201
شرح فروع الکافي ج2

باب ثواب من حمل الجنازة

غرضه قدّس سرّه من وضع هذا الباب بيان ثواب أصل حملها، ومن باب السنّة في حمل الجنازة بيان كيفيّته، وقد روينا بعض ما يتعلّق بهذا الباب ثمّة؛ لكشفه عن ذلك أيضاً، ولو جمعهما في بابٍ واحدٍ لكان أحسن.
قوله في مرسلة سليمان بن خالد: (من أخذ بقائمة السرير) ، إلخ. [ح 2 / 4469] فإن قيل: هذا الخبر ينافي مرسلة عيسى بن راشد ۱ من وجهين، أحدهما: أنّه إذا غفر بأخذ قائمة خمساً وعشرين فينبغي أن يغفر بأخذ القوائم الأربع مئة كبيرة، وهي تدلّ على العفو عن أربعين.
وثانيهما: أنّ هذا الخبر يدلّ على مغفرة جميع الذنوب بالتربيع، وهي إنّما تدلّ على العفو عن أربعين كبيرة به.
قلنا: عن الأوّل أنّه قد يتخلّف حكم الكلّ عن حكم الأجزاء بناءً على ما هو المقرّر من عدم اقتضاء مجموع على مجموع ترتيب الأجزاء على الأجزاء.
وعن الثاني أنّه يمكن حمل التربيع في هذا الخبر على أحد نوعيه المتقدّمين، وفي تلك المرسلة على أخذ القوائم الأربع على غير هذين النوعين، أو ابتناء التفاوت على تفاوت مراتب الأموات والحاملين في الصلاح والفضل والنيّات وغيرها ممّا يوجب التفاوت فيالأجر والثواب.

