285
شرح فروع الکافي ج2

شرح فروع الکافي ج2
284

باب أكيل السبع والطير والقتيل يوجد بعض جسده والحريق

قد فصّل الشيخان في المقنعة والخلاف القطعة المبانة من الميّت، سواء كان أكيلاً للسبع والطير أو قتيلاً في غير المعركة، فقالا: «إن كان فيه عظم يجب غسله وكفنه ودفنه، ثمّ إن كان صدرا أو مشتملاً عليه تجب الصلاة عليه أيضاً». ۱ وتبعهما على ذلك من تأخّر عنهما. ۲
واحتجّ عليه في الخلاف بإجماع الفرقة المحقّة، وأخبارهم، وبما روي: أنّ طائرا ألقت يدا بمكّة من وقعة الجمل، فعُرفت بالخاتم، فكانت يد عبد الرحمان بن عتّاب بن أسيد، فغسّلها أهل مكّة وصلّوا عليها. ۳
وقال الشهيد الثاني في شرح الإرشاد: «ولم نقف لها على نصّ بالخصوص، ولكن نَقْل الإجماع من الشيخ كافٍ في ثبوت الحكم، بل ربّما كان أقوى من النصّ». ۴
وفي الذكرى: «ويلوح ما ذكره الشيخان من خبر عليّ بن جعفر؛ لصدق العظام على التامّة والناقصة». ۵
وهذا التعليل إنّما هو لتطبيق الخبر على الجزء الأوّل ممّا ذكره الشيخان، وهو مبنيّ على ما ذكره أكثر المحقّقين من الاُدباء من إفادة الجمع المضاف عموم كلّ فرد لا عموم المجموع من حيث هو، كما ذهب إليه بعضهم.
وفيه تأمّل؛ إذ المتبادر منه في الخبر هو المعنى الثاني ولو مجازا، وأمّا ما ذكراه من وجوب الصلاة على الصدر أو المشتمل عليه، فهذه الصحيحة صريحة فيه.
ويدلّ أيضاً عليه مرسلة عبد اللّه بن الحسين، ۶ وخبر أحمد بن محمّد بن عيسى رفعه، قال : «المقتول إذا قطّع أعضاؤه يصلّى على العضو الّذي فيه القلب خاصّة». ۷
ويؤيّده خبر الفضل بن عثمان الأعور. عن أبي عبد اللّه عليه السلام ؛ في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة، قال : «ديته على من يوجد في قبيلته صدره ويداه، والصلاة عليه». ۸
فإنّ الظاهر عود الضمير في «عليه» إلى الصدر، وخصّ العظم والعضو التامّ في حسنة جميل بن درّاج، ۹ ومرسلة محمّد بن خالد ۱۰ بالصدر.
وظهر ممّا ذكروا دوران وجوب الصلاة مع القلب وجودا وعدماً، فلا يبعد وجوبها عليه مجرّدا عن الصدر أيضاً، ولكن لم أجد به تصريحاً من الأصحاب، وكأنّهم لم يتعرّضوا له؛ لضعف الدوران، وعذرهم واضح.
وأمّا وجوب غسل العظم المجرّد عن اللحم فقد استندوا فيه إلى دوران الغسل معه وجودا وعدماً كما ذكره الشهيد الثاني وضعّفه. ۱۱
وأقول : يكفي فيه صحيحة عليّ بن جعفر ۱۲ المشار إليه، ولا حاجة له إلى الاستناد بالدوران.
وهل الغسل والتكفين الواجبان في الأعضاء هما الواجبان في الميّت؟ ظاهر أكثر الأصحاب ذلك، حيث صرّحوا بأنّ صدر الميّت كالميّت في جميع أحكامه، ۱۳ بل يلزم منه ثبوت التحنيط أيضاً، وهو مشكل؛ لإطلاق الغسل والتكفين في أخبارهما الشاملان لغسل واحد بالقراح وتكفينه بثوبٍ واحد، ويؤيّده أصالة البراءة.
