377
شرح فروع الکافي ج3

شرح فروع الکافي ج3
376

باب أنّه ليس على الحلي وسبائك الذهب ونقر الفضّة والجوهر زكاة

بل يشترط كونهما مسكوكين بسكّة المعاملة أو ما كان يتعامل بها لتعليق وجوبها على الدراهم والدنانير ، وبصحيحة عليّ بن يقطين ۱ وخبر جميل بن درّاج، ۲ فلا زكاة في الحليّ وسبائك الذهب والفضّة وأشباهها ، والحليّ مفرداً بفتح الحاء وسكون اللّام، وجمعاً بضمّ الحاء وكسرها وكسر اللام وشدّ الياء. ۳
والمشهور بين الأصحاب عدم وجوب الزكاة فيها وإن تضاعفت قيمته على النصاب محلّاً كان كالخلخال والسوار والخاتم والقرط والدملج للمرأة، والمنطقة والسيف والخاتم من الفضّة للرجل، أو محرّماً كحليّ المرأة للرجال وعكسه.
وهو منقول عن الحسن وعبداللّه بن عتبة وقتادة وأبي حنيفة . وعن الشافعي أنّه أوجبها في المحرّم منه، وله في المحلّل قولان ، وعن مالك أنّه يزكّي عاماً واحداً ، وعن أحمد روايتان كأبي حنيفة والشافعي. ۴
واختلف فيما إذا قصد به الفرار من الزكاة في أثناء الحول ؛ ففي المنتهى: «لا تجب الزكاة عند الحول، وبه قال الشيخ في النهاية ۵ والتهذيب ۶ والاستبصار، ۷ والسيّد المرتضى في المسائل الطبريّة، ۸ والمفيد ۹ وابن البرّاج ۱۰ وابن إدريس، ۱۱ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة» ۱۲ . ۱۳
ويدلّ عليه إطلاق الأخبار المذكورة في الباب وعمومها، وما رواه الشيخ عن أبي البختري، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحليّ عليه زكاة؟ قال : «إنّه ليس فيه زكاة وإن بلغ مئة ألف، كان أبي يخالف الناس في هذا». ۱۴
وعن السيّد المرتضى والشيخ أنّهما قالا في جمليهما بوجوب الزكاة لو كان الحليّ والسبك ونحوهما في أثناء الحول بقصد الفرار، ۱۵ وهو منقول عن عليّ بن بابويه ۱۶ وابنه في المقنع ، ۱۷ وصرّح ابن أبي عقيل ۱۸ بذلك في الحليّ؛ محتجّين بما رواه الشيخ في الموثّق عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحليّ فيه زكاة؟ قال : «لا ، إلّا ما فرَّ به من الزكاة». ۱۹
وعن معاوية بن عمّار عنه عليه السلام قال : الرجل يجعل لأهله الحليّ من مئة دينار ومئتي دينار، وأراني[قد]قلت ثلاثمئة، فعليه الزكاة؟ قال : «ليس عليه الزكاة» ، قال : قلت : فإنّه فرَّ [به] من الزكاة؟ قال : «لا يسقط» . ۲۰
وبأنّه يشبه الطلاق في المرض فراراً من مشاركة الزوجة في الميراث مع الورثة، وقتل المورّث لتعجيل الإرث ، فلما يتفرّع عليهما خلاف ما قصده فكذلك هنا .
واُجيب عن الخبرين بحملهما على الاستحباب على ما إذا فعل ذلك بعد حلول الحول ، ويشعر به قوله عليه السلام : «لا يسقط» ، فإنّ عدم السقوط مستلزم لتعلّق الوجوب .
