باب الجمع بين الصلاتين
الظاهر أنّ المراد بالجمع بينهما مقابل التفريق الشائع بين العامّة وهو فعلهما في وقت واحد، سواء كان مع فصل النافلة أو بدونه ، وسواء كان ذلك الوقت وقت إجزائهما أم وقت فضيلتهما جميعاً بأن يصلّي الاُولى آخر وقت فضيلتها ، والثانية أوّله ، ويظهر من الشهيد أنّ الثالثة لا تسمّى جمعا كما سيأتي ، ويظهر من خبري محمّد بن حكيم ۱ تخصيصه بما إذا لم يتطوّع بينهما .
والمشهور بين الأصحاب جوازه اختيارا ۲ ، وحكاه في الذكرى ۳ عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي موسى وجابر وسعد بن أبي وقّاص وابن المنذر وعائشة، وقال : ورواه العامّة عن عليّ عليه السلام ۴ .
وعن معظم العامّة عدم جوازه لغير عذر ۵ .
ويدلّ على المذهب المنصور أخبار متظافرة من الطريقين ، فمن طريق الأصحاب موثّق عبد اللّه بن بكير ، وما رواه الصدوق في كتاب علل الشرائع باسناده عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله صلّى الظهر والعصر مكانه من غير علّة ولا سبب، فقال له عمر وكان أجرأ القوم عليه ـ : أَحَدَثَ في الصلاة شيء؟ قال : لا ، ولكن أردت أن اُوسّع على اُمّتي» ۶ .
وعن عبد الملك القمّي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت: أجمع بين الصلاتين من غير علّة؟ قال : «قد فعل ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله أراد التخفيف عن اُمّته» ۷ .
وما رواه الشيخ في الموثّق عن إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علّة؟ قال : «لا بأس» ۸ .
ومن طريق العامّة ماروى في الذكرى ۹ . عن ابن عبّاس : «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم جمع بين الظهرين والعشائين من غير خوف ولا سفر» ۱۰ ، وفي لفظ آخر: «من غير خوف ولا مطر» ۱۱ . وقال : كلاهما في الصحاح.
وعن عبد اللّه بن شقيق العقيلي ، قال : قال : دخل رجل على ابن عبّاس للصلاة فسكت ثلاثاً، ثمّ قال في الثالثة لا اُمّ لك ، أتعلّمنا بالصلاة؟ ! كنّا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ۱۲ .
ومنها : ماروى في العلل عن صالح عن ابن عباس : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غير مطر ولا سفر ، قال : فقيل لابن عبّاس: ما أراد به؟ قال : التوسّع لاُمّته ۱۳ .
وعن طاووس، عن ابن عبّاس : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في السفر والحضر ۱۴ .
وعن عكرمة عن ابن عبّاس ، وعن نافع عن عبداللّه بن عمر: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمصلّى بالمدينة مقيماً غير مسافرجميعاً وتماماً جمعاً ۱۵ .
ومنها: ما رواه طاب ثراه عن مسلم ، عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس ، قال : صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمالظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر ۱۶ .
وبإسناد آخر عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عنه ، قال : صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمالظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير : فسألت سعيد بن جبير لِمَ فعل ذلك؟ فقال : سألت ابن عبّاس كما سألتنى، فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من اُمّته ۱۷ .
عن عبد اللّه بن شقيق ، قال : خطبنا ابن عبّاس يوماً بعد العصر حتّى غربت الشمس وبدت النجوم ، وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة، قال : فجاء رجل من بني تميم لا يعبّر ولا يثني: الصلاة الصلاة، فقال ابن عبّاس : أتعلّمني السنّة لا اُمّ لك؟ ! ثم قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
قال عبد اللّه بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء ، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدّق مقالته ۱۸ .
وبإسناد آخر عنه ، قال : جمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر ۱۹ .
