257
شرح فروع الکافي ج3

شرح فروع الکافي ج3
256

باب من شكّ في صلاته كلّها ولم يدر أزاد أو نقص ، ومن كثر عليه السّهو في النافلة وسهو الإمام ومن خلفه

فيه مسائل :
الاُولى : من شكّ في الصلاة ولم يدر كم صلّى ، ركعة أو ركعتين أو ثلاثا فما فوقها ، فالمشهور بين الأصحاب بطلان صلاته، ۱ وقد سبق ظهور كلام الصدوق في البناء على الأقلّ .
ويدل على الأوّل صحيحة صفوان، ۲ ومضمرة زرارة وأبي بصير، ۳ وصحيحة ابن أبي يعفور . ۴
وقال طاب ثراه: ويدلّ عليه أخبار اُخر غير مذكورة في الكتاب ، مثل صحيحة عليّ بن النعمان: «إنّما يعيد من لا يدري ما صلّى» ، وصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام، قال : سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلّى شيئا أم لا، قال : «يستقبل»، ۵ والأخبار الدالّة على أنّ الشكّ في الاُوليين مبطل ، ۶ ولعدم إمكان البناء على شيء إذا لم يعلم شيئا أصلاً ، والبناء على ما هو المعلوم من النيّة والتكبير بعيدٌ جدّا ، مع علمه بأنّه قد فعل شيئا .
وبالجملة ، الأخبار الصحيحة والإجماع والاعتبار أدلّة على بطلان الصلاة في هذا الفرض ، فيجب تأويل ما دلّ على خلافه كصحيحة عليّ بن يقطين في التهذيب والاستبصار ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلّى ، واحدة أم اثنتين ، قال : «يبني على الجزم ، ويسجد سجدتي السهو ، ويتشهّد تشهّدا خفيفا ». ۷
والشيخ أوّله بأن حمل البناء على الجزم على الإعادة ، وحمل السجود على الاستحباب .
وأورد عليه الفاضل الأردبيليّ ۸ بانّ الإعادة لا يسمّى بناء ، واستحباب السجود على تقدير البطلان بعيد ، ثمّ أوّله بوجهين : الأوّل : أنّ المراد بالصّلاة النافلة ، وبالبناء على الجزم البناء على الواحدة ، والسجود لاحتمال الزيادة .
الثاني : أن المراد بالصلاة الفريضة ، لكن إذا ظنّ بالواحدة ، ويمكن حمله على صورة كثرة الشكّ وعلى التقيّة ؛ لأنّه موافق لمذهب أكثر العامّة ورواياتهم ، فقد روى مسلم بإسناده عن أبي هريرة : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : إنّ أحدكم إذا جاء يصلّي جاءه الشيطان فيلبّس عليه حتّى لا يدري كم صلّى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس ». ۹
وعنه أيضا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتّى لا يسمع الأذان ، فإذا قُضي الأذان أقبل ، فإذا ثوّب بها أدبر ، فإذا قضي التثويب أقبل حتّى يخطر بين المرء ونفسه يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا حتّى يظلّ الرجل إن يدري كم صلّى ، فليسجد سجدتين وهو جالس» . ۱۰
قال عياض في شرح هذا الحديث :
وأمّا من لم يدركم صلّى ، واحدة أو أكثر ولم تتقدّم له يقين في إكمال صلاته ، فقال مالك والأكثر : يبني على يقين ويطرح الشكّ ، ثمّ يسجد للسّهو قبل السّلام . وقال الحسن وطائفة : من لم يدركم صلّى يعيد مرّة بعد اُخرى حتّى يتيقّن الأكثر . وقال بعضهم : يعيد ثلاث مرّات ، فإن شكّ في الرابعة فلا إعادة عليه . ۱۱
الثانية : كثير السهو .
الظاهر بالنظر إلى الأخبار أن مراد المصنّف من كثرة السّهو المعنى العام الشامل لكثرة الشكّ وكثرة النّسيان ، وذهب أكثر الأصحاب إلى عدم اعتبار الشكّ مع كثرته مطلقا ، بمعنى أنّه لا يلتفت إلى ما شكّ فيه من فعل أو ركعة ، بل يبني على وقوعه وإن كان في محلّه حتّى لو فعله بطلت الصلاة ، إلّا أن يستلزم الزيادة ، فيبني على المصحّح .
ويدلّ عليه مضمرة أبي بصير ۱۲ وصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، ۱۳ ورواية ابن سنان، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك». ۱۴
