341
شرح فروع الکافي ج3

باب العلّة في وضع الزكاة على ما وضع لم يزد ولم ينقص شيء

إنّ العلّة في ذلك علمه سبحانه بكفاية هذا القدر المقرّر لمعونة الفقراء ونظرائهم من أصناف المستحقّين .
قوله : (عن ابن إسماعيل الميثمي) . [ح 2/5764] الظاهر أنّه عليّ بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار ، وهو من وجوه المتكلِّمين من أصحابنا، وأوّل مَن تكلّم على مذهب الإماميّة رضي اللّه عنهم ، وصنّف كتباً في الإمامة ، وكلّم أبا الهذيل العلّاف والنظّام في الإمامة. ۱
ويحتمل أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار ، وهو واقفي موثّق. ۲
ولا يضرّ ضعف السند بسلمة بن الخطّاب ۳ والحسن بن راشد ۴ ؛ لقوة دلالة المتن على أنّه من كلام المعصوم عليه السلام .
ومحصّل سؤال المنصور أنّ الواجب في النصاب الأوّل إنّما كان في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله خمسة دراهم فلِمَ صار اليوم سبعة ؟ وعجز الفقهاء عن جوابه ، إنّما كان لأنّهم حسبوا أنّ دراهم النصاب الأوّل في ذلك اليوم كان باقياً على ما كان في عهده صلى الله عليه و آله .
وملخّص جوابه عليه السلام : أنّ عدد الواجب كما تغيّر اليوم فقد تغيّر دراهم النصاب أيضاً ، وذلك لتغيّر وزن الدرهم؛ إذ الدرهم كان في عهده صلى الله عليه و آله موازناً لستّة دوانيق كما صرّح به العلّامة في المنتهى ، قال :
الدراهم في بدو الإسلام كانت على صنفين : بغلية وهي السود ، وطبرية ، وكانت السود كلّ درهم منها ثمانية دوانيق ، فجمعها في الإسلام وجُعلا درهمين متساويين ، وزن كلّ درهم ستّة دوانيق ، فصار وزن كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الوقت ، وكلّ درهم نصف مثقال وخمسة ، وهو الدرهم الذي قدّر به النبيّ صلى الله عليه و آله المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة والقطع ومقدار الديات وغير ذلك. ۵
ومثله قال في أكثر كتبه ، ۶ ونحوه قال المحقّق أيضاً في المعتبر. ۷
وفي عهد المنصور نقص من الدرهم سبعاه وكان وزن الدرهم أربعة دوانيق وسبعي دانق ، فكان النصاب الأوّل ـ أعني المئتين ـ موازناً لمئتي درهم وثمانين درهماً بتلك الدراهم الناقصة ، والخمسة في الزكاة موازنة لسبعة دراهم .
وأشار عليه السلام على أنّ الواجب ربع العشر سواء في ذلك النصاب الأوّل وما فوقه ، وبيّن ذلك بالاُوقية ، وقال : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جعل في كلّ أربعين اُوقية اُوقية ؛ لأنّ الاُوقية لم تتغيّر عمّا كان في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله .
قال الجوهري : الاُوقية في الحديث أربعون درهماً، وكذلك كان فيما مضى. ۸
وتمّ الجواب بهذا ، لكنّه عليه السلام أشار إلى معنى آخر زائد عليه بقوله : «وكانت الدراهم خمسة دوانيق» .
وحاصله : أنّ هذا التغيّر المذكور ليس بأوّل تغيير وقع في الإسلام في الدراهم ، بل قد وقع تغيير آخر قبل ذلك بنقص سدس عمّا كان في عهده صلى الله عليه و آله وصار وزن كلّ درهم خمسة دوانيق، فكان نصاب الأوّل مئتين وأربعين درهماً ، والواجب فيه ستّة دراهم و محمّد خالد مثل هذا قطّ تعجّباً منه عليه السلام في توريته في قوله : «إنّي أخبرتك أنّي قرأته ، ولم اُخبرك أنّه عندي»؛ عذراً لعدم إرسال كتاب فاطمة صلوات اللّه عليها .
هذا خلاصة ما ذكره طاب ثراه ، ثمّ قال طاب ثراه : الاُوقية بضمّ الهمزة وشدّ الياء ويجمع على أواقي ، ومنهم مَن أنكر أن يُقال: وقية بفتح الواو . وحكى الجبائي أنّه يقال: وتجمع على وقايا. ۹
وقال الآبي في إكمال الإكمال : قال أبو عبيدة الاُوقية : اسم لوزن مبلغ أربعون درهماً. ۱۰
وبذلك صرّح الجوهري أيضاً ، قال : الاُوقية في الحديث : أربعون درهماً ، وكذلك كان فيما مضى ، فأمّا اليوم فيما يتعارفها الناس ويُقَدِّرُ عليه الأطبّاء فالاُوقية عندهم وزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم. ۱۱
وقال صاحب المغرب أيضاً : الاُوقيّة ـ بالتشديدـ : أربعون درهماً ، وهي اُفعولة من الوقاية ؛ لأنّها تقي صاحبها من الضرّ . ۱۲
وقيل : هي فعيلة من الأوق ، وهو الثقل ، والجمع : الأواقي بالتشديد والتخفيف .
وقد صرّح بذلك بعض علمائنا منهم العلّامة ، قال في النهاية : الاُوقية أربعون درهماً. ۱۳
إذا عرفت هذا فنقول : معنى الحديث أنّ في كلّ ألف وستمئة درهم أربعون درهماً ، وهذا مثل قولهم عليهم السلام : «في كلّ ألف درهم خمسة وعشرون درهماً». ۱۴

1.رجال النجاشي ، ص ۲۵۱ ، الرقم ۶۶۱ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ۱۷۶.

2.رجال النجاشي ، ص ۷۴ ، الرقم ۱۷۹.

3.رجال النجاشي ، ص ۱۸۷ ، الرقم ۴۹۸؛ خلاصة الأقوال ، ص ۳۵۴.

4.رجال النجاشي ، ص ۳۸ ، الرقم ۷۶؛ خلاصة الأقوال ، ص ۳۳۴ ـ ۳۳۵.

5.منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۴۹۳.

6.اُنظر: تحرير الأحكام ، ج ۱ ، ص ۳۷۱؛ نهاية الإحكام ، ج ۲ ، ص ۳۴۱.

7.المعتبر ، ج ۲ ، ص ۵۲۹ .

8.صحاح اللغة ، ج ۶ ، ص ۲۵۲۷ (وقي).

9.حكاه عنه في عمدة القاري ، ج ۸ ، ص ۲۵۶.

10.حكاه عنه أيضا ابن عبدالبّر في الاستذكار ، ج ۳ ، ص ۱۲۷.

11.صحاح اللغة ، ج ۶ ، ص ۲۵۲۷ ـ ۲۵۲۸ (وقي).

12.المغرب ، ص ۲۶۸ (وقي).

13.نهاية الإحكام ، ج ۲ ، ص ۳۴۱.

14.الخصال ، ص ۵۳۱، أبواب الثلاثين و ما فوقه ، ح ۹؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص۲۴ ، ح ۲۷.


شرح فروع الکافي ج3
340
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171381
صفحه از 550
پرینت  ارسال به