وقال : وله روايات اُخر بهذا المضمون ، ومنها : ما رواه البخاري عن ابن أمامة ، قال : صلّينا مع عمر بن عبد العزيز ، ثمّ دخلنا على أنس وهو يصلّى العصر ، فقلنا : ما هذه الصلاة؟ فقال : العصر ، وهذه صلاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمالّتي كنّا نصلّي معه ۲۰ .
وحكى في الذكرى عن معظم العامّة الغير المجوّزين له من غير عذر أنّهم احتجّوا بأنّ المواقيت ثبتت تواترا من قول النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم وفعله ۲۱ .
وأجاب عنه بأنّكم قائلون بجواز الجمع في السفر والعذر ، فلو كان الوقت غير مضروب للفريضة الثانية لاستحال فعلها كما استحال جمع الصبح والظهر والعصر والمغرب في وقت أحدها ۲۲ .
وفيه تأمّل.
نعم ، يعارضون بما ذكر من الأخبار المنقولة عنهم ، وجمهورهم قد طرحوا هذه الأخبار وأوّلوها بتأويلات فاسدة ، فقد قال طاب ثراه:
نقل المازري عن الترمذي أنّه قال في آخر كتابه: ليس في كتابي حديث أجمعت الاُمّة على ترك العمل به إلّا حديث ابن عبّاس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا سفر ، وحديث قتل شارب الخمر ۲۳ . ثمّ قال المازري: وهو كما قال في حديث شارب الخمر ، فإنّه حديث دلّ الإجماع على نسخه ، وأمّا حديث ابن عبّاس فلم يجمعوا على ترك العمل ، بل لهم فيه تأويلات ولم يفسّروها .
وقال محيي الدين البغوي: فمنهم من يؤوّل على أنّ هذا الجمع كان لعذر المطر . ويردّه ما في بعض رواياته من غير خوف ولا مطر .
وقيل : إنّه كان في غيم صلّى الظهر ثمّ انكشف الغيم ، فتبيّن أنّ وقت العصر دخل فصلّاها.
وفيه : أنّه لا يجزي ذلك في المغرب والعشاء ۲۴ .
وأقول : فيه تأمّل . نعم ، يردّه حديث خطبة ابن عبّاس ، ولعلّه أراد محيي الدين أيضا .
هذا ، ثمّ قال : و قيل : إنّ هذا الجمع كان من مرض ونحوه .
ويردّه : اشتغال ابن عبّاس بالخطبة وصبره عليها .
ثمّ قال : والّذي ينبغي أن يحمل عليه أنّه صلّى الاُولى في آخر وقتها ، والثانية في أوّل وقتها، فصارت صورته صورة الجمع .
وهذا أيضاً ضعيف ؛ لأنّه خلاف الظاهر من استدلال ابن عبّاس بالحديث وتصديق أبي هريرة له .
وقول ابن الشقيق : «فحاك صدري منه شيء» كالصريح في ضدّه.
أقول : وقد ردّه في الذكرى بأنّ هذا لا يسمّى جمعاً ۲۵ ، وفيه تأمّل .
هذا ، والظاهر أنّ الجمع من باب الرخصة وإن كان ذلك مع فعل النوافل بين الصلاتين ، إلّا فيما استثني بدليل من ظهري الجمعة وعرفة وعشائي المزدلفة.
قال الشهيد في الذكرى:
الأقرب استحباب تأخير العصر إلى أن يخرج وقت فضيلة الظهر ، إمّا المقدّر بالنافلتين والظهر ، وإمّا المقدّر بما سلف من المثل والأقدام وغيرهما ؛ لأنّه معلوم من حال النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى أنّ رواية الجمع تشهد بذلك ، وقد صرّح به المفيد في باب عمل الجمعة ، قال : «وعدم الجمع في سائر الأيّام مع الاختيار وعدم العوارض أفضل ، وقد ثبتت السنّة به إلّا في يوم الجمعة ، فإنّ الجمع بينهما أفضل ، وكذا في ظهري عرفة وعشائي المزدلفة».