وفي الفقيه عن الرضا عليه السلام : «إذا كثر عليك السهو في الصلاة فامضِ في صلاتك ولا تعد» . ۱۵
قال طاب ثراه :
قد استفيد من هذه الأخبار البناء على فعل ما شكّ فيه ، وهو مذهب أكثر علمائنا ، منهم العلّامة حيث قال في النهاية : «لا حكم للسّهو إذا كثر وتواتر ، بل يبني على وقوع ما شكّ فيه »، ۱۶ وقال الفاضل الأردبيليّ: «الاحتياط البناء على الأقلّ »، ۱۷ وهو مخيّر بينه وبين البناء على الأكثر .
وكذا ذهبوا إلى عدم اعتبار النسيان مع كثرته بمعنى أنّه لا سجدة للسّهو عليه لو فعل ما يوجبه ، لكن لو ترك فعلاً وذكره في محلّه استدركه .
ولو زاد أو نقص ركنا أعاد الصلاة على ما صرّح به بعض .
ويدل على عدم اعتباره أكثر ما ذكر من الأخبار؛ لشمول السهو له أيضا ، لكن ظاهر التعليل الذي ورد فيها سقوط أحكام الشكّ والسّهو جميعا مع الكثرة حتّى الاحتياط وسجود السهو والإعادة فيما يوجب زيادة الركن ونقصانه ، فلا وجه لما ذكرهُ المحقّق الأردبيليّ على ما نقل عنه والدي من قوله : «الظاهر أنّ المراد بالسّهو في هذه الأخبار الشكّ الموجب للإعادة أو التلافي قبل محلّه ؛ لأنّه أمر بالمضي في الصلاة »، ۱۸ يعني لا يترك الصلاة على الأوّل ، ولا يرجع إلى مقتضاه على الثاني ، فهذه الأخبار إنّما تدلّ على عدم بطلان الصلاة وعدم الرجوع إلى المشكوك فيه مع عدم فوات محلّه بعد الكثرة ، لا على سقوط الاحتياط أيضا لو اقتضاه الشكّ الكثير ؛ للأدلّة الدالّة على وجوبه مطلقا مع عدم التعارض بينها وبين هذه الأخبار ، ولا لما نقله صاحب المدارك عن بعض الأصحاب وعدّه أظهر ، حيث قال :
وهل تؤثّر الكثرة في سقوط سجدات السّهو ؟ قيل : نعم ، وهو خيرة الذكرى ۱۹ ؛ دفعا للجرح . وقيل : لا ، و هو الأظهر ؛ لأنّ أقصى ما يدلّ عليه الروايات المتقدّمة وجوب المضي في الصلاة وعدم الالتفات إلى الشكّ ، فتبقى الأوامر المتضمّنة للسجود بفعل موجبه سالمة من المعارض ». ۲۰
وعموم الصلاة فيها يشمل صلاة الاحتياط ، فلا حكم للشكّ مع الكثرة فيها أيضا .
ويحتمل أن لا يعتبر فيها في المرّة الاُولى ؛ لما سنذكره في مسألة السّهو في السّهو .
قال طاب ثراه :
ثمّ سقوط حكم الشكّ بعد الكثرة هل هو حتمي أو رخصة وتخفيف ؟ ذهب طائفة إلى الأوّل ؛ لحمل الأمر بالإمضاء والنهي عن الإعادة على الوجوب والتحريم ، فهذه الأخبار تخصّص الأدلّة الدالّة على وجوب التدارك والإعادة حتّى قال العلّامة في النهاية : «لو سها فيالقراءة وهو قائم أو في سجدة وهو جالس وقد بلغ حدّ الكثرة لم يلتفت ، فإن تدارك احتمل البطلان ؛ لأنّه فعل ما ليس من الصلاة فيها »، ۲۱ ونقل عن بعض الأصحاب أنّ التلافي بعد الكثرة مبطل ؛ لأنّه زيادة منهيّة ، ولو علم بعده أنّه كان متروكا وفعله وقع في محلّه . وقال الفاضل الأردبيليّ إلى الثاني ، وقال : «الجمع بين الأخبار بهذا الوجه أولى من التخصيص ». ۲۲
ولا يرد عليه : أنّ الزيادة فعل كثير وهو مبطل ؛ لأنّ المبطل هو الفعل الكثير الذي يخرج به المصلّي عن كونه مصلّيا، وليس بظاهر يحقّقه في كلّ زيادة .
وينبغي القول في حدّ الكثرة ، فقال صاحب المدارك :
واختلف الأصحاب فيما يتحقّق به الكثر ، فقال الشيخ في المبسوط: «قيل : حدّه أن يسهو ثلاث مرّات متوالية ». ۲۳
وبه قال ابن حمزة ، ۲۴
وقال : حدّه أن يسهو في شيء واحد أو في فريضة واحدة ثلاث مرّات ، فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة الرابعة .
