439
شرح فروع الکافي ج3

باب زكاة مال المملوك والمكاتب والمجنون

فيه مسائل :
الاُولى : زكاة مال المملوك. فمَن قال بعدم تملّكه قال بعدم وجوب الزكاة عليه؛ لاشتراطه الملك في وجوبها، وتمسّكوا هؤلاء على عدم تملّكه بقوله تعالى : «ضَرَبَاللّه ُ مَثَلاً عَبْدا مَمْلُوكا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ»۱«وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ» ، ۲ وقوله سبحانه : «هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ» . ۳
وفي المنتهى : «ولو ملّكه مولاه شيئاً لا يملكه؛ لأنّه مالٌ فلا يملك بالتمليك كالبهيمة ، قاله أصحابنا». ۴ وقد رجّح هذا القول.
وعلى هذا فهل تجب على مولاه؟ المشهور وجوبها عليه ۵ ؛ محتجّين بأنّه مالكٌ للمال متمكِّن من التصرّف فيه ، بل يد العبد كيده، لكنّ ظاهر حسنة ابن أبي عمير عن عبداللّه بن سنان، ۶ وصريح خبر محمّد بن خالد عنه ۷ عدمه ، سواء قلنا يملكه أم لا ، كما قال به الشهيد الثاني في شرح الشرائع ، ۸ ومن الأصحاب من قال بأنّه يملك فاضل الضريبة وأضرابها. ۹
واختلفوا هؤلاء في وجوبها عليه ، ففي الشرائع : «والمملوك لا تجب عليه الزكاة، سواء قلنا: إنّه يملك أو أحلنا ذلك». ۱۰ وهو المشهور بين الأصحاب؛ لاشتراط تماميّة الملك، وفقدها هنا؛ لكونه محجوراً عليه ممنوعاً من التصرّف بغير إذن من مولاه ، ولأنّه للمولى انتزاعه منه .
ويدلّ عليه الخبران المشار إليهما ، ومثلهما ما رواه الصدوق في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سأله رجل وأنا حاضر عن مال المملوك، أعليه زكاة؟ قال : «لا ، ولو كان ألف درهم». ۱۱
وحكى في الشرائع عن بعض قولاً بوجوبها عليه ، ۱۲ واحتجّ عليه بأنّه مالكٌ له أنواع التصرّف فيه . وهو كما ترى .
وبالجملة، فلا وجه لوجوبها عليه مطلقاً؛ لما عرفت من الأخبار المؤكّدة باشتراط الملك وتماميّتها في وجوبها .
وأمّا المولى فظاهر الأصحاب وجوبها عليه على القول بعدم ملك العبد ، وصرّح بذلك جماعة منهم الشيخ في الخلاف ۱۳ والعلّامة في المنتهي ۱۴ والمختلف ۱۵ وغيرهما، ۱۶ محتجّين بما ذكر، وكأنّهم خصّوا الخبرين بما إذا لم يعلم بماله المولى كما هو المتعارف من أحوال المماليك من إخفاء ما في أيديهم عن الموالي ، ويشعر به قوله عليه السلام : «إنّه لم يصل إلى سيّده»؛ لعدم تمكّنه من التصرّف فيه حينئذٍ .
وقد وقع هذا الخلاف عند العامّة ؛ ففي الخلاف :
وقال الشافعي في الجديد : لا يملك العبد وزكاته على سيّده كما قلناه ، وبه قال أبو حنيفة، وفي القديم يملك، وبه قال مالك. ۱۷ وعلى هذا قال: لا تلزم الزكاة في هذا المال . ـ ثمّ قال : ـ دليلنا إجماع الفرقة على أنّ العبد لا يملك ، فإذا ثبت ذلك فالمال للسيّد، فتلزمه زكاته أيضاً بلا خلاف بين أصحابنا في أنّ مَن باع مملوكه وله مال أنّه إن علم ذلك كان ماله للمشتري وإن لم يعلم كان للبائع ، فلولا أنّه ملكه لا يملك المشتري ذلك مع علمه ولا جاز له أخذه إذا لم يعلمه. ۱۸
انتهى، فتأمّل فيه .
الثانية : زكاة مال المكاتب . أمّا المشروط والمطلق الذي لم يتحرّر منه شيء فبحكم القنّ ، وقد عرفت حال ماله .
وأمّا المطلق الذي تحرّر منه شيء فقد اشتهر بين الأصحاب وجوب الزكاة في نصيبه إذا تحقّق شرائطها؛ لعموم ما دلّ على وجوب الزكاة على الحرّ وخصّوا المكاتب في خبر[أبي] البختري ۱۹ بما لم يتحرّر منه شيء مع ضعفه جدّاً ؛ فإنّ أبا البختري هذا هو وهب بن وهب بن كثير بن زمعة بن الأسود بن المطّلب عبد العزّى، وهو كان عامّياً كذّاباً مذموماً في أخبار متعدّدة على ما يظهر من رجال الشيخ ۲۰ والكشي ۲۱ والغضائري ۲۲ والفهرست ۲۳ والخلاصة ، ۲۴ وذهب إلى نفي الوجوب عنه مطلقاً علماء العامّة كافّة إلّا أبا ثور ۲۵ ؛ لعموم المكاتب بما نقلوا عن ابن عمر وجابر أنّهما قالا : لا زكاة في مال المكاتب. ۲۶
والثالثة : زكاة مال المجنون. وقد سبق، وكان الأولى اقترانه باليتيم .