وعن ابن الجنيد أنّه قال : لا نختار أن يأتي الحاضر بالعصر عقيب الظهر الّتي صلّاها مع الزوال إلّا مسافرا أو عليلاً أو خائفاً ما يقطعه عنها ، بل الاستحباب للحاضر أن يقدّم بعد الزوال وقبل فريضة الظهر شيئاً من التطوّع إلى أن تزول الشمس قدمين أو ذراعاً من وقت زوالها ، ثمّ يأتي بالظهر ويعقّبها بالتطوّع من التسبيح أو الصلاة ليصير الفيء أربعة أقدام أو ذراعين ، ثمّ يصلّي العصر.
بل نسب الشهيد ذلك إلى علمائنا أجمع حيث قال بعد ما نقلنا عنه ـ :
والأصحاب في المعنى قائلون باستحباب التأخير ، وإنّما لم يصرّح بعضهم به اعتمادا على صلاة النافلة بين الفريضتين ، وقد رووا ذلك في أحاديثهم كثيرا ، مثل : حديث إتيان جبرئيل عليه السلام بمواقيت الصلاة.
وأشار ببعض هذه الاخبار ، ثمّ قال :
ولم أقف على ما ينافي استحباب التفريق من رواية الأصحاب ، سوى ما رواه عبّاس الناقد ۲۶ .
مشيرا إلى ما رواه المصنف إلى قوله ـ :
وهو إن صحّ أمكن تأويله بجمع لا يقتضي طول التفريق ، لامتناع أن يكون ترك النافلة بينهما مستحبّاً ، أو يحمل على ظهري الجمعة ، وأمّا باقي الأخبار فمقصورة على جواز الجمع ، وهو لا ينافي استحباب التفريق .
وبالجملة ، كما علم من مذهب الإماميّة جواز الجمع بين الصلاتين مطلقاً علم منه استحباب التفريق بينهما بشهادة النصوص والمصنّفات بذلك، انتهى ۲۷ .
ولم أجد مصرّحاً باستحباب الجمع من غير عذر إلّا ماروى في الذكرى عن المحقّق من استحبابه مع فعل النوافل بين الفرضين حيث قال :
وأورد على المحقّق تلميذه جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي المشغري وكان أيضاً تلميذ ابن طاوس ۲۸ ـ : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم إن كان يجمع بين الصلاتين ولا حاجه إلى أذان للثانية ؛ إذ هو للإعلام ، وللخبر المتضمّن أنّه عند الجمع بين الصلاتين يسقط الأذان ، وإن كان يفرّق فلم ندبتم إلى الجمع وجعلتموه أفضل؟
فأجابه المحقّق: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يجمع تارةً ويفرّق اُخرى، ثمّ ذكر الروايات المذكورة ، ثمّ قال : وإنّما استحببنا الجمع في الوقت الواحد إذا أتى بالنوافل والفرضين فيه ؛ لأنّه مبادرة إلى تفريغ الذمّة من الفرض حيث ثبت دخول وقت الصلاتين . انتهى ۲۹
.
هذا حكم الجمع للمختار ، وأمّا مع العذر من السفر والمطر ونحوهما فجوازه أظهر ، واتّفقوا عليه ، وهو المشهور بين العامّة ۳۰ .
ويدلّ عليه ما رواه المصنّف عن عبد اللّه بن سنان ۳۱ ، وعن صفوان الجمّال ۳۲ . وخبر طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام : «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان في الليلة المطيرة يؤخّر من المغرب ويعجّل من العشاء ، فيصلّيهما جميعاً ويقول : من لا يَرْحم لا يُرْحم» ۳۳ .
وصحيحة أبي عبيدة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا كانت ليلة مظلمة وريح ومطر صلّى المغرب ، ثمّ مكث قدر مايتنفّل الناس ، ثمّ أقام مؤذّنه ثمّ صلّى العشاء» ۳۴ .