وأنكر في المعتبر هذا القول ، وقال : «إنّه يجب أن يطالب هذا القائل بمأخذه ، فإنّا لا نعلم لذلك أصلاً في لغة ولا شرع »، ۲۵ والأصحّ ما اختاره المصنّف ـ يعني المحققّ ـ من الرجوع في ذلك إلى العادة ؛ لأنّها المحكّمة فيما لا يرد عليه تقدير من الشارع. لا يقال : قد روى ابن بابويه في الصحيح عن محمّد بن أبي عمير ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : «وإذا كان الرجل ممّن يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن يكثر عليه السهو» ، ۲۶ وليس المراد ب«كلّ» الدّوام قطعا ، وإلّا لم يتحقّق الكثرة ؛ لأنّ الصلاة المتعاقبة داخلة في حيّز «كلّ» إلى انقضاء تكليف المصلّي ، بل المراد أنّه لا يسلم للمصلّي ثلاث بغير سهو ، فيكون ذلك تقديرا شرعيا للكثرة ، فلا يتّجه الرجوع فيها إلى العادة .
لأنّا نقول : أقصى ما تدلّ عليه [الرواية] تحقّق الكثرة بذلك ، وهو مطابق للعرف لا حصر الكثرة في هذا المعنى . قال في الذكرى : ويظهر من قوله في حسنة حفص بن البختريّ : «ولا على الإعادة إعادة» ۲۷ إنّ السهو يكثر بالثانية ، إلّا أن يقال : يختصّ بموضع وجوب الإعادة ، وهو كذلك ، إلّا أنّي لا أعلم بمضمونها قائلاً . ۲۸
انتهى عبارة المدارك .
ويظهر من بعض الأخبار تحقق الكثرة بكثرة متعلّق شكّ واحد، ولا بعد فيه ، لكن لم أجد قائلاً به ، رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن عليّ بن أبي حمزة ـ والظاهر أنّه الثماليّ ـ عن العبد الصّالح عليه السلام ، قال : سألته عن رجل يشكّ فلا يدري أواحدة صلّى أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، يلتبس عليه صلاته، قال : «كلّ ذا ؟» قلت : نعم ، قال : «فليمض في صلاته ويتعوّذ باللّه من الشيطان الرجّيم، فإنّه يوشك إن يذهب عنه ». ۲۹ وحمله تارة على النوافل ، واُخرى على من تحقّق كثرته قبل ذلك ؛ لما سبق منه بطلان الصلاة إذا تعلّق الشكّ بالواحدة والاثنتين، ولخصوص صحيحة ابن أبي يعفور ، ۳۰ ولا قائل بالتخيير .
وأمّا انقطاع حكم الكثرة فيحتمل تحقّقه بعدم السهو في صلاة واحدة ، ويحتمل تحقّقه في الثلاث كذلك والرابعة ، وذهب إلى كلّ فريق . ۳۱
الثالثة : السهو في النافلة .
لو سها فيها بما يوجبُ سجدة السهو في الفريضة لم يجب عليه السجود ؛ لمرسلة يونس ۳۲ وصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام، ۳۳ وخبر الحسن بن زياد الصيقل ۳۴ عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرّجل يصلّي الركعتين من الوتر ، يقوم فينسى التشهّد حتّى يركع، فيذكر وهو راكع ، قال : «يجلس من ركوعه فيتشهّد ، ثمّ يقوم فيتمّ» ، قال : قلت : أليس قلت في الفريضة : «إذا ذكر بعدما يركع مضى ، ثمّ سجد سجدتين بعد ما ينصرف ويتشهّد فيهما» ؟ قال : «ليس النافلة مثل الفريضة» . ۳۵
ويؤيّدهما صحيحة عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ ، قال : سألته عن رجل سها في ركعتين من النافلة ، فلم يجلس بينهما حتّى قام فركع في الثالثة ، قال : «يدع ركعة ويجلس ويتشهّد ويسلم، ثمّ يستأنف الصلاة بعد ». ۳۶
وقال الشيخ في الخلاف : «لا سهو في النافلة ، وبه قال ابن سيرين . وقال باقي الفقهاء : حكم النافلة حكم الفريضة فيما يوجب السهو ». ۳۷
واستدلّ على المذهب المختار بإجماع الفرقة ، وأصالة البراءة ، ثمّ قال: «وأخبارنا في هذا الباب أكثر من أن تحصى ». ۳۸
والشاكّ في عدد ركعاتها مخيّر بين البناء على الأقلّ والأكثر ، فالأوّل أفضل ، أمّا جواز الأوّل فلأنّه المتيقّن ، وأمّا الثاني فقال المحقّق في المعتبر : «إنّه متّفق عليه بين الأصحاب ». ۳۹
وفي المدارك :
واستدلّ عليه بأنّ النافلة لا تجب بالشروع ، فكان للمكلّف الاقتصار على ما أراد ، وهو ضعيف ؛ إذ ليس الكلام في جواز القطع ، وإنّما هو في تحقّق الامتثال بذلك ، وهو يتوقّف على الدليل ؛ إذ مقتضى الأصل عدم وقوع ما تعلّق به الشكّ . ۴۰
