337
شرح فروع الکافي ج3

باب منع الزكاة

قال في المنتهى :
مَن منع الزكاة عُرِّف وجوبها وبُيّن له ، واُلزم بأدائها ، فإن امتنع قُوتل على ذلك ، وهذا حكم من نشأ في بادية لم يخالط أهل الإسلام أو كان قريب العهد بالإسلام ، فأمّا مَن نشأ بين المسلمين وعرف أحكامهم إذا أنكر وجوبها جهلاً به كان مرتدّاً عن الإسلام ؛ لإنكاره ما علم من الدِّين بالضرورة ثبوته ، أمّا لو منعها عالماً بوجوبها غير مستحلّ بل معتقدا لتحريم ما ارتكبه ، فإنّها تُؤخذ منه من غير زيادة عليها ، وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم .
و قال إسحاق [بن راهوية] : تُؤخذ منه و شطر ماله، و به قال النخعي و الشافعي في القديم. ۱ لنا : قوله عليه السلام : «ليس في المال حقّ سوى الزكاة» ، ۲ وقوله عليه السلام : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفس منه» ۳ خرج ما اُجمع على إخراجه ، فيبقى الباقي على المنع .
واحتجّ إسحاق والشافعي بما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «في كلّ أربعين من الإبل السائمة بنت لبون ، مَن أعطاها موتجراً بها فله أجرها ، ومن منعها فإنّا اخذوها وشطر ماله [عزمة]». ۴
والجواب : اتّفق العلماء على نسخه ، فقد روي أنّه كان في ابتداء الإسلام العقوبات في المال ، ثمّ نسخ ذلك.
ثمّ [قال]:
ويقاتل مانع الزكاة حتّى يؤدّيها ، وهو قول العلماء .
روى الجمهور : أنّ أبا بكر قاتل مانع الزكاة ، وأنكر عليه عمر ، وقال له : أتريد أن تقاتل العرب وقد قال رسول صلى الله عليه و آله : «اُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا اللّه ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا لحقّها ، وحسابهم على اللّه »؟! فقال أبو بكر : الزكاة من حقّها. ۵
ومن طريق الخاصّة : ما رواه ابن بابويه عن أبان بن تغلب ۶ ـ وذكر ما رواه المصنّف عنه ۷ وقال ـ : إنّ المنع منها فسوق ، فيجب على الإمام إزالته مع قدرة . ۸
وهذا حكم مَن كان غير مستحلّ لتركها ، والظاهر عدم الحكم بكفره وإن جاز قتاله .
وما دلَّ عليه خبر أبي بصير ۹ من نفي الإيمان والإسلام عمّن منع قيراطاً من الزكاة ، فلعلّ المراد منه نفي كمالها، أو مع استحلال تركها ، كنسبة الكفر إلى تارك الحجّ والصلاة ، وهو منسوب في المنتهى ۱۰ إلينا وإلى أحد الروايتين عن الشافعي ، وعن رواية اُخرى عنه أنّه يحكم بكفره ، ۱۱ وهو بعيد .
ولا يجوز نهب أموالهم ولا سبي ذراريهم إجماعاً ، وهذا مؤيّد لعدم كفرهم .
نعم ، لو كان منكراً لها على الشرط المذكور يلحق بذلك في حكم المرتدّ .
قوله في حسنة أبي بصير : (ملعون ملعون مالٌ لا يزكّى) . [ح 8/5747] أي ليس له بركة ويذهب بصاحبه إلى النار ، أو ملعون صاحبه تجوّزاً .
قوله في خبر عليّ بن حسّان : (الصلاة خيرٌ من عشرين حجّة ، وحجّة خيرٌ من بيت مملوّ ذهبا ينفقه) . [ح 12/5751] ونتيجة المقدّمتين أنّ الصلاة خيرٌ من عشرين بيتاً من ذهب ينفقه ، ولذا قال : «لا أفلح مَنْ ضيّع عشرين بيتاً من ذهب» ، فهو أجر الصلاة الضائع بترك الزكاة ، وإنّما عبّر عن الزكاة بخمسة وعشرين درهماً ؛ لأنّها زكاة ألف درهم ، وتخصيصه بالذِّكر لما مرّ .
قوله في حسنة حريز : (ما من ذي مال ذهب أو فضّة يمنع زكاة ماله إلّا حبسه اللّه يوم القيامة بقاعٍ قرقر) إلى آخره . [ح 19/5758] وفي بعض النسخ : «بقاع قفر» . قال طاب ثراه :
قال الهروي : القاع : المستوي الواسع. ۱۲ والقرقر : أيضاً المستوي الواسع ، فهي صفة مؤكّدة ، ۱۳ والشجاع ـ بضمّ الشين وكسرهاـ : الحيّة الذَّكر ، ۱۴ ويقال للحيّة أيضاً أشجع ، وقيل : الشجاع نوع من الحيّات أقبحها منظراً. ۱۵ وزاد بعض العامّة في صفته بأن قال له زبيبتان : أي زبدتان في جانبي فمه من السمّ ، ويكون مثلهما في شدقي الإنسان عند كثرة الكلام ، وقيل : هما نابان يخرجان من فِيه ، وقيل : نكتتان سوداوان على عينه ، ۱۶ والأقرع من الحيّات: ما ذهب شعر رأسه من شدّة السمّ. ۱۷ انتهى .
وفي المغرب : القضم : الأكل بأطراف الأسنان من باب لبس . ۱۸
وفي الحديث : أيدع يده في فيك يقضمها كأنّها في فِي فحل[يقضمها]. ۱۹
ونقل عن الكرماني ۲۰ شارح البخاري أنّه قال في الحديث : أيدع يده في فيكَ ويقضمها ـ بكسر الضاد على الأفصح ـ كما يقضم الفحل شعير الحمل. ۲۱
وفي نسخ هذا الكتاب والفقيه ۲۲ : «كما يقضم الفجل» بكسر الفاء والجيم ، وقيل : هو سهو من النسّاخ . والظلف للبقر والغنم ، فالخفّ للبعير .
وفي شرح الفقيه:
يطأه كلّ ذات ظلف من البقر والغنم الذي لم تخرج زكاته ، أو الأعمّ منهما ومن كلّ محشور، كما قال تعالى : «وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ» ، ۲۳ والمروي حشرها ليأخذ الضعيف متاعه من القوي ، أو يخلق عوض النعم التي لم يخرج زكاتها نعماً تعذّبه. وينهشه أي يلسعه ، نهشه كمنعه ، ولسعه : عضّه وأخذه بأضراسه ، وبالسين: أخذه بأطراف الأسنان ، والرّبعة : أخصّ من الربع ، والربع بالكسر : ما ارتفع من الأرض ، والمراد هنا أصل أرضه التي كانت فيها النخل والكرم ، والزراعة الواجبة فيها الزكاة. ۲۴
قوله في خبر أبي الجارود : (قيس أنملة) . [ح 22/5761] قال الجوهري : قست الشيء بالشيء : قدّرته به على مثاله ، يقال : بينهما قيس رمح ؛ أي قدر رمح. ۲۵