وقال طاب ثراه: روى مسلم ثمانية أخبار كلّها صريحة فيه ، منها: ما رواه عن سالم بن عبد اللّه : أنّ أباه قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إذا عجّله السير في السفر يؤخّر صلاة المغرب حتّى يجمع بينها وبين صلاة العشاء ۳۵ .
ومنها: مارواه عن أنس ، قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخّر الظهر حتّى يدخل أوّل وقت صلاة العصر ، فيجمع بينهما ، ويؤخّر المغرب حتّى يجمع بينها وبين العشاء حتّى يغيب الشفق ۳۶ .
وحكى الشيخ في الخلاف جوازه في السفر عن الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق ۳۷ ، وفي الحضر للمطر عن الشافعي مطلقاً ، وعن مالك في خصوص المغرب والعشاء، ۳۸ وكأنّه جعل السبب فيه الظلمة والطين معاً ، إلّا أنّه حكى عن الشافعي أنّه اختلف قولاه في الإملاء والجديد فيما إذا صلّى في بيته ، فجوّزه في الأوّل ولم يجوّزه في الثاني ، وفيما إذا كان الطريق إلى المسجد تحت ساباط لا يناله المطر إذا خرج إلى المسجد على قولين ، وعن أبي حنيفة عدم جوازه أصلاً ، إلّا الحاجّ يوم عرفة وليلة مزدلفة ، وأوجبه فيهما ، سواء كان الحاجّ مقيماً من أهل مكّة أو مسافرا من غيرها ، فعنده لا جمع إلّا لحقّ النسك ۳۹ .
وحكى صاحب العزيز أيضا عنهم مثل ذلك ، إلّا أنّه حكى عن الشافعي قولاً بعدم جواز الجمع بين السفر القصير ، والظاهر أنّه أراد بالسفر القصير ما كان أقلّ من ثمانية فراسخ ، حيث تعرّض للخلاف في أنّ سبب الجمع يوم عرفة وليلة مزدلفة هل هو السفر والنسك ؛ لاشتغال الحاجّ في الأوّل بالدعاء وفي الثانية بالإفاضة ، ثمّ قال :
فإن قلنا بالمعنى الأوّل فهل يجمع المكّي؟ فيه قولان ؛ لأنّ سفره قصير ، ولا يجمع العرفي بعرفة ولا المزدلفي بالمزدلفة ، فإنّهما في وطنهما . وهل يجمع كلّ واحد منهما بالبقعة الاُخرى؟ فيه القولان ، وإن قلنا بالثاني جاز لجميعهم الجمع ۴۰ .
وقال طاب ثراه :
ولا فرق في الجمع للمطر بين الأمكنة عندنا وعند بعض العامّة ، وقال بعضهم ؛ يختصّ ذلك بمساجد المدينة ، وخصّه بعضهم بمسجده صلى الله عليه و آله ، وبعضم بالمسجدين الحرمين ، وبعضهم بالبلاد المطيرة الباردة .
ولا وجه لهذه التخصيصات لا عقلاً ولا نقلاً .
ثمّ إنّهم اختلفوا في أنّ الجمع مع الجماعة أفضل أو التفريق مع الانفراد؟ فقيل بالأوّل ؛ ترجيحاً لفضل الجماعة، وقيل بالثاني ؛ ترجيحاً لفضل الوقت.
قوله : (محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد اللّه بن بكير) . [ح 1 / 4875] الظاهر أنّ أحمد بن محمّد هذا هو أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ لأنّه الّذي يروي كثيرا عن عليّ بن الحكم، منها : ما رواه الشيخ في التهذيب ۴۱ والصدوق في الفقيه في صفة تيمّم عمّار وتمعّكه حيث صرّحا بابن عيسى.
ويحتمل أحمد بن محمّد بن خالد البرقي بن أبي عبد اللّه ؛ لأنّه أيضاً قد يروي عن عليّ بن الحكم على ما ذكره النجاشي حيث قال :
عليّ بن الحكم بن الزبير النخعي أبو الحسن الضرير مولى، له ابن عمّ يُعرف بعليّ بن جعفر بن الزبير [روى عنه] ، له كتاب ، أخبرنا أبو عبد اللّه بن شاذان ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا سعد عن محمّد بن إسماعيل وأحمد بن أبي عبد اللّه ۴۲ ، عن عليّ بن الحكم بكتابه ۴۳ .