أقول : ويؤيّد ما ذكره من الضعف ما روي أنّه يبني على الأقلّ على ما نقله المصنّف .
الرابعة: سهو الإمام والمأموم .
لو سها الإمام خاصّة انفرد بمقتضاه من السجود له أو التلافي ، ولا يجب على المأموم متابعته ؛ لأنّهما إنّما وجبا على الإمام لمعنى لم يوجد في المأموم ، فليس عليه شيء ، والمتابعة إنّما تجب عليه في أفعال الصلاة ؛ لما رواه الشيخ عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يدخل مع الإمام و قد صلّى الإمام للإمام ركعة أو أكثر ، فسها الإمام ، كيف يصنع الرجل ؟ قال : «إذا سلّم الإمام يسجد سجدتي السّهو ، ولا يسجد الرجل الذي دخل معه ، وإذا قام، وثنى على صلاته وأتمّها وسلّم سجد الرجل سجدتي السّهو ». ۴۱
وفي الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن رجل يصلّي خلف إمام لا يدري كم صلّى ، هل عليه سهو ؟ قال : «لا» . ۴۲
نعم ، لو تعدّد المأمومون وحفظوا كلّهم يبني الإمام على حفظهم في عدد الركعات وبالعكس ؛ لمرسلة يونس . ۴۳
ولو اختصّ السهو بالمأموم اختصّ بالعمل بمقتضاه ؛ لاختصاصه بالسبب ، ويجب عليه ذلك، وليس حفظ الإمام مسقطا لحكم السّهو عنه ؛ لفعله السبب فيجب المسبّب .
ولما رواه الشيخ من صحيحة عبد الرّحمان بن الحجّاج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلّم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفا ، قال : «يتمّ صلاته ثمّ يسجد سجدتين» ، ۴۴ الحديث ، فإنّ الظاهر أن القائل مأموم .
وعن منهال القصّاب ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أسهو في الصلاة وأنا خلف الإمام، فقال : «إذا سلّم فاسجد سجدتين ولا تهب» ، ۴۵ أي لا تخف من العامّة حيث قالوا بسقوط سجود السهو عن المأموم .
وفي الوافي : إنّه من الهيبة بمعنى الاحتشام ، بمعنى أنّه لا تحتشم من السجدة ، فإنّه لا عار في السجدة . ۴۶
وربّما قرئ : «ولا تهبّ» بتشديد الباء من هبّه هبّا وهبّةً ، بمعنى قطعه، أي لا تقطع الصلاة لذلك السهو ، بل اسجد له.
وفي الموثّق عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة ، قال يعيد الصلاة، ولا صلاة بغير افتتاح» . ۴۷
وفي الموثّق عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : أيضمن الإمام الصلاة ؟ قال : «ليس بضامن». ۴۸
وفي الصحيح عن معاوية بن وهب ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أيضمن الإمام صلاة الفريضة ؟ فإنّ هؤلاء يزعمون أنّه يضمن ، فقال : «لا يضمن ، أيّ شيء يضمن؟ إلّا أن يصلّي بهم جنبا أو على غير طهر» . ۴۹
وعن الحسين بن بشير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام ، فقال : «إنّ الإمام ضامن للقراءة، وليس يضمن الإمام صلاة الذين خلفه ، إنّما يضمن القراءة» . ۵۰
ويدلّ على الحكمين جميعا قوله عليه السلام في مرسلة يونس : «فإذا اختلف على الإمام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والأخذ بالجزم» . ۵۱ وما ذكر هو المشهور بين الأصحاب .
وقال الشيخ قدس سره في الخلاف :
إذا سها خلف من يقتدي به تحمّل الإمام عنه سهوه ، وكان وجوده كعدمه . وبه قال جميع الفقهاء ، وروي ذلك عن ابن عبّاس . وقال إسحاق : هو إجماع إلّا ما حكي عن مكحول الشاميّ أنّه قال : إن قام مع قعود إمامه سجد للسهو ، ۵۲ ـ ثمّ احتجّ على ما ذهب إليه بالإجماع ـ ، وقال : قول مكحول لا يعتدّ به ؛ لأنّه محجوج به ، ثمّ إنّه مع ذلك قد انقرض . ۵۳
وعن السيّد المرتضى أنّه قال في المصباح : «ليس على المأموم إذا سها سجدتا السهو». ۵۴