وأمّا اللحم المجرّد عن العظم فلا إشكال في عدم وجوب الصلاة عليه.
ويدلّ عليه حسنة محمّد بن مسلم، ۱۴ وصرّح به الأكثر. ۱۵
وهل يجب تغسيله وتكفينه؟ ظاهر الأكثر العدم؛ ۱۶ للأصل.
وأفتى في الذكرى بعدم وجوب الغسل ساكتاً عن التكفين، ۱۷ وابن إدريس أفتى بنفي الكفن أيضاً. ۱۸
والظاهر أنّ حكمه حكم السقط الغير التامّ من وجوب لفّه في خرقة ودفنه، و هو منقول عن السلاّر. ۱۹
وأمّا العضو المبان من حيٍّ فالمشهور وجوب غسله وكفنه إن اشتمل على العظم؛ محتجّين عليه بمرفوعة أيّوب بن نوح؛ ۲۰ لأنّ الرجل ظاهره الحيّ.
ويدلّ أيضاً عليه حسنة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن الأقطع اليد والرجل، قال : «يغسلهما». ۲۱
وموثّقة الحسن بن عليّ، عن رفاعة، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأقطع، قال : «يغسّل ما قطع منه» . ۲۲ بناءً على إرادة تغسيل العضو المقطوع كما هو الظاهر منهما، وصرّح به جماعة منهم جدّي من اُمّي قدّس سرّه في شرح الفقيه، ۲۳ وحملهما الأكثر على غسل ما بقي من المرفق من رأس العضد في الوضوء وجوباً، أو غسل العضد استحباباً على المشهور، ووجوباً على قولٍ استقربه الشهيد في الذكرى ۲۴ .
وظاهر بعض قصر الحكم على المبان من الميّت، وبه صرّح في المعتبر، وقطع بدفن المشتمل على العظم المبان من الحيّ بغير غسل محتجّاً بأنّه من جملة لا يغسل ولا يصلّى عليها. ۲۵
واُجيب عنه في الذكرى بأنّ الجملة لم يحصل فيه الموت بخلاف القطعة. ۲۶
وإن لم يكن فيه عظم يقتصر على لفّه في خرقة ودفنه على ما ذكره جماعة منهم المحقّق في الشرائع. ۲۷
وفي المدارك: «والأظهر عدم وجوب اللفّ، كما اختاره في المعتبر؛ ۲۸ لانتفاء الدليل عليه رأساً». ۲۹
وأمّا السقط فالمشهور وجوب غسله وكفنه ودفنه إن تمّت خلقته وولجته الروح. ۳۰
ويدلّ عليه موثّقة سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن؟ قال : «نعم». ۳۱
ومرفوعة أحمد بن محمّد، قال : «إذا تمّ للسقط أربعة أشهر غسّل». ۳۲
ومع عدم تمام الخلقة يلفّ في خرقة ويدفن على ما ذكروه.
وأمّا الحريق والمجدور وأمثالهما ممّن يخاف من غسلهم سقوط عضو، فإن أمكن صبّ الماء عليهم بغير دلكٍ وجب، وإلّا يُمِّموا.
ويدلّ عليه خبر زيد بن عليّ، ۳۳ وما رواه الشيخ عن ضريس، عن عليّ بن الحسين أو عن أبي جعفر عليه السلام قال : «المجدور والكسير والّذي به القروح يُصَبّ عليه الماء صبّاً». ۳۴
وعن زيد بن عليّ، عن آبائه، عن عليّ عليه السلام قال : «إنّ قوماً أتوا رسول اللّه عليه السلام فقالوا: يا رسول اللّه ، مات صاحب لنا وهو مجدور، فإن غسّلناه انسلخ، قال : يمّموه» . ۳۵

