375
شرح فروع الکافي ج2

ومثلهما خبر يزيد بن خليفة الّذي يأتي في الباب الآتي ۱ .
وهذه الأخبار مع عدم كونها نصّاً في المدّعى بتمامه، يحتمل حملها على أنّ فعلها في أوّل الوقت فضل كما هو المشهور ؛ للجمع بينها وبين ما تقدّم .
ويؤيّده صحيحة معاوية بن عمّار أو معاوية بن وهب ۲ ، وحسنة عمر بن اُذينة عن زرارة ، أو صحيحته ۳ ، وروايتي قتيبة الأعشى ۴ ، وبكر بن محمّد الأزدي ۵ ، وصحيحة حريز عن زرارة ۶ ، ورواية منصور بن حازم ۷ ، وما رواه الشيخ عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : «الصلوات المفروضات في أوّل وقتها إذا اُقيم حدودها أطيب ريحاً من قضيب الآس حين يُؤخذ من شجره في طيبه وريحه وطراوته، فعليكم بالوقت الأوّل» ۸ .
وصحيحة محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «إذا دخل وقت صلاة فُتحت أبواب السماء لصعود الأعمال، فما أحبّ أن يصعد عمل أوّل من عملي، ولا يكتب في الصحيفة أحد ۹ أوّل منّي» ۱۰ .
وعن سعيد بن الحسن ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : «أوّل الوقت زوال الشمس، وهو وقت اللّه الأوّل وهو أفضلهما» ۱۱ .
وقد ورد في بعض الأخبار التصريح بعدم اختصاص آخر الوقت بحال الاضطرار ، رواه حمّاد، عن ربعي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إنّا لنقدّم ونؤخّر ، وليس كما يقال : من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك ، وإنّما الرخصة للناسي والمريض والمدنف ۱۲ والمسافر والنائم [في تأخيرها] ۱۳ » بناءً على ما هو الظاهر من أنّ قوله : «وإنّما الرخصة» إلى آخره من تتمّة المقول .
ويؤيّده خبر داوود الصرمي ، قال : كنت عند أبي الحسن[الثالث] عليه السلام [يوما فجلس يحدّث حتّى غابت الشمس ، ثمّ دعا بشمع وهو جالس يتحدّث ، فلمّا خرجت من البيت نظرت و قد غاب الشفق قبل أن يصلّي المغرب ، ثمّ دعا بالماء فتوضّأ وصلّى] . ۱۴
بل أكثر ما ذكروه من الأخبار ظاهرة في أفضليّة أوّل الوقتين .
واعلم أنّهم ما أرادوا باختصاص الوجوب في الاختيار بأوّل الوقت أنّ الصلاة بتركها فيه يصير قضاء ، بل يكون مؤدّياً فيما بعده أيضاً ، ولكن يكون آثماً بتأخيره ، ولو فعلها في آخر الوقت لعفي عنه إثم التأخير . صرّح بذلك الشيخ المفيد في المقنعة ۱۵
.
وتظهر فائدة الخلاف فيما لو اخترم مع التأخير قبل فعلها في الوقت الثاني ، فيُعاقب على تركها ، وفسّره الشيخ في التهذيب بمعنى يرجع إلى تأكّد الاستحباب ، فقال في ذيل الجمع بين الأخبار :
إذا ثبت أنّها في أوّل الوقت أفضل ولم يكن هناك منع ولا عذر فإنّه يجب أن يفعل ، ومتى لم يفعل والحال على ما وصفناه استحقّ اللوم والتعنيف . ولم نرد بالوجوب ما يستحقّ بتركه العقاب ؛ لأنّ الوجوب على ضروب عندنا : منها ما يستحقّ بتركه العقاب ، ومنها ما يكون الأولى فعله ، ولا يستحقّ بالإخلال به العقاب وإن كان يستحقّ به ضرب من اللوم والعنف ۱۶ .
هذا ، وينبغي أن يستثنى من تلك الفضيلة صلاة العشاء ، فإنّه يظهر من بعض الأخبار أفضليّة تأخيرها إلى ثلث الليل ، وكذا صلاة العصر ، فإنّ الأفضل تأخيرها إلى أن يصير الفيء مثل الشاخص ، على ما يظهر من الأخبار، ومن فعل الرسول صلى الله عليه و آله والصحابة ، حيث كانوا يفصلون بين الصلاتين فيهما بما ذكر ولا يصلّونهما في وقتٍ واحد إلّا نادرا ، بل يستحبّ تأخير الظهر أيضاً عن أوّل الوقت في الصيف لا سيّما في البلاد الحارّة ؛ لما سيأتي في ذيل حديث : «أبرِد أبرِد» ۱۷ .
إلّا أن يقال : حرارة الهواء أيضاً من الأعذار .
قوله في حسنة زرارة: (قلت: إنّ جبرئيل أتاه في اليوم الأوّل بالوقت الأوّل) إلخ. [ح 1 / 4824] ظاهر هذا الخبر أنّ المراد بالوقتين ما سبق من وقت الفضيلة ووقت الإجزاء، ويحتمل أن يكونا أوّل وقت الفضيلة وآخر ذلك الوقت، على حذو ما رواه الشيخ في الاستبصارمن أخبار نزول جبرئيل عليه السلام بالوقتين.
فقد روى عن الحسن بن محمّد ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «أتى جبرئيل عليه السلام النبيّ صلى الله عليه و آله بمواقيت الصلاة، فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلّى الظهر، ثمّ أتاه حين زاد الظلّ قامة فأمره فصلّى العصر، ثمّ أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلّى المغرب، ثمّ أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلّى العشاء، ثمّ أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلّى الصبح، ثمّ أتاه من الغد حين زاد [في] الظلّ قامة فأمره فصلّى الظهر، ثمّ أتاه حين زاد في الظلّ [قامتان ]فأمره فصلّى العصر، ثمّ أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلّى المغرب، ثمّ أتاه من ۱۸ حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلّى العشاء، ثمّ أتاه حين نوّر الصبح فأمره فصلّى الصبح، ثمّ قال : ما بينهما وقت» ۱۹ .
وعنه عن أحمد بن أبي بشر ، عن معاوية بن مسيرة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «أتى جبرئيل عليه السلام » ، وذكر مثله، إلّا أنّه قال بدل القامة والقامتين: ذراع كذا وذراعين ۲۰ .
وعنه عن ابن رباط ، عن مفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «نزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله » وساق الحديث، لكن ذكر بدل القامة والقامتين قدمين وأربعة أقدام ۲۱ .
وفي الموثّق عن ذريح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «أتى جبرئيل عليه السلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأعلمه مواقيت الصلاة، فقال : صلّ الفجر حين ينشقّ الفجر، وصلّ الاُولى إذا زالت الشمس، وصلّ العصر بُعَيدها، وصلّ المغرب إذا سقط القرص، وصلّ العتمة إذا غاب الشفق. ثمّ أتاه جبرئيل عليه السلام من الغد فقال : اسفِر بالفجر فأسفر، ثمّ أخّر الظهر حين كان الوقت الّذي صلّى فيه العصر ، وصلّى العصر بعيدها ، وصلّى المغرب قبل سقوط الشفق وصلّى العتمة حين ذهب ثلث الليل» ، ثمّ قال : «ما بين هذين الوقتين وقت، وأوّل الوقت أفضله» ، ثمّ قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لولا أنّي أكره أن أشقّ على اُمّتي لأخّرتها إلى نصف الليل» ۲۲ .
وخبر بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سأله سائل عن وقت المغرب ، فقال : «إن اللّه يقول في كتابه [لإبراهيم] : «فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَءَا كَوْكَبًا»۲۳ ، فهذا أوّل الوقت ، وآخر ذلك غيبوبة الشفق ، وأوّل وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها إلى غسق الليل يعني نصف الليل» ۲۴ .
قوله في صحيحة الفضيل: (والجمعة ممّا ضيق فيها ، فإنّ وقتها يوم الجمعة ساعة تزول) . [ح 2 / 4825] والسرّ في ذلك استحباب تقديم نوافل الظهرين فيه على الزوال كما يأتي في محلّه .