باب جنائز الرجال والنساء والصبيان والأحرار والعبيد

إذا حضرت جنائز متعدّدة تخيّر الإمام في الصلاة عليهم بين أن يصلّي على كلّ واحد بانفراده أو على الجميع، أو أن يجمع طائفة ويفرّق آخرين، كما فعل النبيّ صلى الله عليه و آله بشهداء اُحد ۲ إذا لم يوجد الخوف على أحدهم، ولو خيف على بعضهم قُدّم في الصلاة، ولو خيف على الجميع صلّى عليهم صلاة واحدة، واطلاق الأخبار جواز الجمع ولو كانوا جماعة يجب الصلاة على بعضهم ويستحبّ على آخرين، فيكتفي بنيّة القربة.
وقال الشهيد في الذكرى: إنّه «حينئذٍ يمكن الاكتفاء بنيّة الوجوب؛ لزيادة الندب تأكيدا». ۳ وهو كما ترى.
وجوّز العلّامة في التذكرة نيّة الوجوب والندب معاً على التوزيع ۴
معلّلاً بعدم التنافي، لاختلاف الاعتبارين.
وبذلك يندفع الإشكال الّذي ذكره الشهيد من أنّه فعل واحد من مكلّفٍ واحد، فكيف يقع على وجهين؟!
وإذا صلّى على رجل وامرأة فالمستحبّ عند أكثر الأصحاب وغيرهم أن يوضع الرجل ممّا يلي الإمام، والمرأة وراءه.
ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة والحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : في الرجل والمرأة، كيف يُصلّى عليهما؟ فقال : «يجعل الرجل وراء المرأة، ويكون الرجل ممّا يلي الإمام». ۵
وما رواه الجمهور عن عمّار بن أبي عمّار، قال : شهدت جنازة اُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام وابنها زيد بن عمر، فوضع الغلام بين يدي الإمام والمرأة خلفه، وفي الجماعة الحسن والحسين عليهماالسلاموابن عبّاس وابن عمر وثمانون نفساً من الصحابة، فقلت ما هذه؟ فقال : هذه السنّة. ۶
وربّما استدلّ له بأنّ الرجل أشرف من المرأة، وما يلي الإمام أفضل فتناسبا.
وقد ورد في بعض الأخبار عكسه، رواه الشيخ عن عبيد اللّه الحلبي، قال : سألته عن الرجل والمرأة يصلّى عليهما، قال : «يكون الرجل بين يدي المرأة يلي القبلة، فيكون رأس المرأه عند وركي الرجل ممّا يلي يساره، ويكون رأسها أيضاً ممّا يلي يسار الإمام ورأس الرجل ممّا يلي يمين الإمام». ۷
ومثله خبر عبد الرحمان بن أبي عبد اللّه ۸ بناءً على ما هو الظاهر من أنّ المراد بالتقديم فيه تقديم ممّا يلي القبلة.
والأوّل ضعيف؛ لاشتمال سنده على محمّد بن أحمد بن الصلت، وهو غير مذكور في كتب الرجال؛ ۹ ولإضماره.
والثاني غير صريح في المطلوب؛ لاحتمال التقديم فيه التقديم ممّا يلي الإمام.
وجمع الشيخ في الاستبصار بينهما وبين ما سبق بالتخيير؛ مستندا بصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يقدّم الرجل وتؤخّر المرأة، ويؤخّر الرجل وتقدّم المرأة»، يعني في الصلاة على الميّت. ۱۰
وأنت خبير بأنّ نفي البأس عن الأمرين لا ينافي استحباب أحدهما.
ولو اجتمع معهما عبد وصبيّ وخنثى قدّم الحرّ، ثمّ العبد، ثمّ الصبيّ، ثمّ الخنثى، وتؤخّر المرأة ممّا يلي القبلة.
ويستفاد حكم ما عدا الخنثى من خبري طلحة بن زيد ۱۱ وابن بكير، ۱۲ واستخرجوا حكم الخنثى من ترتيب الرجل والمرأة؛ لكونه واسطة بينهما.
وظاهر أكثر هؤلاء عدم الفرق في الصبيّ بين كونه ممّن تجب الصلاة عليه وعدمه.
والشيخ في الخلاف والمبسوط قدّم المرأة على من لا تجب الصلاة عليه منه، فقد قال في الخلاف:
إذا اجتمع رجل وصبيّ وخنثى وامرأة، وكان الصبيّ ممّا يُصلّى عليه، قدّمت المرأة إلى القبلة، ثمّ الخنثى، ثمّ الصبيّ، ثمّ الرجل، ويقف الإمام عند الرجل. وإن كان الصبيّ لا يُصلّى عليه قدّم أوّلاً الصبيّ إلى القبلة، ثمّ المرأة، ثمّ الخنثى، ثمّ الرجل. ۱۳
وقال نحوا منه في المبسوط. ۱۴
وبه قال الشهيد أيضاً في الذكرى إلّا أنّه قدّمه على العبد أيضاً، فقد قال : «ويستحبّ أن يلي الرجل الإمام، ثمّ الصبيّ لستٍّ، ثمّ العبد، ثمّ الخنثى، ثمّ المرأة، ثمّ الطفل لدون ستّ، ثمّ الطفلة». ۱۵
وقدّم الشيخ في النهاية المرأة على الصبيّ من غير تقييد عكس الأوّل، حيث قال :
فإن كان رجل وامرأة وصبيّ فليقدّم الصبيّ، ثمّ المرأة، ثمّ الرجل، وإن كان معهم عبد فليقدّم أوّلاً الصبيّ، ثمّ المرأة، ثمّ العبد، ثمّ الرجل، ويقف الإمام عند الرجل ويصلّي عليهم صلاة واحدة. ۱۶
ولعلّه تمسّك بخبر طلحة؛ إبقاء لتقديم الصغير على الكبير فيه على عمومه.
وحكى الشيخ في الخلاف ۱۷ عن الحسن أنّه يُقدّم الرجال إلى القبلة، ثمّ الصبيان، ثمّ الخناثى، ثمّ النساء، ويقف الإمام عند النساء. ۱۸
وكأنّه راعى شرافة القبلة. ويردّه ما ذكر.
ثمّ إنّه يستحبّ وضعها شبه المدرج بجعل رأس كلّ ثانٍ إلى إلية أوّله، ذكورا كانوا أو أناثي أو خناثى، أحرار أو عبيد أو مختلفين؛ لرواية عمّار، ۱۹ وما رويناه عن الحلبي. ۲۰
ولو اجتمع مع هؤلاء من لا يعرف مذهبه ومستضعف ومخالف، فيمكن تخريج حال وضعهم ممّا ذكر، ولم أجد هنا نصّاً من الأصحاب ولا أثرا.
وإذا اقتصر على صلاة واحدة يجب التشريك بينهم في الدعوات أيضاً مع اتّحاد الصنف، مراعياً لتثنية الضمير وجمعه، وتذكيره وتأنيثه، أو يذكّره مطلقاً مُأوّلاً بالميّت، أو يؤنّث كذلك مأوّلاً بالجنازة، ومع اختلافه كالمؤمن والمخالف وأضرابهما يراعى وظيفة كلّ منهم مع ما ذكر.
قوله: (عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان إذا صلّى) إلخ . [ح 3 / 4473] فاعل قال طلحة، والضمير في كان لأبي عبد اللّه عليه السلام ، وربّما قرئ صلّى في المواضع الثلاثة على البناء للمفعول، ففاعل قال هو عليه السلام، فيكون إخبارا بما رواه الصدوق في الفقيه، قال : «وكان على عليه السلام إذا صلّى على الرجل والمرأة»، إلى آخر الخبر بعينه . ۲۱

1.هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي . الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۱، ح ۴۵۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۵۴، ح ۳۲۶۷ .