1.المقنعة، ص ۸۵ ؛ الخلاف، ج ۱، ص ۷۱۵ ۷۱۶، المسألة ۵۲۷ ؛ المبسوط، ج ۱، ص ۱۸۲.

2.اُنظر: غنية النزوع، ص ۱۰۲؛ إشارة السبق، ص ۷۶؛ المختصر النافع، ص ۱۵؛ شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۳۰ ؛ جامع الخلاف والوفاق، ص ۱۱۰؛ تبصرة المتعلّمين، ص ۳۱ ؛ تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۱۱۸؛ تذكرة الفقهاء، ج ۱، ص ۳۷۱ ؛ مختلف الشيعة، ج ۱، ص ۴۰۵ ؛ منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۳۴ ؛ نهاية الإحكام، ج ۲، ص ۲۳۴؛ جامع المقاصد، ج ۱، ص ۳۵۷ ؛ مسالك الأفهام، ج ۱، ص ۸۳ ؛ مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۷۴؛ مفتاح الكرامة، ج ۳ ، ص ۴۲۱ ۴۲۵.

3.عبد الرحمان بن عتّاب بن أسيد القرشي الاُموي، و اُمّه جويريّة بنت أبي جهل، و كان مع عائشة في وقعة الجمل، فكان يصلّي بهم إماما، فقتل يوم الجمل، و نُقل انّه لمّا قتل حملت الطيريده حتّى القتها بمكان بعيد، فعرفوه بخاتمه، فصلّوا عليها و دفنوها، و اختلف في تلك المكان، فقيل: «المدينة» ، كما في ترجمته من اُسد الغابة، ج ۳ ، ص ۳۰۸ . و يقال : «باليمامة»، كما فيترجمته من الإصابة، ج ۵ ، ص ۳۵ ؛ و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج ۱۱، ص ۱۲۴، شرح الكلام، ۲۱۳ . و روي «بمكّة» ، كما في فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۴۵؛ و المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۵۳؛ و تلخيص الحبير، ج ۵ ، ص ۲۷۴؛ و الخلاف، ج ۱، ص ۷۱۶، المسألة ۵۲۷ . و أورده الشهيد في الذكرى، ج ۱،ص ۳۱۷ مردّدا بين مكّة و اليمامة.

4.روض الجنان ، ج ۱، ص ۳۰۳ .

5.الذكرى، ج ۱، ص ۳۱۷ ، و خبر عليّ بن جعفر هو الحديث من هذا الباب من الكافي.

6.هو الحديث ۵ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۷ ، ح ۹۸۵؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۳۷، ح ۳۲۲۵ .

7.رواه المحقّق في المعتبر، ج ۱، ص ۳۱۷ ، نقلاً عن البزنطي في جامعه . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۳۸، ح ۳۲۲۵ .

8.الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۷، ح ۴۸۴ ؛ تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۳۲۹ ، ح ۱۰۳۰؛ و ج ۱۰، ص ۲۱۳، ح ۸۴۲ ؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۳۵، ح ۳۲۱۸ .

9.هو الحديث ۲ من هذا الباب من الكافي . تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۶ ، ح ۹۸۴؛ و ج ۳ ، ص ۳۲۹ ، ح ۱۰۳۱؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۳۶، ح ۳۲۲۲ . و الخبر لمحمّد بن مسلم ؛ لأنّ ابن درّاج يروى عنه.

10.هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي . تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۷ ، ح ۹۸۷؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۳۷، ح ۳۲۲۳ .

11.روض الجنان، ج ۱، ص ۳۱۰ ؛ فإنّه حكاه عن الشهيد الأوّل ثمّ ضعّفه. و كلامه يوجد في الذكرى، ج ۲، ص ۱۰۰.

12.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي . تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۶ ، ح ۹۸۳؛ و ج ۳ ، ص ۳۲۹ ، ح ۱۰۲۸؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۳۶، ح ۳۲۱۹ .

13.اُنظر: تبصرة المتعلّمين، ص ۳۱ ؛ تذكرة الفقهاء، ج ۱، ص ۳۷۱ ؛ مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۷۲ ۷۳؛ الحدائق الناضرة، ج ۳ ، ص ۴۲۲، و ج ۱۰، ص ۳۷۵ .