وعليّ بن الحكم هو عليّ بن الحكم بن الزبير الكوفي بقرينة رواية أحمد بن محمّد عنه ، وهو ثقه جليل القدر ، فلا يضرّ إشراك بينه وبين عليّ بن الحكم الأنباري الّذي لم يتعرّض أرباب الرجال لحاله ، بل قيل باتّحادهما ، وهو ظاهر النجاشي حيث قال في ترجمة أبي شعيب المحاملي : «إنّه كوفي ثقة، من رجال أبي الحسن موسى عليه السلام ، مولى عليّ بن الحكم بن الزبير الأنباري» ۴۴ . حكي ذلك عن الخلاصة أيضا ۴۵ .
وقد عدّ العلّامة بعض الأخبار المشتمل سنده عليه صحيحاً ۴۶ .
واندفع بذلك اعتراض الشهيد الثاني عليه بأنّ عليّ بن الحكم مشترك ۴۷ ، فكيف يكون الخبر صحيحاً؟!
ونقل طاب ثراه عن المحقّق الأردبيلي قدّس سرّه أنّه قال في بعض حواشيه : هذا الاعتراض غير وارد ؛ لاحتمال علم القائل مثل العلّامة بكونه الثقة. والظاهر أنّه ثقة لثبوت نقل أحمد بن محمّد بن عيسى عن الثقة دون غيره ۴۸ .
وعلى ما ذكر فالخبر موثّق بعبد اللّه بن بكير ۴۹ .
قوله : (عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد) . [ح 2 / 4876] قال طاب ثراه: عليّ بن محمّد هذا هو عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني ؛ لنقل المصنّف عنه كثيرا ونقله عن سهل بن زياد.
قوله في خبر محمّد بن حكيم : (إذا جمعت بين الصلاتين ولا تطوّع بينهما) . [ح 3 / 4877] يظهر منه اختصاص الجمع بما إذا لم تفصل النافلة بين الصلاتين.
ومثله قوله في خبره الآخر : (الجمع بين الصلاتين إذا لم تكن بينهما تطوّع) . [ح 4 / 4878] ولعلّ المراد بالتطوّع النوافل المقرّرة مع الأدعية المستحبّة المنقولة فيها ، وبعد كلّ ركعتين منها ، بحيث إذا فرغ منها دخل وقت فضيلة الثانية ، فإنّه حينئذٍ لا يسمّى جمعاً قطعا ، فلا ينافي ما سبق من شمول الجمع لما إذا فصلت النافلة بينهما.
ويؤيّده خبر عبد اللّه بن سنان ۵۰ ، [و] ما يأتي في كتاب الحجّ من أنّ الإمام عليه السلام جمع بين العشائين في جمع في سنة بغير نافلة بينهما ، وفي سنة اُخرى مع فصل أربع ركعات بينهما ۵۱ ، مع كون الجمع مستحبّاً فيه، بل واجباً على ما قيل.
وقال طاب ثراه: لو صلّاهما في وقت واحدة منهما مع الفصل بزمان كثير ، لكن لا بحيث يخرج وقت تلك الواحدة ، هل يؤذّن للثانية أم لا؟ يفهم من كلام الفاضل الأردبيلي أنّ الأذان لو كان للإعلام بدخول الوقت لايؤذّن، وإن كان للإعلام بالصلاة نفسها يؤذّن ، إلّا أن يقال : إنّ هذا داخل في قاعدة الجمع فيسقط ، ولكنّه غير معلوم ؛ إذ لا يطلق عليه الجمع لغةً وشرعاً على ما هو الظاهر ۵۲ .
1.هما حديثان ۳ و ۴ من هذا الباب.