1.فتح العزيز، ج ۵، ص ۵۲۶ ؛ المجموع للنووي، ج ۵، ص ۳۳۱؛ و ج ۶ ، ص ۱۷۲؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج ۲، ص ۴۳۵ ـ ۴۳۶؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج ۲، ص ۶۷۰ ؛ نيل الأوطار، ج ۴، ص ۱۸۰.

2.سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۷۰ ، ح ۱۷۸۹؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۴۸؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۲۰۹ ، ح ۴۷؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۴۶۰ ، ح ۷۶۴۱.

3.عوالي اللآلي ، ج ۲ ، ص ۱۱۳ ، ج ۳۰۹؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج ۶ ، ص ۲۸۹.

4.فتح العزيز ، ج ۵ ، ص ۵۲۶ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج ۴ ، ص ۱۸ ، ح ۶۸۲۴ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۰۵ ، و فيهما: «و شطر إبله عزيمة».

5.مسند الشافعي ، ص ۱۱۹؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۹ ، ص ۱۲۱ ، شرح الكلام ۱۴۹؛ تفسير الرازي ، ج ۳ ، ص ۱۴۷.

6.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۱۱ ، ح ۱۵۸۹.

7.الحديث الخامس من باب منع الزكاة من الكافي.

8.منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۴۷۰ و ۴۷۱.

9.هو الحديث الثالث من هذا الباب.

10.منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۴۷۱.

11.اُنظر: المجموع للنووي ، ج ۵ ، ص ۳۳۴.

12.النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۳۲ (قيع).

13.مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۵۶۰ (قوع).

14.شرح صحيح مسلم للنووي ، ج ۷ ، ص ۷۱؛ النهاية ، ج ۲ ، ص ۴۴۷.

15.شرح سنن النسائي للسيوطي، ج ۵، ص ۱۲.

16.اُنظر: النهاية ، ج ۲ ، ص۲۹۲ (زبب).

17.النهاية ، ج ۴ ، ص ۴۴ ـ ۴۵ (قرع).

18.المغرب ، ص ۲۱۳ (قضم) . و مثله في صحاح اللغة ، ج ۵ ، ص ۲۰۱۳ (قضم).

19.كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۶ ، ص ۳۱؛ و المسند له أيضا ، ص ۲۰۰؛ صحيح البخاري ، ج ۵ ، ص ۱۳۰؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج ۹ ، ص ۳۵۵، ح ۱۷۵۴۶؛ المجعم الكبير للطبراني ، ج ۲۲ ، ص ۲۵۰۰.

20.محمّد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني ثمّ البغدادي ، فقيه ، اصولي ، محدّث، مفسّر ، متكلّم ، نحوي ، بياني، ولد في ۱۶ جمادي الآخر من سنة ۷۱۷ ه ق ، و توفي بطريق الحجّ في مرجعه إلى بغداد في سنة ۷۸۶ه ق ، فنقل إلى بغداد ، من تصانيفة: حاشية على تفسير البيضاوي ، شرح المواقف للإيجي ، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ، ضمائر القرآن ، شرح لمختصر ابن الحاجب. راجع: معجم المؤلّفين ، ج ۱۲ ، ص ۱۲۹؛ الأعلام ، ج ۷ ، ص ۱۵۳.

21.اُنظر: صحيح البخاري بشرح الكرماني ، ج ۱۰ ، ص ۹۹ و فيه: «بفتح الضاد المعجمه»، نعم ورد فيه: يقال «قضمت الدابّة شعيرها ـ بالكسر ـ تقضمه». ومثله في فتح الباري، ج ۱۲، ص ۱۹۴، و مثله في ج ۱۶ ، ص ۲۱۸ ، آخر باب غزوة تبوك.

22.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۹ ، ح ۱۵۸۳.

23.التكوير(۸۱) : ۵ .

24.روضة المتّقين ، ج ۳ ، ص ۱۶. و من قوله: «نَعشه كمنعه» إلى قوله: «أخصّ من الربع» غير موجود فيه.

25.صحاح اللغة ، ج ۳ ، ص۹۶۸ (قيس).


شرح فروع الکافي ج3
336
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171341
صفحه از 550
پرینت  ارسال به