14.هو الحديث ۲ من هذا الباب من الكافي.

15.اُنظر المصادر التالية.

16.اُنظر: الجامع للشرائع، ص ۴۹ ؛ مختلف الشيعة، ج ۱، ص ۴۰۵ ؛ منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۴۸ ؛ الذكرى، ج ۱، ص ۳۱۷ ؛ مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۷۳ ۷۴؛ الحدائق الناضرة، ج ۳ ، ص ۴۲۷.

17.الذكرى، ج ۱، ص ۳۱۷ .

18.السرائر، ج ۱، ص ۱۶۸.

19.المراسم، ص ۴۶، و المذكور فيه حكم السقط لا اللحم بلا عظم.

20.هو الحديث ۴ من هذا الباب من الكافي . الاستبصار، ج ۱، ص ۱۰۰، ص ۳۲۵ ؛ تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۴۲۹ ۴۳۰، ح ۱۳۶۹؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۲۹۴؛ ح ۳۶۸۹ .

21.رواه الكليني في باب حدّ الوجه الذي يغسل و الذراعين و كيف يغسل، ح ۷ . تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۶۰ ، ح ۱۰۸۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱،ص ص ۴۸۰، ح ۱۲۷۳.

22.هو الحديث ۸ من باب المتقدم ذكره من الكافي . وسائل الشيعة، ج ۱، ص ۴۷۹، ح ۱۲۷۱.

23.روضة المتّقين، ج ۱، ص ۱۶۱، حدّ الوضوء و ترتيبه . و الظاهر من كلامه موافقته للمشهور حيث قال بعد نقل الرواية: «و الظاهر أنّ قوله: «يغسلهما» محمول على التغليب، و أنّ المراد من هذا الأخبار أنّه إذا قطع بعض اليد و بعض الرجل بحيث لايكون موضع الغسل و المسح كلّه مقطوعا بحيث يجب غسل ما بقي من اليدين، و مسح ما بقي من الرجلين» .

24.الذكرى، ج ۲، ص ۱۳۴ و في هامش الأصل: «فلا احتجاج فيهما . منه».

25.المعتبر، ج ۱، ص ۳۱۹ .

26.الذكرى، ج ۱، ص ۳۱۷ .

27.شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۳۰ .

28.المعتبر، ج ۱، ص ۳۱۹ .

29.مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۷۶.

30.اُنظر: فقه الرضا عليه السلام ، ص ۱۷۵؛ المقنعة، ص ۸۳ ؛ الخلاف، ج ۱، ص ۷۱۰، المسألة ۵۱۳ ؛ غنية النزوع، ص ۱۰۲؛ إشارة السبق، ص ۷۶ ۷۷؛ المختصر النافع، ص ۱۵؛ المعتبر، ج ۱، ص ۳۱۹ ۳۲۰ ؛ شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۳۰ ؛ الجامع للشرائع، ص ۴۹ ؛ تبصرة المتعلّمين، ص ۳۱ ؛ نهاية الإحكام، ج ۲، ص ۲۳۴؛ مدارك الأحكام، ج ۲، ص ۷۵؛ مفتاح الكرامة، ج ۳ ، ص ۴۲۰ ۴۲۴.

31.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۲۹ ، ح ۹۶۲؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۵۰۱ ۵۰۲ ، ح ۲۷۵۴.

32.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۲۸ ، ح ۹۶۰؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۵۰۲ ، ح ۲۷۵۵.

33.هو الحديث ۶ من هذا الباب من الكافي . تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۳ ، ح ۹۷۶؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۵۱۲ ، ح ۲۷۸۲.

34.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۳ ، ح ۹۷۵؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۵۱۲ ، ح ۲۷۸۱.

35.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۳ ، ح ۹۷۷؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۵۱۳ ، ح ۲۷۸۳.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 203065
صفحه از 575
پرینت  ارسال به