2.اُنظر: الخلاف، ج ۱، ص ۵۸۸ ، المسألة ۳۵۱ ؛ المبسوط، ج ۱، ص ۱۴۰؛ جامع الخلاف والوفاق، ص ۱۰۳؛ المعتبر، ج ۲، ص ۴۸۴ ؛الجامع للشرائع، ص ۹۳؛ منتهى المطلب، ج ۱، ص ۳۹۹ ۴۰۰ ؛ الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۱ و ۳۳۵ و ۳۳۶ ، و ج ۴، ص ۳۳۵ ؛ مدارك الأحكام، ج ۳ ، ص ۴۶.
3.الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۱ . و لم يذكر فيه «ابن المنذر» ، و الظاهر أنّ ابن المنذر حكى الأقوال كما في المجموع للنووي، ج ۴، ص ۳۷۱ .
4.اُنظر: المصنّف لعبد الرزّاق، ج ۲، ص ۵۵۵ ، ح ۴۴۳۵ و ۴۴۳۷ ؛ سنن النسائي، ج ۱، ص ۲۸۶؛ التمهيد، ج ۱۲، ص ۲۱۴؛ الخلاف، ج ۱، ص ۵۹۰ ؛ المجموع للنووي، ج ۴، ص ۳۷۱ ؛ صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۳؛ مسند أحمد، ج ۱، ص ۲۵۱.
5.اُنظر: المغني، ج ۲، ص ۱۲۰؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲ ، ص ۱۱۶؛ بداية المجتهد، ج ۱، ص ۱۳۸؛ الاستذكار، ج ۲ ، ص ۲۱۱؛ التمهيد، ج ۱۲، ص ۲۱۰.
6.علل الشرائع، ج ۲، ص ۳۲۱ ، الباب ۱۱، ح ۱؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۱، ح ۴۹۷۲.
7.علل الشرائع، ج ۲، ص ۳۲۱ ، الباب ۱۱؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۱، ح ۴۹۷۳.
8.الاستبصار، ج ۱، ص ۲۷۲، ح ۹۸۲؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۰۴، ح ۴۹۲۷.
9.الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۱ ۳۳۲ و ۳۳۶ .
10.مسند الشافعي، ص ۲۱۴، صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۱؛ سنن أبي داود، ج ۱، ص ۲۷۱، ح ۱۲۱۰؛ سنن الترمذي، ج ۵ ، ص ۳۹۲ ؛ سنن النسائي، ج ۵ ، ص ۲۹۰؛ و السنن الكبرى له أيضا، ج ۱، ص ۴۹۱، ح ۱۵۷۳؛ صحيح ابن خزيمة، ج ۲، ص ۸۵ ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۳ ، ص ۱۶۶ و ۱۶۷؛ صحيح ابن حبّان، ج ۴، ص ۴۷۱.
11.مسند أحمد، ج ۱، ص ۲۲۳ و ۳۵۴ ؛ صحيح مسلم، ج ۱، ص ۱۵۲؛ سنن أبي داود، ج ۱، ص ۲۷۱ ۲۷۲، ح ۱۲۱۱؛ سنن الترمذي، ج ۱، ص ۱۲۱، ح ۱۸۷، و ج ۵ ، ص ۳۹۲ ؛ سنن النسائي، ج ۱، ص ۲۹۰؛ و السنن الكبرى له أيضا، ج ۱، ص ۴۹۱، ح ۱۵۷۳ و ۱۵۷۴؛ السنن الكبرى للبيهقى، ج ۳ ، ص ۱۶۷؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج ۲ ، ص ۳۳۴ ، باب من قال يجمع المسافر بين الصلاتين، ح ۵ ؛ المعجم الأوسط للطبرانى، ج ۵ ، ص ۱۱۳؛ المعجم الكبير، ج ۱۰، ص ۳۲۶ ۳۲۷ ؛ ناسخ الحديث و منسوخه، ص ۳۱۸ .
12.صحيح مسلم، ج ۲ ، ص ۱۵۳؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۳ ، ص ۱۶۸.
