باب سلّ الميّت وما يقال عند دخول القبر

في المُغرِب:
السلّ: انتزاع ^۱ الشيء من الشيء بجذبٍ [و نَزعٍ]، كسلّ السيف من الغمد، والشعرة من العجين، يقال : سلّه فانسلّ، ومنه: سُلّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله من قِبَل رأسه، أي نُزع من الجنازة إلى القبر. ^۲
والمشهور بين الأصحاب استحباب سلّ الرجل من قبل رجلي القبر، وإنزال المرأة إليه عرضاً من جهة القبلة، ^۳ وهو منقول عن عبد اللّه بن عمر وأنس والنخعي والشعبي والشافعي وأهل الظاهر من العامّة. ^۴
ويدلّ عليه ما رواه المصنّف في الباب وفي بعض ما سبق، وما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن سديد الأنصاري: أنّ الحارث أوصى أن يليه عند موته، فأدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال : هذه السنّة. ^۵
وما رواه الشيخ عن عبد الصمد بن هارون رفعه، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا أدخل الميّت القبر إن كان رجلاً سُلّ سلّاً، والمرأة تؤخذ عرضاً، فإنّه أستر». ^۶
وعن زيد بن عليّ، عن آبائه عليهم السلام : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال : «يُسَلّ الرجل سلّاً، وتستقبل المرأة استقبالاً». ^۷
وعن أبي حنيفة وأصحاب الرأي من العامّة استحباب إنزال المرأة عرضاً من جهة القبلة مطلقاً محتجّين بما نقلوه عن إبراهيم النخعي، قال : «حدّثني من رأى أهل المدينة في الزمان الأوّل يدخلون موتاهم من قبل القبلة، وأنّ السلّ شي?أحدثه أهل المدينة». ^۸
واُجيب بضعف الحكاية، بدليل أنّ النخعي ذهب إلى خلافه على ما نقلناه عنه.
على أنّ ذلك خبر واحد لا يعارض ما اتّفق عليه أهل الحرمين وروي من الطريقين .
قوله في خبر الإسكاف : (وليكشف خدّه الأيمن حتّى يفضي به الأرض) . [ح 5 / 4553] قال طاب ثراه:
فيه دلالة على وجوب إضجاعه على جانبه الأيمن كما هو مذهب أكثر الأصحاب؛ إذ لا يتصوّر وضع خدّه الأيمن على الأرض بدون ذلك. وكأنّ الفاضل الأردبيلي لم يتفطّن به أو لم يعتبره، حيث قال : «ولعلّ دليل وجوب الاضجاع المذكور فعلهم عليهم السلام والتأسّي بهم، وفعل الصحابة والتابعين والعلماء، وفي إفادة ذلك الوجوب تأمّل واضح وما رأيت غيره دليلاً، فقول ابن حمزة بالاستحباب غير بعيد، إلّا أن يعلم الإجماع أو دليل آخر». ^۹
انتهى.
أقول : ويدلّ أيضاً عليه قوله عليه السلام في خبر عجلان الّذي رواه المصنّف قبل ذلك الخبر : «وإن قدر أن يحسر عن خدّه ويلزقه بالأرض فعل». ^۱۰
ومثله فيما رواه في باب دخول القبر قبل هذا الباب في الحسن عن عليّ بن يقطين ، ^۱۱ وهو ظاهر.
وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان، والظاهر أنّه عبد اللّه وفضالة، عن أبان جميعاً، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «البُرد لا يُلَفّ ولكن يطرح عليه طرحاً، فإذا اُدخل القبر وضع تحت جنبه». ^۱۲
وحكى في المنتهى عن الشافعي استحبابه. ^۱۳
قوله في حسنة محمّد بن مسلم: (واخلف على عقبه في الغابرين) . [ح 6 / 4554] يقال : خلفه يخلفه، إذا قام مقامه في رعاية اُمور أولاده ومن يحذو حذوهم. والغابر من الأضداد، ^۱۴ والمراد هنا الباقي، أي كن خليفته فيمن بقى بعده من ورثته ولا تكلهم إلى غيرك فتذلّهم .