثة، فإن لم يستقلّ المتقدّم بالحمل أعانه رجلان خارج العمودين، يضع كلّ واحدٍ منهما واحدا على عاتقه، فيكون الجنازة محمولة [على ]خمسة . ۲۳

1.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۳ ۴۵۴، ح ۱۴۷۷ ؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۱۶، ح ۷۶۶. و رواه الصدوق في الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۲، ح ۴۶۲ . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۵، ح ۳۲۷۳ .

2.الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۱، ح ۴۵۴. و رواه الكليني في الكافي، ج ۳، ص ۱۷۴، باب ثواب من حمل جنازة، ح ۳ . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۴، ح ۳۲۶۸ .

3.الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۲، ح ۴۵۹ . و رواه الكليني في الكافي، ج ۳، ص ۱۷۴، باب ثواب من حمل جنازة، ح ۲ . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۴، ح ۳۲۶۷ .

4.الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۲، ح ۴۶۰ ؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۴ ۱۵۵، ح ۳۲۷۱ .

5.السنن الكبرى للبيهقي، ج ۴، ص ۲۰، باب من حمل الجنازة فدار على جوانبها الأربعة؛ مسند الطيالسي، ص ۴۴.

6.الخلاف، ج ۱، ص ۷۱۸، المسألة ۵۳۱ .

7.اُنظر: المغني لابن قدامة، ج ۲، ص ۳۶۵ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۳۵۹ .

8.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۳، ح ۱۴۷۵؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۱۶، ح ۷۶۴؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۶، ح ۳۲۷۶ .

9.هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۲ ۴۵۳، ح ۱۴۷۳؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۶، ح ۳۲۷۵ .

10.النهاية، ص ۳۷ ، المبسوط، ج ۱، ص ۱۸۳.

11.هو الحديث ۴ من هذا الباب من الكافي. الاستبصار، ج ۱، ص ۲۱۶، ح ۷۶۳؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۶، ح ۳۲۷۷ .

12.مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۱۲۶. و الحديث هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي.

13.كذا، والمناسب : «التربيع».

14.شرح اللمعة، ج ۱، ص ۴۳۰.

15.لم أعثر على كلامه.

16.الخلاف، ج ۱، ص ۷۱۷، المسألة ۵۳۰ .

17.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۷۰؛ المغني لابن قدامة، ج ۲، ص ۳۶۵ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۳۵۹ ؛ كشّاف القناع، ج ۲، ص ۱۴۹؛ المحلّى، ج ۵ ، ص ۱۶۷؛ بدائع الصنائع، ج ۱، ص ۳۰۹ .

18.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۷۰.

19.كتاب الاُمّ، ج ۱، ص ۳۰۷ و ۳۱۰ ؛ مختصر المزني، ص ۳۷ ؛ فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۴۱ ۱۴۱؛ حواشي الشرواني و العبادي على تحفة المحتاج، ج ۳ ، ص ۱۲۹. روضة الطالبين، ج ۱، ص ۶۲۹؛ المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۶۹ و ۲۷۰؛ المغني، ج ۲، ص ۳۶۵ .

20.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۷۰؛ المغني، ج ۲، ص ۳۶۵ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۳۵۹ ، المحلّى، ج ۵ ، ص ۱۶۷ ، و فيه: «يحمل النعش كما يشاء الحامل، إن شاء من أحد قوائمه، و إن شاء بين العمودين».

21.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۷۰. و حكى عنه الرافعي في فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۴۲ أفضليّة التربيع . و عن مالك: أنّهما سواء.

22.فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۴۲ . و حكاه أيضا النووي في المجموع، ج ۵ ، ص ۲۶۹؛ و في روضة الطالبين، ج ۱، ص ۶۲۹.

23.فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۴۰ ۱۴۱.