13.علل الشرائع، ج ۲، ص ۳۲۲ ، الباب ۱۱، ح ۶؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۱ ۲۲۲، ح ۴۹۷۵.
14.علل الشرائع، ج ۲، ص ۳۲۲ ، الباب ۱۱، ح ۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۲، ح ۴۹۷۶. و رواه أحمد في مسنده، ج ۱، ص ۳۶۰ .
15.علل الشرائع، ج ۲، ص ۳۲۲ ، الباب ۱۱، ح ۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۲، ح ۴۹۷۷.
16.صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۱. و رواه أبو داود في سننه، ج ۱ ، ص ۲۷۱، ح ۱۲۱۰؛ و النسائي في سننه، ج ۱، ص ۲۹۰؛ و في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۴۹۱، ح ۱۵۷۳؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۳ ، ص ۱۶۶؛ و ابن خزيمة في صحيحه، ج ۲، ص ۸۵ ؛ و ابن حبّان في صحيحه، ج ۴، ص ۴۷۱.
17.صحيح مسلم، ج ۲ ، ص ۱۵۱. و رواه البيهقي في السنن الكبرى، ج ۳ ، ص ۱۶۶؛ و ابن الجعد في مسنده ، ص ۳۸۴ .
18.صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۲ ۱۵۳ . و رواه أحمد في مسنده، ج ۱، ص ۲۵۱؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۳ ، ص ۱۶۸.
19.صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۲. و رواه أحمد في مسنده، ج ۱، ص ۲۲۳.
20.صحيح البخاري، ج ۱، ص ۱۳۸. و رواه مسلم في صحيحه، ج ۲، ص ۱۱۰؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۴۴۳ ؛ و النسائي في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۴۶۷، ح ۱۴۹۶؛ و ابن حبّان في صحيحه، ج ۴، ص ۳۸۴ ۳۸۵ ؛ و الطبراني في المعجم الأوسط، ج ۸ ، ص ۱۵۰.
21.اُنظر: المغني، ج ۱، ص ۳۷۸ ؛ الشرح الكبير، ج ۱، ص ۴۲۷.
22.الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۶ .
23.حكاه النووي في شرح صحيح مسلم، ج ۵ ، ص ۲۱۸؛ و العيني في عمدة القاري، ج ۵ ، ص ۳۲ .
24.جميع الأقوال و الأجوبة موجود في شرح صحيح مسلم للنووي، ج ۵ ، ص ۲۱۸. و انظر: تحفة الأحوذى، ج ۱، ص ۴۷۶ ؛ فتح الباري، ج ۲، ص ۱۹.
25.الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۶ .
26.هذا هو الحديث ۶ من باب الجمع بين الصلاتين من الكافي. و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۶۳، ح ۱۰۴۹ ؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۳، ح ۴۹۷۹.
27.الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۲ ۳۳۵ .
28.كان في الأصل: «جمال الدين بن يوسف...» و «ابن أبي طاووس»، و التصويب حسب المصدر.
29.الذكرى، ج ۲، ص ۳۳۵ .
30.اُنظر: بداية المجتهد، ج ۱، ص ۱۳۹ ۱۴۰؛ الخلاف، ج ۱، ص ۵۸۸ ۵۸۹ ، فتح العزيز، ج ۲، ص ۷۴؛ و ج ۴، ص ۴۷۳ ؛ المجموع للنووي، ج ۴، ص ۳۳۶ و ۳۷۸ ؛ روضة الطالبين، ج ۱، ص ۴۹۸ ؛ فتح الوهّاب، ج ۱، ص ۱۲۷؛ مغني المحتاج، ج ۱، ص ۲۷۱؛ المغني، ج ۲، ص ۱۱۲ ۱۲۲؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۱۱۵ ۱۲۲؛ تلخيص الحبير، ج ۴، ص ۴۶۹ ؛ نيل الأوطار، ج ۳ ، ص ۲۶۰.
31.هو الحديث ۲ من هذا الباب.
