453
شرح فروع الکافي ج3

شرح فروع الکافي ج3
452

باب الزكاة لاتعطى غير أهل الولاية

لقد أجمع الأصحاب على اعتبار الإيمان، أعني القول بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام في المستحقّين مع وجود المؤمن سوى المؤلّفة ۱ ؛ لأنّ الإمامة من اُصول الدِّين وقد علم ضرورة في الملّة الحقّة بثبوتها عن النبيّ صلى الله عليه و آله فجاحدها لا يكون مصدّقاً للرسول صلى الله عليه و آله بجميع ما جاء به، فيكون كافراً.
ويدلّ على كفر المخالف الأخبار المتواترة معنىً، ولذا حكم جماعة ـ منهم الشيخان ۲ وابن إدريس قدس سرهم ۳ ـ بعدم جواز غسل موتاهم وكفنهم ودفنهم إلّا للتقيّة، والكافر خارج عن المستحقّ غير المؤلّفة، وللأخبار التي ذكرها المصنّف قدس سره هنا وفي باب تفضيل القرابة في الزكاة، ولما رواه الشيخ عن زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام أنّهما قالا: «الزكاة لأهل الولاية قد بيّن اللّه لكم موضعها في كتابه». ۴
وعن إبراهيم الأوسي عن الرضا عليه السلام قال: «سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوماً فأتاه رجل فقال: إنّي رجلٌ من أهل الري ولي زكاة، فإلى مَن أدفعها؟ فقال: إلينا. فقال: أليس الصدقة محرّمة عليكم؟ فقال: بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا، فقال: إنّي لا أعرف لها أحداً. فقال: فانتظر بها سنة. قال: إن لم أصب لها أحداً؟ قال: انتظر بها سنتين حتّى بلغ أربع سنين، ثمّ قال له: إن لم تصب لها أحدا فصُرَّها صراراً واطرحها في البحر، فإنّ اللّه عزّ وجلّ حرّم أموالنا وأموال شيعتنا على عدوّنا». ۵
وعن عليّ بن بلال قال: كتبت إليه أسأله، هل يجوز أن أدفع زكاة المال والصدقة إلى محتاج غير أصحابي؟ فكتب: «لا تعط الصدقة والزكاة إلّا أصحابك». ۶
وعن عمر بن يزيد، قال: سألته عن الصدقة على النصّاب وعلى الزيديّة، فقال: «لا تصدّق عليهم بشيء ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال: الزيديّة هم النصّاب». ۷
وعن عبداللّه بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : جُعلت فداك، ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال: فقال: «هي لأصحابك»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قلت: فيعطى السؤال منها شيئاً؟ قال: فقال: «لا واللّه إلّا التراب، إلّا أن ترحمه، فإن رحمته فأعطه كسرة»، ثمّ أومى بيده فوضع إبهامه على اُصول أصابعه. ۸
وأمّا مع فقد المؤمن فقد قال في المنتهى: «ولو لم يوجد المؤمن هل تصرف إلى غيرهم؟ فيه قولان، أصحّهما المنع». ۹ وظاهره وقوع القول من الأصحاب بجواز دفعها إلى المستضعف ومخالفي الحقّ مع فقد المؤمن.
ولم أرَ تصريحاً من القول به في كلام أحدٍ منهم، وينفيه بعض ما تقدّم من الأخبار.
وعلى تقدير وقوع ذلك القول لعلّه تمسّك برواية يعقوب بن شعيب، عن العبد الصالح عليه السلام قال: إذا لم يجد [من يحملها إليهم قال: «ي] دفعها إلى من [لا]ينصب»، ۱۰ وهي مطرحة للضعيف ومخالفتها للأخبار الكثيرة.
والمشهور أنّه لا فرق في ذلك بين زكاة المال وزكاة الفطرة، ذهب إليه شيخنا المفيد، ۱۱ والسيّد المرتضى ۱۲ وابن الجنيد ۱۳ وابن إدريس ۱۴ رضي اللّه عنهم؛ لقوله عليه السلام في صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري: «ولا زكاة الفطرة»، ۱۵ وغير ذلك ممّا يأتي مع الأخبار المعارضة الدالّة على جواز دفع الفطرة إلى المستضعف مع فقد المؤمن في موضعها، وقد عمل بها الشيخ ۱۶ وأتباعه وجوّزوا ذلك في زكاة الفطرة مع عدم المؤمن؛ للجمع بين الأخبار.
وربّما جمع بينها أيضاً بحمل الأخبار الثانية على التقيّة، ويجيء تفصيل القول فيه في محلّه.
ويتفرّع على ذلك وجوب الإعادة على مَن أعطى غير المؤمن علماً بأنّه غير مؤمن، كما يدلّ عليه الأخبار، وأمّا لو أعطاه ظانّاً إيمانه فقد سبق القول فيه، وقد اعتبر بعض الأصحاب العدالة فيهم محتجّاً بما رواه المصنّف عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن داود الصرمي قال: سألته عن شارب الخمر يُعطى من الزكاة شيئاً؟ قال: «لا». ۱۷
واُيّد بأنّه إعانة على الإثم والعدوان، وقد ورد النهي عنها بقوله تعالى: «وَلَا تَعَاوَنُواعَلَى الْاءِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» ، ۱۸ وموادّة له وقد قال تعالى: «لَا تَجِدُ قَوْما يُؤْمِنُونَ بِاللّه ِ وَالْيَوْمِ الْاخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّه َ وَرَسُولَهُ» ، ۱۹ وركون إليه وقد قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ» . ۲۰
وأنت خبير بأنّ قياس باقي الكبائر مثل شرب الخمر قياس مع الفارق؛ إذ هو جمّاع الآثام واُمّ الخبائث مع ضعف سند الأصل؛ لجهالة حال داود وإضماره، وإنّما يكون إعطاء الزكاة إعانة على الإثم لو صرفها فيه، بل لو علم أنّه ليصرفها فيه لا مطلقاً، ۲۱
ودخول الفسّاق من الشيعة تحت الآيتين الأخيرتين ممنوع، بل الظاهر منهما الكفّار، ولكن الأحوط منعهم عنها.
قوله في حسنة ابن أبي عمير: (في بعض هذه الأهواء الحروريّة) . [ح1/5899] يفهم من عدم التعليل وجوب الإعادة عليه لو كان المعطى مؤمناً، وهو كذلك.