شرح فروع الکافي ج2
190

باب القول عند رؤية الجنازة

يستحبّ أن يُقال عندها ما يدلّ على تصديق الموت والحشر ، كما يدلّ عليه خبر عنبسة ، ۱ وما يتضمّن الشكر على البقاء والحياة ، كما يدلّ عليه الخبران الأوّلان ، وإن كان تمنّي الموت أيضاً مطلوباً شرعاً ؛ لوجوب شكر اللّه على كلّ حال .
وقال الشهيد في الذكرى:
ولا ينافي هذا حبّ لقاء اللّه ؛ لأنّه غير مقيّد بوقت، فيُحمل على حال الاحتضار ومعاينة ما يحبّ، كما روينا عن الصادق عليه السلام ، ۲ ورووه في الصحاح عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقاءه، ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه». قيل له صلى الله عليه و آله : إنّا لنكره الموت . فقال : «ليس ذلك، ولكنّ المؤمن إذا حضره الموت بُشّر برضوان اللّه و كرامته، فليس شيء أحبّ إليه ممّا أمامه، فأحبّ لقاء اللّه وأحبّ اللّه لقاءه ، وأنّ الكافر إذا حُضر بشّر بعذاب اللّه ، فليس شي?أكره إليه ممّا أمامه، وكره لقاء اللّه [فكره اللّه لقاءه]» . ۳ وبقيّة عمر المؤمن نفيسة ، كما أشار إليه النبيّ صلى الله عليه و آله في الصحاح : «لا يتمنّ أحدكم الموت، ولا يَدعُ به من قبل أن يأتيه ، إنّه إذا مات انقطع عمله، وإنّه لا يزيد المؤمن في عمره إلّا خيرا». ۴ وقال عليّ عليه السلام : «بقيّة عمر المؤمن لا ثمن لها، يدرك بها ما فات، ويحيي بها ما مات» ۵ . ۶
قوله في خبر عليّ بن أبي حمزة: (من السواد المخترم) . [ح 1 / 4441] يقال : اخترم فلان مبنيّاً للمفعول أي مات.
وفي الذكرى: «ويجوز أن يُكنّى بالمخترم عن الكافر ؛ لأنّه الهالك على الإطلاق [بخلاف المؤمن]، أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة ». ۷
وقد قال في موضع آخر : وعن الباقر عليه السلام : «من مات دون الأربعين فقد اختُرم، ومن مات دون أربعة عشر يوماً فموته موت فجأة» . ۸
فإن استند في المعنى الأخير بهذا الخبر ففيه تأمّل .

1.هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۵۲، ح ۱۴۷۱؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۷۵، ح ۳۲۷۹ .

2.الكافي، ج ۳، ص ۱۳۴، باب ما يعاين المؤمن و الكافر، ح ۱۲؛ معاني الأخبار، ص ۲۳۶، باب معنى ما روى أنّ مَن أحبّ لقاء اللّه تعالى أحبّ اللّه لقاءَه...، ح ۱؛ كتاب الزهد لحسين بن سعيد الأهوازي، ص ۸۳ ، ح ۲۲۰.

3.مسند أحمد، ج ۳ ، ص ۷۰؛ و ج ۴، ص ۲۵۹ ۲۶۰؛ صحيح البخاري، ج ۷، ص ۱۹۱؛ صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۶۵؛ سنن الدارمي، ج ۲، ص ۳۱۲ ، سنن ابن ماجة، ج ۲، ص ۱۴۲۵، ح ۴۲۶۴ ؛ السنن الكبرى للنسائي، ج ۱، ص ۶۴، ح ۱۹۶۴؛ سنن النسائي، ج ۴، ص ۹ و ۱۰؛ مسند ابن راهوية، ج ۳ ، ص ۷۱۵، ح ۷۷۷؛ سنن الترمذي، ج ۲، ص ۲۶۵، ح ۱۰۷۳؛ المصنّف لعبد الرزّاق، ج ۳ ، ص ۵۸۷۵۸۶ ، ح ۶۷۴۸؛ مسند ابن الجعد، ص ۴۵۵ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد، ص ۹۴، ح ۱۸۴؛ الآحاد والمثاني، ج ۳ ، ص ۴۳۰، ح ۱۸۶۳؛ مسند أبييعلى، ج ۶، ص ۴۶۹ ۴۷۰، ح ۳۸۷۷ ؛ صحيح ابن حبّان، ج ۷، ص ۲۷۹؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج ۳ ، ص ۲۸۳؛ و ج ۴، ص ۳۳۸ . و ما بين الحاصرتين من المصادر.

4.مسند أحمد، ج ۲، ص ۳۱۶ ؛ صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۶۵؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۳ ، ص ۳۷۷ ؛ صحيح ابن حبّان، ج ۷، ص ۲۸۵؛ كنز العمّال، ج ۲، ص ۹۳، ح ۳۲۹۴ .

5.الدعوات للراوندي، ص ۱۲۲، ح ۲۹۸؛ مجمع البيان، ج ۱، ص ۳۱۳ ، في تفسير الآية ۹۶ من سورة البقرة، و فيه : «ما أمات» بدل «ما مات».

6.الذكرى، ج ۱، ص ۳۸۹ ۳۹۰ .

7.الذكرى، ج ۱، ص ۳۹۰ . و ما بين الحاصرتين منه.

8.الذكرى، ج ۱، ص ۲۸۴. الكافي، ج ۳، ص ۱۱۹، من باب حدّ موت الفجأة، ح ۱؛ مستدرك الوسائل، ج ۲، ص ۱۴۶ ۱۴۷، ح ۱۶۶۱.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 203017
صفحه از 575
پرینت  ارسال به