2.هذه العبارات مأخوذة من منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۵۶ (ط قديم) . و انظر عن صلاة النبي صلى الله عليه و آله على شهداء اُحُد: السنن الكبرى للبيهقي، ج ۴، ص ۱۲؛ أمالي المحاملي، ص ۱۳۱، ح ۹۱؛ و ص ۳۴۳ ۳۴۴ ، ح ۳۷۴ ؛ سنن الدارقطني، ج ۴، ص ۶۴، ح ۴۱۵۸ ؛ معرفة السنن والآثار، ج ۳ ، ص ۱۴۳، ح ۲۱۰۰؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج ۲، ص ۴۳ ۴۴، و ج ۳ ، ص ۱۰ ۱۱.

3.الذكرى، ج ۱، ص ۴۵۷.

4.تذكرة الفقهاء، ج ۲، ص ۶۷ . و التعليل المذكور بعده من كلام الشهيد في الذكرى، ج ۱، ص ۴۵۷.

5.تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۳ ، ح ۱۰۰۶؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۱ ۴۷۲، ح ۱۸۲۳؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۸، ح ۳۲۰۴ .

6.الحديث بهذا اللفظ مذكور في منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۵۷ (ط قديم) . و مع مغايرة في بعض الألفاظ رواه الشيخ الطوسي في الخلاف، ج ۱، ص ۷۲۲ ۷۲۳، المسألة ۵۴۱ عن عمّار بن ياسر. و مثله في مختلف الشيعة للعلّامة الحلّي، ج ۲، ص ۳۰۸ . و رواه النسائي في السنن، ج ۴، ص ۷۱ ۷۲؛ و في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۶۴۱، ح ۲۱۰۵؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۴، ص ۳۳ ؛ و في معرفة السنن والآثار، ج ۱، ص ۵۵۹ ، ح ۷۸۸، و ج ۳ ، ص ۱۶۲؛ و ابن الجارود في المنتقى من السنن، ص ۱۴۲، ح ۵۴۵ ؛ و الدارقطني في السنن، ج ۲، ص ۶۶، ح ۱۸۳۴ ، كلّهم عن نافع مولى ابن عمر.

7.تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۳ ۳۲۴ ، ح ۱۰۰۸؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۲، ح ۱۸۲۵؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۷، ح ۳۲۰۱ .

8.هو الحديث ۶ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۲ ، ح ۱۰۰۳؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۲، ح ۱۸۲۴؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۶، ح ۳۱۹۸ .

9.محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت، و يقال : محمّد بن أحمد بن الصلت، من مشايخ ابن بابويه والد الصدوق، و قد روى عنه الصدوق في كتبه بواسطة والده، و مدحه في مقدمّة كمال الدين حيث قال : «... ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل و العلم و النباهة ببلد قم ... و هو الشيخ نجم الدين أبوسعيد محمّد بن الحسن بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت القمّي أدام اللّه توفيقه ـ ، و كان أبي يروي عن جدّه محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت قدّس اللّه روحه و يصف علمه و عمله و زهده و فضله و عبادته...».

10.الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۳، ح ۱۸۲۸ . و الحديث رواه أيضا في تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۴ ، ح ۱۰۰۹، و الصدوق في الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۹، ح ۴۹۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۶ ۱۲۷، ح ۳۲۰۰ . و كان في الأصل: «يؤخّر المرأة... و يقدّم المرأة» ، فصوّبناه حسب المصادر.

11.هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي . تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۲ ، ح ۱۰۰۲؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۱، ح ۱۸۲۱؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۶، ح ۳۱۹۹ .

12.هو الحديث ۵ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۳ ، ح ۱۰۰۷؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۲، ح ۱۸۲۴؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۵ ۱۲۶، ح ۳۱۹۷ .

13.الخلاف، ج ۱، ص ۷۲۲، المسألة ۵۴۱ .

14.المبسوط، ج ۱، ص ۱۸۴.

15.الذكرى، ج ۱، ص ۴۵۴.

16.النهاية، ص ۱۴۴.

17.الخلاف، ج ۱، ص ۷۲۲، المسألة ۵۴۱ .

18.راجع: المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۲۵ ۲۲۸.

19.هو الحديث ۲ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۲ ،، ح ۱۰۰۴؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۲ ۴۷۳، ح ۱۸۲۷؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۵، ح ۳۱۹۶ .

20.وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۲۷، ح ۳۲۰۱ .

21.الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۹، ح ۴۹۲.


شرح فروع الکافي ج2
200
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 203218
صفحه از 575
پرینت  ارسال به