واحتجّوا عليه بمرسلة يونس، ۵۵ وحسنة حفص، ۵۶
وبقوله عليه السلام : «الإمام يحمل أوهام من خلفه إلّا تكبيرة الافتتاح» في خبر محمّد بن سهل . ۵۷
ويؤيّدهما موثّقة عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل ينسى و هو خلف الإمام أن يسبّح في السجود أو في الركوع أو ينسى أن يقول بين السجدتين شيئا ، فقال : «ليس عليه شيء» . ۵۸
وخبر عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل سها خلف إمام بعدما افتتح الصلاة ، فلم يقل شيئا ولم يكبّر ولم يسبّح ولم يتشهّد حتّى يسلّم، فقال : «جازت [صلاته]» . ۵۹
وما رواه العامّة عن عمر بن الخطاب أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس على من خلف الإمام سهو ، والإمام كافله» . ۶۰
وخصّص هذه الأخبار بما إذا شكّ المأموم في عدد الركعات مع حفظ الإمام ، ولو اُبقيت على ظاهرها من العموم فالظاهر أنّها وردت على التقيّة .
بقى هنا مسألة رواها المصنّف في الباب ولم يذكرها في العنوان ، وهو السهو في السهو ، والمشهور أنّه لا أثر له ، وفسّر بأمرين : أن يسهو عن السهو ، فيقول : لا أدري هل سهوت أم لا ؟ أو يسهو في ما يوجبه السهو ، كما لو شكّ هل أتى بسجدة من سجدتي السهو أو بهما ، فإنّه يبني على أنّه فعل ما شكّ فيه ، وكما لو شكّ في عدد الرّكعتين المنسيّتين أو الاحتياط، فيبني على فعل ما شكّ فيه أو على الأقلّ على احتمال ، وعدّ الثاني في المنتهى أقرب ، ۶۱ ووجّهه الفاضل الأردبيليّ بأنّه مناسب لقوله عليه السلام : «ولا على الإعادة إعادة»، وأنّ للثاني فائدة ليست للأوّل . ۶۲
واعلم إن كلّاً من السّهوين يحتمل النّسيان والشكّ ، فالاحتمالات أربعة :
أحدها : حملها على النّسيان ، والظاهر أنّه حينئذٍ لا سجدة للسّهو إذا ترك في موجبه ما يوجبها في الصلاة الأصليّة ، كأن ترك سجدة واحدة منه لا مطلقا ، فلو ترك ركعة من الركعتين المنسيّتين وجب تداركها عليه .
واحتمال العموم بعيد .
والثاني : إرادة الشكّ منهما ، فلو شكّ في عدد ركعتي الاحتياط لا يلتفت إليه ، بل يبني على وقوعه ، إلّا أن يستلزم الزيادة [البطلان] ۶۳ فيبني على المصحّح .
والثالث : حمل الأوّل على الترك نسيانا ، والثاني على الشكّ، بمعنى أنّه لو ترك نسيانا في موجب الشكّ ما يوجب سجود السهو سقط ذلك السجود عنه لا مطلقا ، فلو ترك ركعة من الاحتياط فعله.
والرابع : عكسه فيبني على وقوع ما شكّ فيه .
وفي المدارك :
وأكثر هذه الأحكام مطابق لمقتضى الأصل . نعم يمكن المناقشة في الحكم بالبناء على وقوع الفعل المشكوك فيه إذا كان في محلّه ، لعدم صراحة الرواية في ذلك ، وأصالة عدم فعل ما تعلّق به الشكّ ، وإن كان المصير إلى ما ذكروه غير بعيد . ۶۴
وقوله عليه السلام : «ولا على الإعادة إعادة» ۶۵
الظّاهر أنّه تأكيد لعدم السّهو في السّهو بمعنى أنّه لو سها في موجب السّهو الذي يوجب الإعادة ما يوجبها لا يعتدّ به ولا يعيد .
وقال طاب ثراه : قال الفاضل الأردبيليّ :
لعلّ المراد نفي استحباب الإعادة ثانيا في موضع استحبّ فيه الإعادة ، كمن صلّى منفردا ثمّ أعاده مع الجماعة استحبابا فلا يعيد مرّة اُخرى .
ويحتمل أن يكون المراد أنّه على تقدير الإعادة لقصور أولشكّ أو سهو، أو عدم طهارة ثوب لا يوجب مثله الإعادة أو يوجب ، لا ينبغي الإعادة إلّا مع الموجب . ۶۶
فجميع مواضع السّهو هذا إلى الباب من كلام المصنّف فرّعه على ما ذكره في الأبواب السابقة ، وقد خالف في بعض المواضع ما يستفاد ممّا تقدّم من الأخبار ، وما اشتهر بين الأصحاب ، وقد حقّقنا القول في موجبات سجدة السّهو وفي السهو في التشهّد وفي الشكّ في الاثنتين والأربع وما ذكره بعده .