32.هو الحديث ۵ من هذا الباب.
33.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۳۲ ، ح ۹۶؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۶۷، ح ۹۶۶؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۹۷، ح ۴۹۱۰.
34.تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۳۵ ، ح ۱۰۹؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۷۲، ح ۹۸۵؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۲۰۳، ح ۴۹۲۲.
35.صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۰. و رواه البخاري في صحيحه، ج ۲، ص ۳۹ ؛ و النسائي في سننه، ج ۱، ص ۲۸۷؛ و في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۴۸۹، ح ۱۵۶۷؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۳ ، ص ۱۶۵؛ و الطبراني في المعجم الكبير، ج ۱۲، ص ۲۲۰؛ و في مسند الشاميّين، ج ۱، ص ۶۵، ح ۷۰؛ و ج ۴، ص ۲۳۰، ح ۳۱۵۲ .
36.صحيح مسلم، ج ۲، ص ۱۵۱. و رواه النسائي في السنن الكبرى، ج ۱، ص ۴۸۹، ح ۱۵۶۶؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج ۳ ، ص ۱۶۱؛ و ابن خزيمة في صحيحه، ج ۲، ص ۸۴ .
37.الخلاف، ج ۱، ص ۵۸۹ ، المسألة ۳۵۱ . و انظر: فتح العزيز، ج ۴ ، ص ۴۶۹، المجموع للنووي، ج ۴، ص ۳۷۱ ؛ إعانة الطالبين، ج ۲، ص ۱۱۴؛ المغني، ج ۲، ص ۱۱۲؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۱۱۴ ۱۱۵؛ فتح الباري، ج ۲، ص ۴۷۷.
38.الخلاف، ج ۱، ص ۵۹۱، المسألة ۳۵۳. وانظر: الاُمّ، ج ۱، ص ۹۵؛ معرفة السنن و الآثار، ج ۲، ص ۴۵۵؛ المدوّنة الكبرى، ج ۱، ص ۱۱۵؛ الاستذكار، ج ۲، ص ۲۱۱؛ فتح العزيز، ج ۴، ص ۴۷۰.
39.فتح العزيز، ج ۴، ص ۴۷۰ ؛ المجموع للنووي، ج ۴، ص ۳۷۱ ؛ إعانة الطالبين، ج ۲، ص ۱۱۴؛ المغني، ج ۲، ص ۱۱۲؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۱۱۵، فتح الباري، ج ۲، ص ۴۷۷.
40.فتح العزيز، ج ۴، ص ۴۷۲ ۴۷۳.
41.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۲۰۷، ح ۵۹۸ .
42.في هامش الأصل: «هو كنية محمّد بن خالد البرقي . منه» .
43.رجال النجاشي، ص ۲۷۴، الرقم ۷۱۸.
44.رجال النجاشي، ص ۴۵۶، الرقم ۱۲۴۰.
45.خلاصة الأقوال، ص ۱۷۷.
46.نسب ذلك الشهيد الثاني إلى تذكرة الفقهاء، ولم أعثر عليه . اُنظر التعليق التالي.
47.مسالك الأفهام، ج ۷، ص ۵۹ .
48.اُنظر: مجمع الفائدة والبرهان، ج ۱، ص ۲۳۰ ۲۳۱.
49.لأنّ عبداللّه بن بكير من الفحطيّة . اُنظر: اختيار معرفة الرجال، ج ۲ ، ص ۶۵۳، ج ۶۳۹؛ الفهرست، ص ۱۷۳ ، الرقم ۴۶۱ ؛ معالم العلماء، ص ۱۱۲، الرقم ۵۱۷ .
50.هو الحديث ۲ من هذا الباب.
51.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۹۰، ح ۶۳۲؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۶، ح ۹۰۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۴، ص ۱۵، ح ۱۸۴۷۲. و رواه الكليني في باب من حافظ على صلاته أو ضيّعها، ح ۲.
52.مجمع الفائدة والبرهان، ج ۲، ص ۱۶۷.