ويدلّ عليه صريحاً ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ أباك قال : «مَن فرَّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها» ، قال : «صدق أبي ، عليه أن يؤدّي ما وجب عليه، وما لم يجب عليه فلا شيء عليه فيه» ، ثمّ قال لي : «أرأيت لو أنّ رجلاً اُغمي عليه يوماً ثمّ مات، فذهبت صلاته، أكان عليه وقد مات أن يؤدّيها؟» قلت : لا ، [قال] ۲۱ : «إلّا أن يكون أفاق من يومه» ، ثمّ قال لي : «أرأيت لو أنّ رجلاً مرض في شهر رمضان ثمّ مات فيه، أكان يُصام عنه؟» قلت : لا ، قال : «وكذلك الرجل لا يؤدّي عن ماله إلّا ما حمل عليه الحول». ۲۲
وعن الأخيرين ببطلان القياس على أنّه مع الفارق؛ لثبوت حقّ الوارث فيما زاد على ثلث التركة، ولذا منع من الوصيّة بالزائد عن الثلث، والطلاق مسقط له فلا يقبل منه، بخلاف الزكاة فيما نحن فيه، فإنّها لم تثبت بَعْدُ.
وكذا القياس على القتل، فإنّ القتل مراد العدم للّه تعالى، فالمنع من الإرث مناسب له بخلاف تصرّف المالك في ماله، فإنّ كونه مراد العدم ممنوع. ۲۳
وبه قال السيّد في الانتصار أيضاً محتجّاً بالإجماع ، ثمّ قال :
فإن قيل : قد ذكر عليّ بن الجنيد أنّ الزكاة لا تلزم الفارّ منها ببعض ما ذكرناه، قلنا : الإجماع قد تقدّم ابن الجنيد وتأخّر عنه، وإنّما عوّل ابن الجنيد على أخبار رُويت عن أئمّتنا عليهم السلام تتضمّن أنّه لا زكاة عليه وإن فرّ بماله ، وبإزاء تلك الأخبار ما هو أظهر منها وأقوى وأولى وأوضح طريقاً، تتضمّن أنّ الزكاة تلزمه ، ويمكن حمل ما تضمّن من الأخبار أنّها لا تلزمه على التقيّة، فإنّ ذلك مذهب جميع المخالفين، ولا تأويل في الأخبار ۲۴ التي وردت بأنّ الزكاة تلزمه إذا فرَّ منها إلّا إيجاب الزكاة ، فالعمل بهذه الأخبار أولى . انتهى. ۲۵
وذهب بعض العامّة إلى وجوب الزكاة في الحليّ إذا بلغت قيمته ألف دينار ، ۲۶ ومالك إلى وجوبها لسنة واحدة ، ۲۷ وفرّق الشافعي بين المحرّم والمحلّل منها، فأوجب الزكاة في الأوّل، وقال بالقولين ۲۸ في الثاني ، ۲۹ وتمسّكوا بأخبار لو سلّمت لا تدلّ على مطلوبهم، مع أنّه ورد في أخبارهم عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس في الحليّ زكاة». ۳۰
وعن أبي زبير، قال : سألت جابر بن عبداللّه عن الحليّ فيه زكاة؟ قال : لا ، قلت : إنّ الحليّ يكون فيه ألف دينار ، وقال : إن كان فيه تُعار وتلبس. ۳۱
وعن أحمد أنّه قال : خمسة من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقولون ليس فيه زكاة، ۳۲ وهي تدلّ على عدم وجوب الزكاة فيه مطلقاً .
وقد حكي عن بعضهم أنّهم ضمّوا النقار إلى الدراهم ، والسبائك ۳۳ إلى الدنانير ، محتجّين بأنّ الزكاة تجب في قيمة العروض، فيجب فيهما أيضاً، ۳۴ وهو ضعفٌ في ضعف .