1.النحل(۱۶) : ۷۵ .

2.النحل(۱۶) : ۷۶ .

3.الروم(۳۰) : ۲۸ .

4.منتهى المطلب ، ج۱ ، ص۴۷۳.

5.اُنظر: المعتبر ، ج۲ ، ص ۴۸۹؛ تذكرة الفقهاء ، ج۵ ، ص ۳۶۸ ؛ تحرير الأحكام ، ج۱ ، ص ۳۴۸.

6.هو الحديث الأوّل من هذا الباب.

7.كذا بالأصل ، و الظاهر أنّ محمد بن خالد مصحّف عن محمّد بن أبي حمزة ، و خبره هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ فإنّه صريح في نفي الزكاة عن المملوك.

8.مسالك الأفهام ، ج۱ ، ص ۳۵۸.

9.اُنظر: منتهى المطلب ، ج۱ ، ص ۴۷۲.

10.شرائع الإسلام ، ج۱ ، ص ۱۰۵.

11.الفقيه ، ج۲ ، ص ۳۶ ، ح ۱۶۳۴.

12.شرائع الإسلام ، ج۱ ، ص ۱۰۵.

13.الخلاف ، ج۲ ، ص ۴۲ ـ ۴۳ ، المسألة ۴۵.

14.منتهى المطلب ، ج۱ ، ص ۴۷۲ ـ ۴۷۳.

15.مختلف الشيعة، ج۳، ص ۱۵۶.

16.قواعد الأحكام ، ج۱ ، ص۳۳۰.

17.اُنظر: المجموع للنووي ، ج۱۴ ، ص ۷۹۷؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج۲ ، ص ۴۹۴؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج۲ ، ص۴۳۸؛ فتح العزيز ، ج۵ ، ص ۵۱۹ ؛ المدوّنة الكبرى ، ج۱ ، ص ۲۴۸؛ المحلّي ، ج۵ ، ص ۲۰۲؛ بداية المجتهد ، ج۱ ، ص ۱۹۷.

18.الخلاف ، ج۲ ، ص ۴۳.

19.هو الحديث الرابع من هذا الباب.

20.رجال الشيخ، ص ۳۱۷، الرقم ۴۷۲۴، و لم يذكر فيه مدح و لاذمّ، نعم ذكره النجاشي في رجاله، ص ۴۳۰، الرقم ۱۱۵۵ و اتّصفه بالكذب.

21.اختيار معرفة الرجال ، ج۲ ، ص۵۹۷ ، الرقم ۵۵۸ .

22.رجال ابن الغضائري ، ص ۱۰۰ ، الرقم ۱۵۱.

23.الفهرست ، ص ۲۵۶ ، الرقم ۷۷۹.

24.خلاصة الأقوال ، ص ۴۱۴ ، الفصل ۲۴.

25.الخلاف ، ج۲ ، ص ۴۱؛ المجموع للنووي ، ج۵ ، ص ۳۳۰؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج۲ ، ص ۴۹۵؛ الشرح الكبير ، ج۲ ، ص ۴۳۷؛ المحلّى ، ج۵ ، ص ۲۰۳؛ بداية المجتهد ، ج۱ ، ص ۱۹۷؛ الفتوحات المكيّة ، ج۱ ، ص ۵۵۴ .

26.السنن الكبرى للبيهقي ، ج۴ ، ص ۱۰۹؛ معرفة السنن و الآثار ، ج۳ ، ص ۲۵۰؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج۴ ، ص ۷۱ ، ح ۷۰۰۴؛ سنن الدارقطني ، ج۲ ، ص ۹۳ ، ح ۱۹۴۱؛ كنزالعمّال ، ج۶ ، ص ۳۲۳ ، ح ۱۵۸۵۸.


شرح فروع الکافي ج3
438
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171423
صفحه از 550
پرینت  ارسال به