1.هو الحديث الأوّل من ذلك الباب.

2.هو الحديث ۴ من هذا الباب.

3.هو الحديث ۵ من هذا الباب، والترديد بين كونها صحيحة أو حسنة ناش ممّا قيل في عليّ بن إبراهيم من عدم التصريح بتوثيقة، و الحقّ وثاقته . اُنظر ترجمته في معجم رجال الحديث.

4.هو الحديث ۶ من هذا الباب.

5.هو الحديث ۷ من هذا الباب.

6.هو الحديث ۸ من هذا الباب.

7.هو الحديث ۹ من هذا الباب.

8.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۴۰، ح ۱۲۸؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۸ ۱۱۹، ح ۴۶۷۲.

9.اُضيفت من المصدر .

10.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۴۱، ح ۱۳۱؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۱۹، ح ۴۶۷۳.

11.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۱۸، ح ۵۰ . الاستبصار، ج ۱، ص ۲۴۶، ح ۸۸۰ ؛ و رواه الصدوق في الفقيه، ج ۱ ، ص ۲۱۷، ح ۶۵۰ مرسلاً . وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۲۰، ح ۴۶۷۷.

12.المدنف: من براه المرض حتّى أشرف على الموت. لسان العرب؛ ج ۹، ص ۱۰۷ (دنف) .

13.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۴۱، ح ۱۳۲؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۶۲، ح ۹۳۹؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۳۹، ح ۴۷۳۷ . و ما بين الحاصرتين منهم.

14.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۳۰ ، ح ۹۰؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۶۴، ح ۹۵۵؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۹۶، ح ۴۹۰۴ . و ما بين المعقوفتين من المصدر.

15.المقنعة، ص ۹۴.

16.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۴۱، ذيل ح ۱۳۲، و فيه: «العتب» بدل «العنف».

17.الفقيه، ج ۱، ص ۲۲۳، ح ۶۷۲؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۴۲، ح ۴۷۴۵ ؛ و ص ۲۴۷، ح ۵۰۵۲ .

18.المصدر «من».

19.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۵۲ ۲۵۳، ح ۱۰۰۱؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۵۷، ح ۹۲۲؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۵۷، ح ۴۷۹۴.

20.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۵۳، ح ۱۰۰۲؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۵۷، ح ۹۲۳؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۵۸، ح ۴۷۹۵.

21.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۵۳، ح ۱۰۰۳؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۵۷ ۲۵۸، ح ۹۲۴؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۵۸، ح ۴۷۹۶.

22.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۵۳ ۲۵۴، ح ۱۰۰۴؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۵۷ ۲۵۸، ح ۹۲۴؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۵۸، ح ۴۷۹۷.

23.الأنعام (۶) : ۷۶ .

24.الفقيه، ج ۱، ص ۲۱۹، ح ۶۵۷؛ تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۳۰ ، ح ۸۸ ؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۶۴، ح ۹۵۳؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۷۴، ح ۴۸۳۲.


شرح فروع الکافي ج2
374
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 272536
صفحه از 575
پرینت  ارسال به