1.اُنظر : مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۳۷۹ .

2.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .

3.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .

4.الحديث الثالث من هذا الباب .

5.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ ، ح ۷۴۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۷ ، ح ۱۰۴۹۳ .

6.تقدّمت رواياته في باب السهو في الركعتين الأوّلتين .

7.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۷ ، ح ۷۴۵ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۳ ، ح ۱۴۲۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۷ ، ح ۱۰۴۹۴ .

8.مجمع الفائدة ، ج ۳ ، ص ۱۰۰ .

9.صحيح مسلم ، ج ۲ ، ص ۸۲ ـ ۸۳ ، باب السهو في الصلاة والسجود له . ورواه أحمد في مسنده ، ج ۲ ، ص ۲۴۱ و ۲۷۳ و ۲۸۳ و ۲۸۴ ؛ والبخاري في صحيحه ، ج ۲ ، ص ۶۷ ؛ و أبو داود في سننه ، ج ۱ ، ص ۲۳۲ ، ح ۱۰۳۰ .

10.صحيح مسلم ، ج ۲ ، ص ۸۳ . ورواه الدارمي في سننه ، ج ۱ ، ص ۳۵۰ ـ ۳۵۱ ؛ والبخاري في صحيحه ، ج ۱ ، ص ۱۵۱ ؛ و ج۲ ، ص ۶۷ .

11.اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج ۵ ، ص ۵۷ ـ ۵۸ ؛ عمدة القاري ، ج ۷ ، ص ۳۱۲ .

12.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .

13.الحديث الثامن من هذا الباب .

14.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۴۳ ، ح ۱۴۲۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۸ ، ح ۱۰۴۹۷ .

15.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۳۹ ، ح ۹۸۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۹ ، ح ۱۰۵۰۰ .

16.نهاية الإحكام ، ج ۱ ، ص ۵۳۳ .

17.مجمع الفائدة والبرهان ، ج ۳ ، ص ۱۴۶ .

18.مجمع الفائدة والبرهان ، ج ۳ ، ص ۱۴۲ .

19.الذكرى ، ج ۴ ، ص ۵۷ .

20.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۷۲ .

21.نهاية الإحكام ، ج ۱ ، ص ۵۳۳ .

22.مجمع الفائدة والبرهان ، ج ۳ ، ص ۱۴۶ .

23.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۱۲۲ .

24.الوسيلة ، ص ۱۰۲ .