1.هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.

2.هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي.

3.اُنظر: مسالك الأفهام ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۲ ـ ۲۸۳.

4.عمدة القاري ، ج ۹ ، ص ۳۳؛ المغني لابن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۶ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۳ ، ص ۲۲۸؛ منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۴۹۴.

5.النهاية ، ص ۱۷۵.

6.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۸ ، بعد الحديث ۱۹.

7.الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۸ ، ذيل ح ۲۲.

8.جوابات المسائل الطبرية (رسائل المرتضى ، ج ۱ ، ص ۲۲۴) ، و الظاهر منه جوبه فيما إذا هرب بها من الزكاة.

9.المقنعة ، ص ۲۵۸.

10.المهذب ، ج ۱ ، ص ۱۶۸.

11.السرائر ، ج ۱ ، ص ۴۴۲.

12.المعتبر ، ج ۲ ، ص ۵۲۶ ، الخلاف ، ج ۲ ، ص ۸۷ ؛ المجموع للنووي ، ج ۶ ، ص ۶ ، جامع الخلاف و الوفاق ، ص ۱۳۵.

13.منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۴۹۵.

14.الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۲۰؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۱۵۸ ، ح ۱۱۷۳۵.

15.جمل العلم و العلم (رسائل المرتضى ، ج ۳ ، ص ۷۵)؛ الجمل و العقود (الرسائل العشر ، ص ۲۰۵).

16.فقه الرضا عليه السلام ، ص ۱۹۹.

17.المقنع ، ص ۱۶۳ ، ومثله في الفقيه ، ج ۲ ، ص ۱۵.

18.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج ۳، ص ۱۵۷.

19.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۹ ، ح ۲۴؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۲۱؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۱۶۲ ، ح ۱۱۷۴۷.

20.كذا ، والموجود في المصدر : «إن كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة ، و إن كان إنّما فعله ليتجمّل به فليس عليه زكاة» بدلاً من «لايسقط». و الحديث في تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۹ ، ح ۲۵؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۲۲؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۱۵۷ ، ح ۱۱۷۳۴.

21.اُضيف من المصدر.

22.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۱۰ ، ح ۲۷؛ الاستبصار ، ج ۲ ، ص ۸ ـ ۹ ، ح ۲۴؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۱۶۱ ، ح ۱۱۷۴۵.

23.منتهى المطلب ، ج ۱ ، ص ۴۹۹.

24.كذا في الأصل، و في المصدر: «للأخبار».

25.الانتصار ، ص ۲۱۹ ـ ۲۲۰.

26.المغني لابن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۷.

27.المغني لابن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۷ ؛ سنن الترمذي ، ج ۲ ، ص ۷۴، ذيل ح ۶۲۲ . وحكى في عمدة القاري، ج ۹، ص ۳۳، عن أنس.

28.هذا هو الظاهر، ونقل عنه قولان، وفي المصدر «بالقرائن» بدل «بالقولين».

29.منتهى المطلب، ج ۹، ص ۴۹۴؛ المجموع للنووي، ج ۶ ، ص ۳۵؛ روضة الطالبين، ج ۲، ص ۱۲۱ ـ ۱۲۲.

30.السنن الكبرى للترمذي ، ج ۴ ، ص ۱۳۸؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج ۴ ، ص ۸۲ ، ح ۷۰۴۷؛ سنن الدارقطني ، ج ۲ ، ص ۹۲ ، ح ۱۹۳۷.

31.المغني لابن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۷ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۱۹ ـ ۶۲۰ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۳ ، ص ۶۴ ، الباب ۴۵ من كتاب الزكاة ، ح ۵ ؛ المدوّنة الكبرى ، ح ۱ ، ص ۲۴۸.

32.المغني لابن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۶ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۶ .

33.النقار: مذاب الغضّة. و السبانك جمع سبيكة: القطعة المستطيلة من الذهب. المجموع للنووي ، ج ۱۴ ، ص ۳۶۱.

34.الخلاف ، ج ۲ ، ص۷۷ ، المسألة ۹۰؛ المجموع للنووي ، ج ۶ ، ص ۶ ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج ۲ ، ص ۵۳۴ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج ۲ ، ص ۶۰۵ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171391
صفحه از 550
پرینت  ارسال به