1.اُنظر: فقه الرضا عليه السلام ، ص ۱۹۹؛ المقنع، ص ۱۶۵؛ المقنعة ، ص ۲۴۲؛ الخلاف ، ج ۱ ، ص ۲۲۴ ، المسألة ۳؛ الاقتصاد للشيخ الطوسي ، ص ۲۸۲؛ شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۱۳۲؛ المعتبر ، ج ۲ ، ص ۵۸۰ ؛ الرسائل التسع للمحقق الحلّي ، ص ۲۰۷؛ تحريرالأحكام ، ج۱ ، ص ۴۱۰؛ تذكرة الفقهاء ، ج ۵ ، ص ۲۶۳؛ الدروس الشرعيّة ، ج ۱ ، ص ۲۴۲ ، الدرس ۶۵ .

2.ذهبه إليه المفيد في المقنعة ، ص ۸۵ ؛ والطوسي في النهاية ، ص ۴۳؛ و تهذيب الأحكام ، ج۱ ، ص ۳۳۵ ، بعد ح ۹۸۱؛ والمبسوط ، ج۱ ، ص ۱۸۱.

3.السرائر ، ج ۱ ، ص ۱۵۸ و ۳۵۶.

4.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۵۲ ، ح ۱۳۵؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۴ ، ح ۱۱۸۸۸.

5.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۵۲ـ۵۳ ، ح ۱۳۹؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۳ ، ح ۱۱۸۸۷.

6.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۵۳ ، ح ۱۴۰؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۲ ، ح ۱۱۸۸۳.

7.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۵۳ ، ح ۱۴۱؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۲ ، ح ۱۱۸۸۴.

8.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۵۳ ، ح ۱۴۲؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۲ـ۲۲۳ ، ح۱۱۸۸۵.

9.منتهى المطلب ، ج۱ ، ص ۵۲۳ .

10.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۴۶ ، ح ۱۲۱؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۳ ، ح ۱۱۸۸۶.

11.المقنعة ، ص ۲۴۲.

12.الانتصار ، ص ۲۲۸؛ رسائل المرتضى ، ج۱ ، ص۲۸۹.

13.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج۳ ، ص ۳۰۷.

14.السرائر ، ج۱ ، ص ۴۷۱.

15.هو الحديث السادس من هذا لباب من الكافي؛ المقنعة ، ص ۲۴۲؛ تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۵۲ ، ح ۱۳۷؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱۱۸۸۰.

16.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۲۴۲؛ النهاية ، ص ۱۹۲.

17.الكافي ، باب من يحلّ له أن يأخذ الزكاة و من لا يحلّ له ، ح ۱۵؛ وسائل الشيعة ، ج ۹ ، ص ۲۴۹ ، ح ۱۱۹۴۷.

18.المائدة(۵): ۲.

19.المجادلة(۵۸): ۲۲.

20.هود(۱۱): ۱۱۳.

21.اُنظر: معجم رجال الحديث ، ج۷ ، ص ۱۲۸ ، الرقم ۴۴۲۲.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171379
صفحه از 550
پرینت  ارسال به