25.المعتبر ، ج ۲ ، ص ۳۹۴ .

26.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۳۹ ، ح ۹۹۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۹ ، ح ۱۰۵۰۱ .

27.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۴۴ ، ح ۱۴۲۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۳ ، ح ۱۰۵۴۲ .

28.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۷۲ ـ ۲۷۴ .

29.الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۴ ، ح ۱۴۲۱ . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۵۰ ، ح ۱۰۲۲ . وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۸ ـ ۲۲۹ ، ح ۱۰۴۹۸ .

30.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۷ ، ح ۷۴۳ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۳ ، ح ۱۴۱۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۶ ، ح ۱۰۴۹۰ .

31.اُنظر : مفتاح الكرامة ، ج ۹ ، ص ۴۴۶ ـ ۴۴۸ .

32.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

33.الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .

34.في هامش الأصل: «والطريق إليه صحيح ، منه ره».

35.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ ـ ۱۹۰ ، ح ۷۵۱ . ورواه الكليني في باب صلاة النوافل ، ح ۲۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۴۰۴ ـ ۴۰۵ ، ح ۸۲۹۲ .

36.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ ، ح ۷۵۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۳۱ ، ح ۱۰۵۰۷ .

37.المجموع للنووي ، ج ۴ ، ص ۱۶۱ .

38.الخلاف ، ج ۱ ، ص ۴۶۵ ـ ۴۶۶ .

39.المعتبر ، ج ۲ ، ص ۳۹۵ ـ ۳۹۶ .

40.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۷۴ .

41.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۵۳ ـ ۳۵۴ ، ح ۱۴۶۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۱ ، ح ۱۰۵۳۹ .

42.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۵۰ ، ح ۱۴۵۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۳۹ ـ ۲۴۰ ، ح ۱۰۵۳۳ .

43.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

44.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۹۱ ، ح ۷۵۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۰۶ ، ح ۱۰۴۳۵ .

45.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۵۳ ، ح ۱۴۶۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۱ ، ح ۱۰۵۳۸ .

46.الوافي ، ج ۸ ، ص ۹۹۴ ، وفيه : «لا عار في السهو» .

47.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۵۳ ـ ۳۵۴ ، ح ۱۴۶۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۱ ، ح ۱۰۵۳۹ .

48.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۲۷۹ ، ح ۸۱۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۵۳ ـ ۳۵۴ ، ح ۱۰۸۸۱ .

49.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۲۷۷ ـ ۲۷۸ ، ح ۸۱۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۷۳ ، ح ۱۰۹۳۷ .

50.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۲۷۹ ، ح ۸۲۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۵۳ ، ح ۱۰۸۸۰ .

51.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۵۴ ، ح ۱۸۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۲ ـ ۲۴۳ ، ح ۱۰۵۴۰ .

52.بداية المجتهد ، ج ۱ ، ص ۱۵۷ ؛ المجموع للنووي ، ج ۴ ، ص ۱۴۳ .

53.الخلاف ، ج ۱ ، ص ۴۶۴ ، المسألة ۲۰۶ .

54.حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج ۲ ، ص ۳۹۴ ؛ والعلّامة في منتهى المطلب ، ج ۷ ، ص ۳۷ ؛ ومثله قال في جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج ۳ ، ص ۴۱) .

55.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

56.الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .

57.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۴۰۶ ، ح ۱۲۰۶ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۴۴ ، ح ۵۶۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۱۴ ، ح ۷۲۲۳ ؛ وج ۸ ، ص ۲۴۰ ، ح ۱۰۵۳۴ .

58.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۲۷۸ ، ح ۸۱۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۰ ، ح ۱۰۵۳۶ .

59.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۲۷۸ ، ح ۸۱۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۰ ، ح ۱۰۵۳۷ .

60.سنن الدارقطني ، ج ۱ ، ص ۳۶۵ ، ح ۱۳۹۸ .

61.منتهى المطلب ، ج ۷ ، ص ۲۹ .

62.مجمع الفائدة والبرهان ، ج ۳ ، ص ۱۳۵ .

63.زيادة منّا لتقويم المعنى .

64.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۶۹ .

65.وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۴۳ ، ح ۱۰۵۴۲ .

66.مجمع الفائدة والبرهان ، ج ۳ ، ص ۱۳۵ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 174853
صفحه از 550
پرینت  ارسال به